«رب ضارة نافعة» حكمة لن يفهمها إلا من عاصر وقائعها وتفاصيلها بالفعل، وهذا تحديدا ما حدث فى معهد القلب القومى خلال الشهور الماضية. روعنا فجر ٢٢ مارس الماضى بمجموعة من الهمج الذين انقضوا على حجرة قسطرة كهرباء القلب إثر وفاة مريض وصل فى حالة متردية وكان عمره بالفعل قد انقضى ليدمروها بالكامل. رغم الصدمة التى روعتنا كانت استعادة الحجرة للعمل بكامل طاقتها مرة أخرى هدف كل العاملين بمعهد القلب دون استثناء. اندفع الجميع للعمل لم يقصر أحد بل لقينا كل عون من وزارة الصحة والهيئة العامة للمستشفيات والمجتمع المدنى حتى شركة سيمنس بدأت العمل فى استعادة التجهيزات قبل المطالبة بأى استحقاقات. هكذا جاء عزيز النفع من عظيم الضرر. وإن كنا بالطبع نتمنى تفادى الضرر فهو بلا شك جهد بالسلب ينتقص من جهد موجب يجب أن يوجد لمنفعة المريض وحقه فى العلاج والصحة.
اجتمعنا صباح الأربعاء ٢٤ يوليو للاحتفال بعودة الحياة لحجرة قسطرة كهرباء القلب وبدء العمل فيها، وكان أن أطلقنا عليها اسم زميل كريم «الأستاذ الدكتور مكرم السيد» والذى بذل جهدا عظيم الأثر فى مسيرة العمل بمعهد القلب. وقد حضرنا الأستاذ الدكتور محمد صلاح مدير الهيئة العامة للمستشفيات واكتملت سعادتنا بحضور وزيرة الصحة التى فاجأتنا بالحضور وقبول الدعوة، الواقع أنه كان قد نالنا منها غضبا واتهاما صريحا بأننا أهملنا تأمين حجرة القسطرة فزادنا ذلك ألما على ألم. عرفنا جميعا الدكتورة هالة زايد قبل أن تتولى وزارة الصحة، بل وأعتقد أن الجهد الخارق الذى بذلته فى وزارة الصحة بل وأعتقد أن الجهد الخارق الذى بذلته فى إعادة بناء معهد القلب كان هو الضوء الكاشف على ترشيحها لتولى المنصب. لذا فنحن نتفهم جيدا طبيعة غضبها فلها فى الواقع بيننا ودّ خالص واحترام لذلك الجهد الذى أعاد الروح لدورة العمل فى معهد القلب فى مواجهة الضغوط المتزايدة فى عدد المرضى وتعدد الأمراض وعلاجاتها. شاركت الدكتورة هالة زايد بجهد متميز شمل مراحل الإعداد والتنفيذ التى تحملت كل أعبائها الإدارة الهندسية للجيش لينتهى الأمر إلى ما هو عليه القومى معهد القلب الآن من صورة بهية للحداثة والتطوير.
انتهى الحدث وكان من نتائجه أنه قد تم التعاقد مع شركة للأمن تسلمت تأمين المعهد بصورة احترافية، نتمنى أن تضمن عدم تكرار تلك الحادثة الغادرة.
انتهى الحدث وكان أن تم الحكم على الفاعل الأساسى بالسجن لخمسة أعوام، نتمنى ألا تخفف فى الاستئناف، وأن يتبع ذلك قانون يجرم الاعتداء على منشآت الدولة الحيوية ومؤسساتها الخدمية، وكل من يطلق عليه فى العالم بأسره «خدام الدولة» (civil servamt) ومنهم على رأس القائمة الأطباء العاملون فى خدمة المستشفيات العامة.
انتهى الحدث بعد أن ضمدنا الجرح الذى باغتنا به الهمج منا وأصلحنا كل ما انكسر بجهود ذاتية.
انتهى الحدث ليبدأ الحديث. نحن بحاجة لأن يبدأ حديث جدى طويل بيننا وبين المجتمع نشرح فيه حقيقة الدور الذى تنهض به معهد القلب القومى فى علاج أمراض القلب والوقاية منها نتحدث فيه بصدق عن طموحاتنا وأحلامنا ورؤيتنا للعمل فى المستقبل القريب والبعيد.
انتهى الحدث ليبدأ الحديث الذى يجب أن تشاركنا فيه كل وسائل الإعلام المحترمة والهادفة بالفعل والتى تصل لعقل وقلب الإنسان المصرى بلا ضغوط أو روتوش أو ألوان خادعة أو أفكار مزيفة.
انتهى الحدث.. ليبدأ الحديث بينا وبين الدولة، هدفنا الأكبر أن نتمكن من تقديم أفضل خدمة طبية للإنسان المصرى، بدعم من الدولة وتعاون مخلص من المجتمع المدني.