متى نستورد تعليمًا؟ - ايمان رسلان - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 8:09 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

متى نستورد تعليمًا؟

نشر فى : الأحد 26 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 26 مايو 2013 - 8:00 ص

إلغاء الصف السادس الابتدائى ثم عودة الصف السادس...

 

تطبيق التحسين فى الثانوية العامة ثم إلغاء التحسين...

 

 الثانوية العامة على عامين بدلا من عام واحد ثم إلغاء ذلك والعودة لنظام العام الواحد...

 

والآن تخرج علينا وزارة التعليم بقرار جديد بإلغاء الامتحان العام للابتدائية واعتبارها سنة نقل وليست شهادة، وتم استحداث مبرر جديد لذلك ألا وهو التوفير المالى الذى تستنزفه أعمال الامتحانات والتصحيح والمراقبة. وأيا كان المبرر صحيحا  أم خطأ، أوأن يكون الأفضل أن ينتقل الطالب من الصف السادس إلى السابع بدون امتحان عام والاكتفاء فقط  بإمتحان نقل عادى داخل الفصل إسوة بالدول المتقدمة!! أوأن ذلك سيؤدى إلى نتائج إيجابية لاسيما الحد من أعداد المتسربين إلى سوق العمل أو الإرتداد إلى الأمية مرة اخرى على أساس أن كثيرين -خاصة بالريف- كانوا يكتفون بالدراسة حتى الصف السادس باعتبارهم حصلوا على الشهادة الابتدائية، أما الآن فسوف تمتد سنوات التعلم إجباريا حتى الصف التاسع أى الشهادة الإعدادية. ونورد هنا ملاحظة مهمة لم تذكرها التبريرات السابقة ألا وهى أن نسبة من يجيد القراءة والكتابة من خريجى هذه المرحلة لا يتجاوز 20% من الطلاب فهل سيساهم القرار فى علاجها أم سيؤدى إلى تفاقمها؟

 

ورغم كل التبريرات يبقى السؤال مطروحا كما هو، هل هذا التعديل يكفى؟ أم أن الأمر يستلزم نظرة شاملة وتعديلا جذريا لنظام التعليم بدلا من عمليات الترقيع التى تجرى كل فترة حتى أصبحت الأسرة المصرية هى الضحية، وتحول طلابنا إلى فئران تجارب لمسئولى التعليم. ومن هنا أطرح مبادرة وإقتراحا لعلهما يجدان الطريق للتطبيق أسوة بالتجارب السابقة.

 

●●●

 

الاقتراح هو لماذا لا نستورد نظاما تعليميا متكاملا بشحمه ولحمه من الدول المتقدمة بدلا من العبث فى النظام التعليمى حتى أصبح لدينا نظام جديد مع كل تعديل وزارى، والمحصلة أخشى أن أقول إنها تدنت لدرجة تحت الصفر. قد يبدو الاقتراح للبعض أنه من باب السخرية أو الهزل مما حدث ويحدث فى المؤسسات التعليمية على مدى السنوات السابقة، ولكننى جادة جدا بل وسوف أتقدم بأسباب اقتراحى حول ضرورة استيراد نظام تعليمى متكامل.

 

   وأول هذه الاسباب أن الاستيراد بابه مفتوح، بل وتشجع الدولة عليه، يضاف إلى ذلك أن الاستيراد سيتم على طريقة تسليم المفتاح وفق ضوابط وشروط محددة منها أنه لابد أن يكون هذا النظام قد سبق تجربته ونجاحه فى عدد من البلدان، وأنه أثبت أنه يعمل بكفاءة برغم أى تغيير قد يحدث لوزراء التعليم... أى نظام أصلى وارد بلاده وليس تقليدا، ويفضل فى الحالة المصرية أن يكون من نظم التعليم الأجنبية الدولية المنتشرة فى مصر الآن،
وبهذا سوف تنحصر المنافسة بين الدول الأوروبية خاصة انجلترا وفرنسا وألمانيا إلى جانب الولايات المتحدة الامريكية، وربما تركيا على اعتبار انها قد افتتحت مؤخرا مدرسة دولية، ولكنى أفضل استبعادها مؤقتا من مناقصة التطبيق نظرًا لحداثة تجربتها وعدم توغلها بعد فى البيئة التعليمية المصرية. وكذلك اتحفظ على التجربة الامريكية، وذلك ليس موقفا من هذه الدولة التى تنتشر مدارسها الآن فى مصر انتشار النار فى الهشيم، ولكن لأن استيراد التجربة كان ناقصا بل ومشوها لأن قطاعنا الخاص استورد فقط الكتب ونظام أعمال السنة ولم يستورد النظام متكاملا (أى مدرسين ومعامل والأهم أوفلنقل جوهر النظام التعليم الامريكى وهو الحوار والمناقشة واكتشاف المواهب) كل ذلك لم يتم استيراده مع النظام ومن هنا أصبح التعليم الأمريكى فى مصر مجرد باب لإجادة اللغة وبوابة خلفية للحصول على الدرجات والنجاح ثم الالتحاق بالجامعات. والمفارقة هنا أن وزارة التعليم توسعت هذا العام فى إعطاء تراخيص جديدة لتدريس هذا النظام ولم تضع معه أى ضوابط للتشغيل، وأصبح هذا النوع من التعليم سبوبة وبوابة «على بابا» لتحقيق مكاسب خرافية، حتى أن مسوغات العمل فى هذه المدارس أصبحت متاحه للأجانب لزوم الواجهة لجذب الزبائن ولايشترط التخصص الدقيق أو المؤهل التربوى وهو بالتأكيد ما لا يحدث فى الولايات المتحدة الامريكية.

