يبدو أن داعش وأخواتها فقدت الكثير من الأرض فى الموصل والرقة وغيرها بسبب ضربات التحالف الأوروبى فنقلت أرض المعركة من الشرق إلى أرض العدو (كما يصفونهم) فى الغرب وباستعمال أسلحة جديدة غير معروفة وغير تقليدية وتفلت من أية مراقبة وهو دهس المارة والسياح كما حدث أخيرا فى مدينة برشلونة فى أسبانيا ووكان أول دهس شهيرة فى 14 يوليو 2016 فى مدينة نيس الفرنسية ثم تكررت فى ألمانيا وبلجيكا وغيرها، فيبدو أن تكلفة تفجير المطارات أغلى من إستئجار حافلة لدهس الناس بها، ونتسأل هل هذه التنظيمات أصبحت من القوة التى تجعلها تحرك خلايا نائمة فى أوروبا؟ أم هو فلس تكتيكى فلم يعد أمامهم إلا ترويع الناس فى شوارعهم وأماكنهم السياحية لقتل بالدهس وإصابة أكبر عدد ممكن من الجنسيات المختلفة؟
على الجانب الآخر تستغل هذه التنظيمات الشباب الصغير وتغرر بهم فتدربهم وتقنعهم بأنهم أبطال الخلافة الإسلامية المزعومة وإن الله سيرض عليهم وهؤلاء الشباب قد لا يكونوا مرصودين من الأمن الاوروبى والدولى وقد تكون خلاياهم الأرهابية غير مكتملة فلا تستطيع السلطات الأمنية رصدهم وتتبعهم وتفكيك تلك الخلايا، وهنا الأختبار الأصعب أمام العالم فلم يعد تحرير الأرض التى استولت عليها التنظيمات الإرهابية فى العراق وسوريا وغيرها هى الأولية للأوروبين الآن بل مواجهة هذه التنظيمات داخل أراضيهم والتى يبدو أنها انتشرت فى بلاد أوروبية كثيرة، فهذه التنظيمات نقلوا أرض المعركة من الشرق إلى الغرب فى عقر دار العدو لتشتيت قواه واستنزافها رغم الرادارات والأقمار الصناعية والصناعة الأمنية والتقدم التكنولوجى التى تتمتع بها تلك الدول.
شعوب الشرق أسيرة المعارك الضارية التى تتم على أرضها وتزيد من قتلاها وتهجر سكانها وتدمر مدنها. فصعود تلك التنظيمات شرقا وغربا هدفها الأول هوتدمير الحضارة سواء الحضارات القديمة فى الشرق أو الحضارة الجديدة الأكثر حداثة والتى تقود حاليا التقدم الفكرى والثقافى والتكنولوجى... إلى آخر وهذا مالا يجب أن نسمح به، فأخطر ما فى حياة أمة هو محو تاريخها وذاكرتها وهذا ما فعلوه من تدمير آثارفى أفغانستان وبالميرا فى سوريا وآثار بابل فى العراق وسرقة المتاحف وهذا ما جرى شىء منه فى مصر فى السنوات العجاف 2011 ــ 2013، وهذا ما يفعلونه فى الغرب بالهجوم على المناطق الأثرية والسياحية.
لننتبه جيدا فالهدف الأسمى للتنظيمات الإرهابية هى محو ذاكرة الأمة ــ أى أمة يستطيعوا الاستحواذ عليها ولتسقط فريسة لأفكارهم المتشددة والمتعصبة والإرهابية ليعود العالم لعصر الظلمات.