مبروم على مبروم - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:38 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مبروم على مبروم

نشر فى : الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 9:57 ص | آخر تحديث : الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 9:57 ص

 طبعًا «ما يلفّش»بدهاء شعبى أصيل، أيقن وزير المالية، أن ميراث المصريين من الفهلوة، سيتغلب حتما على أى إمكانية لتطبيق الضريبة التصاعدية، التى ينادى بها البعض، تشبها بما يجرى فى بلاد الأمريكان، وقد فات هؤلاء ــ وهو ما فطن إليه بالطبع وزيرنا اللبيب ــ أن مصر ليست أمريكا، والمصريين ليسوا الأمريكان، فأبناء العم سام، يحتاجون إلى عدة آلاف من السنين، وعدة مئات من الحكام الفراعنة، كى يصلوا إلى ما وصلنا إليه من فنون الفكاكة والمداورة، ودروب الحداقة والمناورة، التى توارثناها جيلا بعد جيل.

رد الجابى الأعظم على المطالبين بالضريبة، بأنها ستدخل خزينة الدولة 750 مليون جنيه، لكنها ستحرمها من خمسة مليارات «لأن أصحاب الدخول المرتفعة ورجال الأعمال هم أكثر من يعرفون التهرب من هذه الضريبة».

كما ترى فإن موقف الوزير ليس موجها تجاه العوام، فالضريبة التصاعدية تتوجّه بالأساس لرجال الأعمال وأصحاب الدخول المرتفعة، وبرغم كونهم أثرياء، فإنهم مصريون، تتحكم بهم الجينات ذاتها، وتجرى الفهلوة والحداقة فى شرايينهم مجرى الدم.

وليس بعيدا عن موقف الوزير تجاه رجال أعماله، موقف الحزب الحاكم تجاه أعضائه، فقد قررت قيادات الحزب أن تبقى أسماء المرشحين سرا حتى اللحظات الأخيرة، كى تفوّت على المستبعدين منهم فرصة «مكايدتها»، ونزول الانتخابات كمستقلين، وهو ما جرى فى الانتخابات الماضية، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، والحزب الحاكم ــ كما تعلم وأعلم ــ هو حزب المؤمنين الموحدين التقاة الثقات.

المناورات بين الدولة وموظفيها تعطينا دلالات إضافية: تشغّلهم الحكومة بأجور لا تكفيهم «عيش حاف»، فيعوضونها بالرشاوى والإكراميات والنفحات، ويتظاهرون بالعمل، وهم فى الحقيقة يعرقلون خططها كى يشمتوا فيها ويعجلوا بسقوطها.


كيف يمكن أن تستقيم الحياة بين شعب وحكومة يعيشان تحت سقف وطن واحد، وبينهما هذا القدر من الريبة والشك وسوء الظن؟ كيف يمكن أن يتعايش زوجان يخفى كل منهما سكينا تحت ملابسه كى يطعن «غريمه» فى لحظة العناق؟ كيف يمكن أن يترافق شريكان على درب، وقد أخفى كل منهما عن صاحبه نواياه وهواجسه؟

كيف يمكن أن تتولد الثقة بين الحاكم والرعية، وكلاهما ينظر للآخر بعين نصف مغمضة ولسان حاله يقول: مبروم على مبروم مايلفّش.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات