أردوغان فى حالة غضب لا يوصف تجاه بشار الأسد وربما تتدخل تركيا عسكريا فى سوريا فى الأيام المقبلة فالبعض يعتبر أن الأمر أصبح شبه حتمى والسؤال المطروح هو شكل وعمق العملية العسكرية التى قد تقوم بها انقرة.
كانت تركيا قد فتحت حدودها للاجئين السوريين الفارين من الوحش الأمنى للنظام منذ اليوم الأول واقامت لهم مخيمات فى المنطقة الحدودية التى تحولت إلى بلدة خلال أيام. ومنعت السلطات التركية اللاجئين من التحدث إلى الصحافة فى بداية الأمر وكان ذلك فى الوقت الذى يحاول فيه القادة الاتراك إقناع الرئيس السورى بالقيام بخطوات فورية من أجل اصلاح جذرى تقتنع المعارضة والعالم بجديته. فيبدو مثلا ان تركيا هى التى كانت وراء اعلان رجل الاعمال ورمز الفساد رامى مخلوف بيع شركاته التى تشكل امبراطورية مالية داخل سوريا لكن هذه الخطوة كانت واحدة من سلسلة خطوات اخرى رفض الاسد ان يتخذها ومنها عزل اخيه ماهر رئيس الفرقة الرابعة فى الجيش والعقل المخطط واليد المنفذة للجرائم عبر البلاد.
ففى الأسبوعين الأخيرين بعد أن فقد رئيس الوزراء التركى الأمل فى أن يقوم الرئيس السورى بإصلاح جدى سمحت السلطات التركية للصحافة الدولية بأن تتحدث إلى السوريين اللاجئين فى أراضيها وفتح ذلك المجال امام الاعلام العالمى للحصول على شهادات حية ومعلومات كانت ترد بشكل جزئى عبر الانترنت والقنوات الفضائية.
كان ذلك بمثابة إعلان حرب من قبل تركيا بالنسبة للنظام السورى الذى يستخدم التعتيم الإعلامى والإعلام الكاذب كأداة استراتيجية فى تعامله مع ثورة الشعب. فراح القادة السوريون يشكون علنا من إملاءات تركيا ويتهمونها بالعجرفة والعنجهية العثمانية.
لقد خطى النظام السورى خطوة اضافية فى الاسبوع الأخير باتجاه القطيعة مع تركيا بل قرر ان يصعّد الأزمة من خلال حشد دبابات الجيش على مئات الامتار من الحدود. ربما يعتبر النظام هذه الخطوة وقائية وضرورية لمنع مزيد من السوريين من اللجوء إلى تركيا وتحسبا لتدخل عسكرى تركى من أجل إقامة منطقة آمنة داخل الأراضى السورية.
هكذا تكون الأجواء قد اصبحت مهيأة لتدخل عسكرى تركى كانت انقرة تسعى إلى تجنّبه. وإذا كان خيارها الاول هو الاكتفاء بتدخل محدود ذى طابع انسانى لاقامة منطقة آمنة من أجل اسعاف ضحايا القمع فانها قد تجد نفسها الآن امام خيار أصعب بعد ان قام النظام بنشر جيشه على الحدود، مؤكدا بذلك أنه مصمم على الاستمرار بالمنطق الأمنى فى التعامل مع انتفاضة الشعب. معتبرا أن من صلاحيات الدولة ذات السيادة سحق الشعب اذا رأت ذلك ضروريا.
التدخل التركى المحتمل مهما كانت طبيعته وأهدافه محفوف بالمخاطر لكن الأزمة الانسانية المتصاعدة وسلوك النظام الانتحارى يضعان أنقرة أمام هذه الخيارات الصعبة.