التطور الاستراتيجى الخطير الذى حدث منذ عزل محمد مرسى وجماعة الإخوان عن السلطة فى مصر فى 3 يوليو 2013 هو أنه لم يعد هناك فارق كبير ــ لدى كثيرين ــ بين جماعة الإخوان وبين التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والتكفيرية الأخرى.
لست مهتما فى هذه السطور السريعة أن أصدر حكما على جماعة الإخوان.. هل هى إرهابية أم لا، فلا أملك وثائق دامغة تؤكد إرهابيتها، كما أن سلوكها الراهن ينفى عنها سلميتها.
حتى سقوط الإخوان كانت هناك إشارات كثيرة تقول إن هناك حدا فاصلا ــ حتى لو كان وهميا ــ بين الجماعة وبين التنظيمات التكفيرية، لكن منذ أعلن القيادى بالجماعة محمد البلتاجى الربط بين عودة محمد مرسى ووقف الإرهاب فى سيناء، فقد بدأ البعض يربط بين الإخوان والجماعات الإرهابية المختلفة فى مصر والمنطقة.
بعد أقل من 48 ساعة من عزل مرسى بدأ الإرهابيون يهاجمون منشآت الدولة فى سيناء بالأسلحة الثقيلة، وحتى هذه اللحظة فإن الإرهاب تطور من مهاجمة أجهزة الأمن إلى استهداف محطات الكهرباء والمياه والصرف الصحى وقطع الطرق والمواصلات.
يقول الإخوان دائما إنهم سلميون وليسوا مسئولين عن الأعمال الإرهابية التى يرتكبها غيرهم، وقد يقنع ذلك بعض السذج و«من فى قلوبهم هوى»، لكن سياسيا وعمليا فإن المستفيد الأول من الأعمال الإرهابية الجارية فى مصر هو الإخوان.
سنفترض جدلا أن الإخوان لم يرتكبوا أى عمل إرهابى، لكنهم لا يدركون أن غالبية المواطنين هو أن الإخوان وراء غالبية الأعمال الإرهابية.
وبالتالى على الاخوان ان يراجعوا انفسهم.
عندما يدعو الإخوان أنصارهم للعصيان المدنى، وعندما يقولون إنهم سيصيبون الدولة وأجهزتها بالإنهاك حتى تسقط، وعندما يكون هدف مظاهراتهم الرئيسى فى الأيام الأخيرة هو قطع الطرق، فإنه ليس صدفة أن يؤمن غالبية المصريين بأن الإخوان هم السبب فى كل مصائب مصر، حتى لو كان هذا الأمر ليس دقيقا.
عندما تطالب بيانات الجماعة أنصارها فى المظاهرات بحماية المتظاهرين، فهو أمر يدعو عمليا إلى الإرهاب ويشجعه.
خروج المسيرات غير قانونى ــ حتى لو كان القانون مختلفا عليه وسيئ الذكر ــ لكن فى اللحظة التى أدعو فيه أنصارى لاستخدام العنف ضد آخرين حتى لو كانوا بلطجية، فإننى أعلن عمليا سحب اعترافى بكل أجهزة الدولة، وتلك هى الخطوة الأولى فى الصراعات الأهلية.
وعندما يخرج بعض أنصار الجماعة ورموزهما من لتمجيد الأعمال الإرهابية والشماتة فى الضحايا من رجال الشرطة والجيش، فإن ذلك يعزز الصورة التى تربط بين الجماعة والعنف.
عندما يحمل بعض أنصار الجماعة الأسلحة فى المظاهرات حتى لو كانت خرطوش فهى إشارة على أن الجماعة قررت تطليق السلمية.
عندما تنفجر مزرعة يملكها إخوانى معروف فى الفيوم وبها متفجرات ومولوتوف فذلك يعزز الرواية التى تقول إن الجماعة تنجرف رويدا رويدا نحو العنف.
على جماعة الإخوان أن تلوم نفسها فقط، وهى ترى تزايد أعداد الذين يربطون بينها وبين العنف والإرهاب، لأن كل سلوكياتها وأفعالها وصدامها مع المواطين فى الشارع يشير إلى عكس ما تقوله فى بياناتها.
على جماعة الإخوان ان تدقق فى سلوكياتها وتراجع نتائج أفعالها. لأن خلاصة ما تفعله هو أما أنها تمارس الإرهاب وتنكر، أو أنها من السذاجة أنها لا تفعل ذلك لكن سلوكها المعلن يدفع الناس إلى تصديق أنها تفعل ذلك.