لا نستطيع إلا أن نفرح ونتهلل من أجل شبه جزيرة سيناء هذه البقعة الآسيوية الغالية التى روتها دماء شهدائنا على مر التاريخ والتى وطئتها أقدام الأنبياء على سبيل المثال الأنبياء إبراهيم ويوسف وإيليا وغيرهم ثم هجرة السيد المسيح وعائلته إلى مصر من خلال بوابة سيناء حيث منها أتى ومنها ذهب عائدا إلى الناصرة حيث تربى وفى الثلاثين من العمر بدأ رسالته.
اهتم الرئيس الراحل أنور السادات بسيناء خاصة بعد حرب أكتوبر المجيدة، وبدأت المشروعات السياحية والصناعية والزراعية والأنفاق والكبارى واستكملت الحكومات المتعاقبة هذه المشاريع بعد أن كانت سيناء «أرضا منسية» إذا جاز الوصف.
والآن أصبح الاهتمام كبيرا جدا بسيناء خاصة الطرق التى هى شرايين الحياة ولم تعد سيناء منسية ولكن حاضرة فى فكر الدولة وتخطيطها وها هو النفق الثانى للشهيد أحمد حمدى الذى افتتحه السيد الرئيس منذ عدة أيام يضيف الارتباط والترابط مع الأرض الأم إضافة لمشاريع تنموية كبيرة وكثيرة.
لا يخفى أن حجم شبكة الطرق القومية الجديدة التى أنشئت فى مصر فى السنوات القليلة الماضية بلغ نحو 12 ألف كيلو متر وبجودة كبيرة كما أضيفت إلى ما كان موجودا من قبل، والذى يجرى تطويره هو الآخر ورفع كفاءته.
إننا هنا نتحدث عن أرقام غير مسبوقة، والتى سوف تؤتى ثمارها العديدة على المدى القريب. ويعرف المتخصصون فى التنمية أنه لا تنمية بدون جذب الاستثمارات الخارجية، كما يعرفون أن أى مستثمر أجنبى لن يذهب إلى دولة ليست بها شبكة قومية للطرق تتمتع بالسيولة والسلامة والانضباط، فالصادرات خاصة المحاصيل الزراعية يجب أن تصل إلى الموانئ ومنها إلى الدول المستوردة لها فى أقرب وقت وغيرها من الأسباب.
وسيناء هى أرض واعدة وقادرة على اجتذاب آلاف المشروعات، وآلاف المستثمرين مصريون وأجانب، والسرعة والدقة هما أهم أسباب النجاح، وعلى سبيل المثال فإنه تم تنفيذ عدد من المشروعات فى سيناء بإجمالى تكلفة بلغت 486 مليار جنيه، ويجرى حاليا تنفيذ 110 مشاريع أخرى بتكلفة 206 مليارات جنيه. ومن بين تلك المشروعات العملاقة تم الانتهاء من تنفيذ 25 طريقا. وبطبيعة الحال فإن نفق الشهيد أحمد حمدى (2) سوف يخفف الضغط على نفق الشهيد أحمد حمدى (1) من حيث نقل الأفراد ومستلزمات الإنتاج والاستثمار من الدلتا إلى شبه جزيرة سيناء والعكس.
ولقد ظللنا نحن المصريين نحلم لمئات السنين بضرورة ربط سيناء ببقية أرض الوطن. وها هو الحلم يتحقق، حيث إن هذا النفق العملاق يتوج منظومة هائلة لتحقيق هذا الربط المنشود. وقبل سنوات كانت رحلة عبور المواطنين من ضفة قناة السويس إلى ضفتها الأخرى للوصول إلى سيناء تستغرق وقتا طويلا جدا، وجهدا فائقا، أما اليوم، وبعد إنشاء هذه الأنفاق، فقد انخفض وقت العبور بشكل كبير، مما يسمح بتدفق حركة نقل الأفراد والسلع المتجهة إلى سيناء.
أن سيناء فى انتظار كل المصريين ليسكنوها ويعملوا بها ويمسحون دموع الحزن من عينيها بعد أن آلمها الإرهاب ولن تمسح هذه الدمعة إلا العمل الجاد والاستثمار والتنمية فيها.