خوارزميّات متحيّزة.. المنصات الرقميّة تعزّز العنف ضد السياسيّات فى لبنان - قضايا جندرية - بوابة الشروق
الجمعة 27 سبتمبر 2024 2:21 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خوارزميّات متحيّزة.. المنصات الرقميّة تعزّز العنف ضد السياسيّات فى لبنان

نشر فى : الخميس 26 سبتمبر 2024 - 7:05 م | آخر تحديث : الخميس 26 سبتمبر 2024 - 7:05 م


يكشف المقال عن وجود تحيّز لدى خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعى، أثّر سلبا فى حملات سياسيّات لبنانيّات الانتخابية، عبر التحيز الجندرى، وتداول معلومات مضللة، إضافة إلى حملات تشويه السمعة، والتحرش عبر الإنترنت؛ ما قلّل من حظوظهن فى الوصول إلى الناخبين، وفى المنافسة السياسية العادلة.
«كانت تصلنى تهديدات مباشرة من حسابات وهمية، ما أجبرنى على الابتعاد عن بلدتى لبعض الوقت، كى لا أتعرّض لأى أذى جسدى محتمل»، هذا ما قالته ديمة أبو دية، المرشحة عن المقعد الشيعى على قائمة «زحلة السيادة»، المدعومة من حزب القوات اللبنانية، خلال الانتخابات النيابية الأخيرة فى لبنان عام 2022.
أكثر من ثلاث حالات لنساء لبنانيّات خضن تجربة المنافسة السياسية؛ تعرضن خلال حملاتهن الانتخابية لعنف إلكترونى واستهداف لحياتهن الخاصة، من خلال مجموعات إلكترونية مدعومة من مرشحين منافسين.
على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على منح القانون اللبنانى المرأة حق الاقتراع والترشّح عام 1952، وتوقيع اتفاقية «سيداو»، لا تزال فرص المرأة اللبنانية غير متكافئة مقارنة بالرجال. إذ إن ثمانى نساء فقط من أصل مائة و15 مرشحة فزن خلال الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2022. واقتصر تمثيل المرأة فى مراكز القرار على ستة فى المائة (ثمانية مقاعد من أصل مائة و28 مقعدا برلمانيا)، وخمسة فى المئة فى البلديات (663 مقعدا من أصل 12139 مقعدا بلديا).

استهداف المرأة إلكترونيا

عملية تتبّع مسارات المرشحات فى لبنان التى وثّقها التحقيق، عبر وسائل التواصل الاجتماعى، تتقاطع مع دراسة مشتركة أعدَّتها مؤسستا «مهارات» و«مدنيات» عام 2022، تحت عنوان «وسائل الإعلام ومراقبة النوع الاجتماعى فى انتخابات 2022 ــ العنف ضد المرأة فى السياسة»، بهدف التعرف على أنواع العنف ضد المرأة العاملة فى الحقل السياسى عبر الإنترنت.
وأظهرت الدراسة، من خلال مواكبة حالات العنف الجندرى المرصودة ضد المرشحات خلال فترة الانتخابات، تعرُّض المرشحات لكل أنواع العنف الإلكترونى: كتشويه السمعة، وخطاب الكراهية، والإيذاء النفسى والتهديد بالإيذاء الجسدى، والعنف الجنسى والتنمّر وغيرها.
تقف وراء هذه الحملة الممنهجة «جيوش إلكترونية» أو حسابات وهمية، تغذيها أطراف سياسية تهدف إلى إسكات المرشحات، ومنعهن من الإدلاء بآرائهن التى لا تصبّ فى مصلحة هذه الأطراف.
وأوصت الدراسة بضرورة اعتماد نهج سياقى وثقافى، يضمن مراعاة النوع الاجتماعى فى سياق تعديل المحتوى، وتوفير معلومات عن أداء الجيوش الإلكترونية والخوارزميات المتعلقة بالعنف الجندرى ضد المرأة. وحثّت الدراسة أيضا، على زيادة المشاركة مع الجهات الفاعلة فى المجتمع المدنى؛ لتعزيز آليات الإبلاغ والتدابير اللازمة للحدّ من العنف على الإنترنت.


