عرفت الحضارات الغربية كالرومانية والاغريقية الانحرافات الاخلاقية وكانت فى ظل الوثنية معترفا بها بل مظهرا من مظاهر الغنى والتفاخر حتى جاءت المسيحية إلى اوروبا نهت تماما عن هذه الانحرافات التى لا تتفق مع الفطرة الإنسانية ولا عن التعاليم الدينية والتقاليد المجتمعية وإن وجدت كانت دائما فى الخفاء وعن استحياء ولكن فى عصرنا الحاضر أخذت هذه الانحرافات إلى الظهور والجهر بها علانية وأصبحت برنامجا هاما فى انتخابات الحكومات الغربية واصبحت باسم «الحرية الشخصية» مسيسة وتخضع للتنافس الحزبى وسببا للاستحواذ على السلطة كما اصبح لهم «لوبى» قوى يؤثر على القرارات السياسية والقوانين المشرعة بل دخلت إلى المدارس والحضانات وهكذا برزت هذه الظاهرة فى اسوأ صورها تحت غطاء المادية والفهم الخاطئ للحرية غير المسئولة بل جعلت منه حرية مطلقة لا يصح ان يعارضها أحد واصبحت تمثل مع تسليح المرأة والثقافة الإباحية، لهدم الاسرة بمعناها الروحى ومن ثم الاديان ومن ثم أيضا المجتمع وأصبحت تفرض بالإكراه والترهيب تارة وسن القوانين تارة أخرى.
هذه الظاهرة التى تأخذ فى الانتشار هى من ملامح الانحدار الحضارى والتفكك المجتمعى رغم التباهى بالقوة والغنى والتقدم التكنولوجى ودقة الاسلحة الحربية وقنابل الدمار الشامل وتجعل هذه المجتمعات تختبئ وراءها، ولا يخفى على أحد انها تريد فرض هذه الافكار والممارسات على مجتمعاتنا الشرقية والافريقية رغم نهى الإسلام والمسيحية واليهودية لها. وهو مكمن الخطورة من فرض مزيد من الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية أو ربط برامج المساعدات لدولنا بمدى تنفيذنا لهذه البرامج الشاذة مما يعرض المجتمعات الفقيرة جدا والهشة لتحديات كبيرة. ناهيك عن الخطر الذى يتعرض له شبابنا فى ظل الفكر الاستهلاكى الذى يداهمنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعى والأفلام وغيرها من الوسائل الإعلامية التى قد تشوش على أذهان وقيم هؤلاء الشباب لذا وجب علينا تحصينهم لا باسلوب النواهى ولكن بمزيد من رفع قيمة «الحرية المسئولة» وتدريبهم على التمييز بين ما هو صالح وما هو طالح وهذه اولى مسئوليات التعليم والإعلام.