الجهود الأمريكية لاستئناف عملية السلام - إيهاب وهبة - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 6:47 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجهود الأمريكية لاستئناف عملية السلام

نشر فى : السبت 27 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 27 أبريل 2013 - 8:00 ص

لم تكن زيارة أوباما الأخيرة للمنطقة وليدة الخاطر ولا كانت خطوة مرتجلة ينطبق ذلك أيضا على جولات وزير الخارجية جون كيرى التى أعقبت تلك الزيارة. هذا ما تكشف عنه الدراسة القيمة التى صدرت عن مركز جيمس بيكر بجامعة رايس الأمريكية وحملت العنوان الآتى: «إعادة استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، لماذا يُعَدُّ الدور الأمريكى لانطلاقها أمرا ضروريا؟»

 

أجابت هذه الدراسة عن أسئلة عديدة تتعلق بأسباب إقدام الرئيس الأمريكى على تلك الزيارة التى تجنب القيام بها طوال فترة رئاسته الأولى وما فحوى ما يعرضه الأمريكيون حاليا وما هو نصيب هذا الطرح من النجاح؟

 

●●●

 

لا تستخف الدراسة بحجم المشكلات التى تعترض طريق التفاوض ولكنها تؤكد أن العامل الحاسم لكسر الجمود الحالى لن يتحقق إلا بتدخل فعال ومشاركة أمريكية جادة من قبل الرئيس الأمريكى شخصيا ومن وزير خارجيته.

 

أرست الدراسة مجموعة من المبادئ التى على الإدارة الأمريكية أن تلتزم بها فى تحركها:

 

• لابد من تدخل أمريكى نشط ومشاركة أمريكية فعالة ومتواصلة.

 

• من الضرورى رسم الأفق السياسى المنشود من المفاوضات وتحديد المرجعيات اللازمة للمفاوضات وهذه لابد وأن تشمل مبادئ القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادئ مؤتمر مدريد للسلام والمبادرة العربية للسلام لعام 2002، بالإضافة إلى ضرورة الإشارة إلى التقدم الذى تم إحرازه فى المفاوضات السابقة.

 

• آلية التحرك تقوم على أساس اتباع مسارين، الأول يستهدف التوصل إلى نتائج على المدى القريب، والآخر متدرج، حيث يتم معالجة القضايا التى تحظى بالفعل بقدر كبير من التوافق، ووضعها على الفور موضع التنفيذ. ويضمن المسار الثانى هذا إيجاد البيئة الصالحة للتفاوض حول القضايا الأكثر تعقيدا وتسهيل التوصل إلى حلول لها.

 

• توفير الدعم الإقليمى والدولى للتحرك، وبصفة خاصة البناء على مبادرة السلام العربية لعام 2002، بحيث تتخذ المبادرة شكل إطار دولى. وفى نفس الوقت العمل على إشراك حماس فى المفاوضات التى تتولاها السلطة الفلسطينية.

 

• قيام الولايات المتحدة بإبرام مذكرتى تفاهم مع كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية. تؤكد مذكرة التفاهم مع إسرائيل على توفير الدعم الأمريكى اللازم لأمن إسرائيل، وكذلك تنسق السياسات فيما يتعلق بإيران وسوريا ولبنان وغزة. أما مذكرة التفاهم مع السلطة الفلسطينية فتتناول توفير الدعم الإقليمى والدولى لعملية بناء الدولة الفلسطينية وكيفية التغلب على المشكلات التى قد تواجه المفاوضات وضمان استمرار عملية السلام حتى تحقق غايتها مع رفض أية أفكار حول رسم حدود مؤقتة للدولة الفلسطينية.

 

●●●

 

ثم تتناول الدراسة عناصر التسوية. فبالنسبة للحدود يجب أن تتأسس على خطوط 4 يونيو 1967، مع تبادل للأراضى Swaps متفق عليه وعلى أساس متطابق من حيث النسبة (1:1). ويتم إجلاء المستوطنين الإسرائيليين من الأراضى الفلسطينية المتفق عليها. وفيما يتعلق بالأمن يتعين انسحاب إسرائيل بالكامل من الأراضى الفلسطينية على أن تكون الدولة الفلسطينية محدودة التسليح مع تواجد لقوات متعددة الجنسيات كضمان للأمن. وتتناول الدراسة أيضا مقترحات تتعلق بباقى عناصر التسوية بما فى ذلك قضايا اللاجئين والقدس وغير ذلك من قضايا الحل النهائى.