 

إذن لم يتبق أمامنا غير تجارب الدول الأوروبية وهى جيدة وقد سبق تجربة تطبيق النظام الإنجليزى ليس أيام الاحتلال وإنما فى التسعينيات فى مرحلة الثانوية فقط، وحينما اكتشفوا أن النظام يحسن من فرص التعلم واتاحة الفرص للفقراء لدخول الجامعات تم إلغاء النظام فورا وهو ما كان يعرف «بنظام التحسين». لذلك لا أتوقع الحماس لتطبيق النظام ككل فى ظل استمرار نفس المعطيات، وبذلك لا يكون امامنا سوى إما النظام الفرنسى أوالألمانى وكلاهما جيد وصالح للتطبيق إذا توفرت بالفعل النوايا والإرادة الحقيقية لإنقاذ التعليم المصرى.

 

●●●

 

ومن فوائد الاقتراح باستيراد نظام تعليمى أنه سوف يوفر أموالا لخزانة وزارة التعليم يتماشى مع سياستها الحالية وهى التوفير المالى، لأن الوزارة سوف توفر بند اللجان واللجان المنبثقة لتطوير المناهج، وكذلك المناقصه السنويه لتأليف الكتب المدرسية التى نعرف جميعا مصيرها كل عام، وكذلك سيتم رحمة الطلاب وأولياء أمورهم من المناهج الحالية وفك شفرة المقصود منها الاستعانة بصديق للقضاء على الملل والغرابة وهو بالطبع «المدرس الخصوصى». يضاف إلى ذلك أن الدولة تشجع المستثمرين على إنشاء المزيد والمزيد من هذه المدارس الدولية ومن كافة دول العالم وبجميع اللغات ــ مع ملاحظة أن الدول الآسيوية لم تدخل السوق التعليمية بعد ــ وهو لا غبار عليه طالما هناك طلب ملح من هذه الشريحة الاجتماعية القادرة على الدفع. وبذلك سنجد أن الدعم وموازنات التعليم سوف تذهب إلى مستحقيها بالفعل أى إلى الفقراء على عكس بنود الدعم الاخرى فى الموازنة العامة للدولة، ولأن لغة الأرقام تقول أن الأغنياء والطبقة المتوسطة العليا هربت إلى التعليم الأجنبى منذ سنوات والعدد فى ازدياد. فقد بدأ العدد بمدرسة واحدة فى التسعينيات عقب غزو الكويت وارتفعت الآن لتصل إلى ما يقرب من 300 مدرسة، كما تم خلال الشهور الماضية الموافقة على 5 مدارس تحت إسم مدارس دولية إسلامية!

 

أما أهم الأسباب التى تجعلنى مهتمة بمشروع الاستيراد هو أنه سوف يحقق المساواة الفعلية بين كل طلاب مصر بمعنى حصول فقراء مصر وأيضا الطبقة المتوسطة على حقها فى التعليم والمناهج المحترمة أسوة بالأغنياء الذين يتعلمون بالفعل بأموالهم فى مدارس محترمة ومن خلال مناهج حقيقية تساعد على حب التعلم وليس النفور منه وتساعد على التفكير وإعمال العقل بدلا من منظومة الفساد العقلى والعلمى التى تعتمد على ثنائية الحفظ والتلقين.

 

●●●

 

وبتطيق هذا المقترح سوف تتحقق لأول مرة وحدة المناهج التعليمية لجميع المصريين على اختلاف طبقاتهم أسوة بكل دول العالم بدلا من الكرنفال الحالى من مدارس للفقراء جدًا ومدارس للفقراء بشرطة ومدارس تجريبية وتجريبية بشرطة ومتميز ومتميز بشرطة ودولى ونصف دولى ودولى أسلامى وأزهرى وأزهرى بشرطة وأزهرى باللغات!

 

 ونحن نعلم ان كل هذه التصنيفات والأسماء السبب فيها هو عجز الدولة عن تمويل التعليم بشكل محترم ومستمر منذ السبعينات وحتى الان، مما خلق هذا التشوه التعليمى الذى بدلا من علاجه نقضى عليه تماما بهذه التعديلات المتتالية ومع كل مسئول جديد.

 

 ويصبح الحل الأمثل الذى لن يكلفنا مليمًا أو يفتح الباب للصراعات الأيديولوجية خاصة بعد الموافقة على فتح مدارس أجنبية إسلامية هو استيراد نظام تعليمى بشحم بلاده ولن نختلف على التفاصيل لأن الجميع استورد بالفعل تعليمًا أجنبيا أيًا كان المسمى دوليا إسلاميا أو دوليا فقط.

 

 

 

صحفية متخصصة فى التعليم

ايمان رسلان صحفية متخصصة في التعليم
التعليقات