على مشارف الثورة - أحمد مجاهد - بوابة الشروق
الإثنين 6 يناير 2025 11:02 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على مشارف الثورة

نشر فى : الإثنين 26 يوليه 2010 - 10:49 ص | آخر تحديث : الإثنين 26 يوليه 2010 - 10:49 ص
ولد الشاعر الكبير فؤاد حداد عام 1928، أى أن عمره عند قيام ثورة يوليو 1952 كان قد بلغ أربعة وعشرين عاما، وكان حداد قد بدأ نشاطه الشعرى بالتزامن مع نشاطه السياسى منذ عام 1944 بنشر قصائده فى الدوريات والجرائد الحزبية.

وعلى الرغم من أن حداد ينحدر من طبقة وسطى راقية وتعلم فى مدارس الفرير والليسيه، فإنه قد انحاز اجتماعيا للفقراء وسياسيا للشيوعية، ولهذا كان اختياره لشعر العامية القادر على توصيل المضامين السياسية المؤثرة فى الشعب من أقصر الطرق.

وقد أصدر حداد ديوانه الأول «افرجوا عن المسجونين السياسيين» الذى يعبر عن موقفه السياسى والوطنى عام 1952 تحت اسم «أحرار وراء القضبان» بسبب الرقابة، واكتفى بأن يصبح اسمه الأصلى عنوانا للمقدمة.

ويعد هذا الديوان من أكثر الدواوين صدقا فى تصوير الواقع السياسى لمصر قبيل الثورة، لأنه مكتوب بقلم شاعر وطنى مخلص عايش الفترة التاريخية دون مزايدة من خصوم الثورة أو مؤيديها، وأقدم قصائد هذا الديوان تحمل تاريخ فبراير 1950، ويقول فيها:
اشبع وجوَّع يا نصير الإنجليزى
واظلم ما دام الظلم فيك شىء غريزى
واقتل صلاح وقول لبيفن عزيزى
فين عطبرة من لندره، والعناية

فقد كان فاروق ملكا لمصر والسودان التى كانت تخضع لإشراف إنجليزى، حيث لم تكن معاهدة 1936 قد ألغيت بعد، أما عطبرة التى ارتبطت بالسكك الحديدية فقد كانت تحديدا واحدة من أهم معاقل الحركات العمالية الشيوعية التى ساهمت فى دعم الثورة ضد المستعمر الإنجليزى

ولم يكن الحال فى مصر أفضل من الحال فى السودان، حيث يقول فى قصيدة أخرى:

فى سجن مصر وقل لى ليه
مصر وكيانها مضاف إليه
سجَّانه ولا بتتسجن

مسجون وليه؟ لأجل الفقير
لأجل اللى بايت ع الحصير
لأجل الشرف لأجل الوطن
وإذا كان هذا هو الحال داخل السجن، فإن الوضع خارجه لم يكن أقل سوءا، حيث يقول فى القصيدة نفسها:
أعرف صديق إنسان تصوّر
كان فى الزبالة جعان يدوّر
على لقمة أخطأها العفن
ويصور حداد فى قصيدة أخرى إحساس السجين برهافة جمالية فائقة، على الرغم من أنه لم يكن قد عايش تجربة السجن بعد، حيث يقول:

مسجون أسير أربع حيطان
فى مكان تلمّه العين فى ثانية وتحدفه
ضيق ولكن للهموم أوسع مكان
تقضى النهار تستكشفه

فى سجن مبنى من حجر
فى سجن مبنى من قلوب السجانين
قضبان بتمنع عنك النور والشجر
زى العبيد مترصصين
على أن كل هذا القهر لم يكن دافعا لأن يترك الشاعر السجين بلا أمل فى الخلاص، بل كان منطلقا لحفزه على مواصلة المقاومة حيث يقول:

السجن إنت بتهدمه
فى كل خطوه الأرض تحفظها أمل
وبتهدمه فى كل بيت أنا أنظمه
ياللى انت أشعارك عمل

وقد وصل تحفيز الشاعر للمناضلين المسجونين إلى حد المطالبة الصريحة بالثورة فى ختام هذه القصيدة التى تحمل تاريخ نوفمبر1951، حيث يقول:

بحق يوم الشهيد خالد على الأزمان
وبحق جرح الشهيد ضارب فى كل مكان
وبحق نزع الشهيد سابق لكل أدان
وبحق دم الشهيد سايل على الأوطان
طالب بحريتك والسجن للسجان

لهذا لم يكن غريبا أن يكون حداد هو أول الشعراء احتفاء بالثورة التى كانت أملا عصيا يحلم به ويسعى من أجل تحقيقه، حيث قال فى أغسطس 1952 فور قيام ثورة يوليو:

ما رضيتش أعيش من غير عيون وودان
ما رضيتش أعيش من غير فؤاد ولسان
سجنونى
ليه قلت طرد الطاغى فى الإمكان
ليه قلت هان الطاغى قبل ما هان
سجنونى
كان صدقى بيفن عمرو إيدن كان
عهد الضلام والبغى والطغيان
كان شعبى مسجون كان فاروق سجان

فقد جاءت ثورة يوليو وفقا لرؤية فؤاد حداد الصادق الأمين مواكبة لرغبة الشعب وحاجة المجتمع، ولم يكن الوضع أيام الملكية وتحت نير الاحتلال أكثر إشراقا كما يدعى بعضهم الآن، فقد «كان شعبى مسجون كان فاروق سجان».

 

التعليقات