 

●●●

 

بقى أن تقول بأن الدراسة المذكورة سبقت من حيث التوقيت زيارة أوباما ووزير خارجيته وتكفى الإشارة إلى بعض ما رشح عن تلك الزيارات والمقترحات للرئيس الأمريكى ووزير الخارجية والتى نقلت عنهما كى يتضح مدى تأثر تلك المقترحات الأمريكية بالأفكار التى وردت فى الدراسة وانسجامها معها:

 

            • أكد أوباما وكيرى فى مباحثاتهما أن التحرك سيتأسس على مبادرة السلام العربية لعام 2002، مع إدخال تعديلين «طفيفين» عليها. ولا نعرف على وجه الدقة ما إذا كان وصف «الطفيف» لهذه التعديلات قد صدرت عن الجانب الأمريكى أم عن طريق أجهزة الإعلام التى نقلت الخبر. على أية حال فإن التعديل الأول المقترح هو إجراء تعديلات على خطوط 4 يونيو 1967 باتفاق الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى (تضمنت دراسة معهد بيكر التى استعرضناها فى السابق اقتراح إجراء تبادل للأراضى متفق عليه ومتساوٍ)، والتعديل الثانى يتناول ضرورة توفير ضمانات أمنية قوية (أشارت الدراسة أيضا إلى مجموعة من الإجراءات لضمان توفير أكبر مساحة من الأرض).

 

• أكد الجانب الأمريكى ضرورة وجود تعاون إسرائيلى فلسطينى لدعم الاقتصاد الفلسطينى وتحسين ظروف المعيشة للفلسطينيين وذلك بالتوازى مع مسار التسوية السياسية.

 

• هناك إطار زمنى للجهود الأمريكية مدته ستة أشهر يقرر بعده وزير الخارجية الأمريكية ما إذا كان قد تحقق قدر من التقدم يشجع الرئيس الأمريكى على أن ينخرط شخصيا فى الجهود المبذولة من أجل أن تتحقق النتائج المرجوة.

 

●●●

 

 اتخذت القمة العربية الأخيرة التى انعقدت فى الدوحة قرارا هاما بإيفاد وفد وزارى عربى إلى واشنطن من أجل «إجراء المشاورات مع الإدارة الأمريكية حول مجريات عملية السلام المعطلة، من مختلف جوانبها وأبعادها، وعرض الموقف العربى إزاء المنهجية الدولية المتبعة وآلياتها فى معالجة القضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلي». يضم الوفد، وفقا لمنطوق القرار أيضا، وزراء خارجية كل من مصر والأردن والسعودية وفلسطين والمغرب والأمين العام لجامعة الدول العربية. وأشارت الأنباء الأخيرة إلى أن الوفد سيجتمع يوم 29 أبريل الجارى مع وزير الخارجية الأمريكى فى واشنطن.

 

●●●

 

أحجمت العديد من الإدارات الأمريكية السابقة عن التقدم بمقترحات محددة تتعلق بعناصر التسوية السلمية تاركة الأمر إلى الأطراف للاتفاق فيما بينهما حول تلك الموضوعات مع اكتفاء الولايات المتحدة بدور العامل المساعد. ثم جاءت دراسة معهد بيكر لتؤكد أنه بدون دور أمريكى أساسى وفعال ومشاركة على أعلى مستوى فى عملية التفاوض فإن فرص تحقيق تقدم تكاد تكون معدومة. واستجابة إدارة أوباما لذلك الأمر والتقدم بمقترحات محددة بالنسبة إلى مرجعيات وعناصر الحل تعد ولاشك نقلة نوعية ربما تكسر الجمود الحالى فى عملية السلام.

 

ومن هنا فإن قرار القمة العربية الأخيرة بإيفاد الوفد العربى الرفيع المستوى إلى العاصمة الأمريكية، ووضع أهداف محددة لتلك المهمة، لاشك قد جاء مُوَفَّقا تماما سواء من ناحية التوقيت أو المضمون. ويحدونا أمل كبير، فى ضوء كل ما تقدم، فى أن يوفق الوفد العربى فى مهمته وتشهد مسيرة السلام انفراجة لطالما انتظرناها.

 

 

 

مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأمريكية

إيهاب وهبة مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأمريكية
التعليقات