الخوارزميات وتضخيم خطاب التحرش والتنمر

كيف تعمل خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعى؟ وهل تدخل موضوعات مثل التحرش والتنمر واستهداف النساء وتشويه السمعة وتضليل المعلومات، ضمن خوارزمياتها؟ وكيف تعمل الخوارزميات على تضخيم هذا النوع من الخطاب؟
هذه الأسئلة أجاب عنها المتخصص فى الإعلام الرقمى والتواصل، بشير تغرينى، الذى أكد أن لكل تطبيق من تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعى خوارزمياته الخاصة المُوجّه، كما هى الحال مع «فيسبوك»، الذى قام بهذا الدور وفق ما شهدناه فى الانتخابات الأمريكية السابقة، وفى حرب غزة الأخيرة أيضا.
يضيف تغرينى: «فى لبنان تحديدا، هناك ما يُعرف بالجيوش الإلكترونية تديرها الأحزاب السياسية، وحين يشنّ الجيش الإلكترونى هجوما على نائب/ة معين/ة مثلاً، تحدّث بما يخالف رأى حزب معين، يتصدّر الهاشتاج هذه الصفحة، ويبدأ التفاعل معه كونه إيجابيا، لكن الحقيقة أن مجموعة موجّهة كتبت فى هذا الاتجاه، وهنا تبدأ الخوارزميات بإظهار هذا المحتوى من دون تحليله، لتداوله بكثرة».
وعن تضخيم التحرّش وخطاب الكراهية عبر الإنترنت ضد السياسيّات، يؤكد مدير برنامج الإعلام فى منظمة «سمكس» للحقوق الرقمية، عبد قطايا أن الخوارزميات تعمل على تضخيم محتويات كهذه، وقد أثبتت تسريبات من ميتا أن المحتوى السلبى عبر «فيسبوك» لا يزال موجودا إذا لقى تفاعلا كبيرا.
واستشهد عبد قطايا، بأن هناك إعلانات عدة على «ميتا» تحمل خطاب كراهية وتشويه سمعة وأخبارا خاطئة، من دون حذف؛ وهو ما تبرره ميتا دوما بوجود أخطاء تقنية.

حملات العنف تحدّ من مشاركة النساء فى العمل السياسى

انسحبت مرشحات كثر من المنافسة السياسية فى لبنان بسبب العنف الإلكترونى وحجم الضغط عليهن. فإن العنف ضد المرأة فى المجال السياسى يعدّ أحد العوائق الرئيسية التى تحول دون انخراط المرأة فى السياسة، وهو ما ظهر جليا فى الانتخابات النيابية لعام 2022؛ التى شهدت حملات عنف ممنهجة ضد المرشحات والصحافيات على وسائل التواصل الاجتماعي، بل طاولت أيضاً المدافعين عنهن.
ويؤكد الخبير فى خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعى، جون كيفين، أن حالات التنمر وتشويه السمعة ضد النساء على وسائل التواصل الاجتماعى، لا تحدث فى لبنان والعالم العربى فقط، وإنما يشيع حدوثها فى معظم دول العالم، بخاصة خلال الانتخابات.
ويشير خبير التشريعات والسياسات الإعلامية، المحامى طونى مخايل، إلى أن وسائل التواصل الاجتماعى أدّت إلى زيادة حالات التنمر عبر الإنترنت، ولهذه الغاية تستخدم وسائل التواصل الاجتماعى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى لكشف هذه المخالفات قبل الإبلاغ عنها ومراجعتها من المتضررين.
وتستخدم تقنيات الكشف (Detection Technology) للتدقيق فى الصور ومقاطع الفيديو المنشورة، وللتحقق من عدم وجود إساءة أو تحرش ذات طابع جنسي، إضافة إلى التدقيق فى السلوكيات لكشف وإيقاف الحملات الممنهجة الساعية إلى التلاعب بالمعلومات عبر حسابات مزيفة، لكنّها لا تؤدى دورها على الوجه المأمول، وفق مخايل.


التفاعل يجذب الأرباح.. والأحزاب هى الرابح الأكبر!

يرى مدير برنامج الإعلام فى منظمة «سمكس» للحقوق الرقمية عبد قطايا، أن النساء ــ عموما ــ يتعرّضن بطبيعة الحال لحملات أكبر؛ ما يخلق لديهن نوعا من الرقابة الذاتية، فتفضّل كثيرات منهن عدم التحدث أو النشر، وعدم التعبير عن آرائهن؛ لتجنب حملات الهجوم الإلكتروني، مؤكدا وجود التحيز لدى الخوارزميات ضد المرأة، لأن مدخلاتها من «الداتا» المتاحة إلكترونيا، وهى متحيزة مجتمعيا بطبيعة الحال.
وعن أسباب تفضيل الخوارزميات إظهار محتوى الأحزاب مقارنة بالمحتوى الذى تنشره المرشحات المستقلات، يلفت قطايا إلى أن محتوى الأحزاب غالباً ما يكون إشكاليا، مصحوبا بتفاعل كبير على المنصات؛ والخوارزميات تفضّل هذا التفاعل، لأنها مصممة لجنى الأرباح.
فى المحصِّلة، تبقى حالة السياسية اللبنانية ديمة أبو دية مثالاً على حالات كثيرة، لم تجد فرصة عادلة فى المشاركة السياسية؛ بسبب خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعى الداعمة للتحيز والانتشار والتفاعل.


سلوى فضول
موقع درج
النص الأصلى:
https://shorturl.at/EAICl

قضايا جندرية قضايا معاصرة للمجتمع والعالم.
التعليقات