الأيام ــ فلسطين.. روايات التهجير الفلسطينى عام 1948: دير ياسين فى الذاكرة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 1:29 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأيام ــ فلسطين.. روايات التهجير الفلسطينى عام 1948: دير ياسين فى الذاكرة

نشر فى : السبت 27 أبريل 2019 - 10:00 م | آخر تحديث : السبت 27 أبريل 2019 - 10:00 م

نشرت جريدة الأيام الفلسطينية مقالا للكاتبة «فيحاء عبدالهادى» تناول فيه ما روى من أحداث عن مذبحة دير ياسين.

وصف الرواة الفلسطينيون الذين هُجِروا عام 1948 تفاصيل تطهيرهم عرقيا، حين رُحِّلوا من بيوتهم وبلادهم، عبر التخويف والترويع، وارتكاب المجازر، وعلى رأسها مجزرة دير ياسين، كما تحدثوا عن مقاومتهم للمؤامرة المبيَتة ضدهم، دفاعا عن أرضهم.

وحين نقرأ بتمعن شهادات الرواة، ولا نكتفى بمعرفة الحدث؛ بل ندقِق فيما حدث، ونقف وقفة نقدية أمام الماضى، ونغربل ما نسمع؛ يمكننا استنباط عوامل الصمود والمقاومة، تلك العوامل، التى تمكننا من تأمل الماضى بتبصر، وتحمل الحاضر، وصناعة المستقبل.

روت «زينب عقل» عن مجزرة دير ياسين، التى ارتكبت يوم 9 إبريل 1948، بعد أسبوعين من توقيع معاهدة سلام، بين أهالى القرية والمستوطنات اليهودية المجاورة، تمت بناء على طلب رؤساء المستوطنات.

تحدثت عن تفاصيل المذبحة، كما تحدثت عن بسالة أهل القرية الذين ردوا محاولة الدخول إلى القرية أربع مرات، قبل أن تتمكن القوات الصهيونية من دخولها، متسللة تحت جنح الظلام.

ومن الملاحظ أنها تحدثت بلغة الجمع حين وصفت مقاومة أهل القرية؛ ما يعنى اعتبارها أن النساء والرجال كانوا شركاء فى المقاومة: «هجموا اليهود أول مرة ورديناهم، وثانى مرة رديناهم، والثالثة. المرَة الرابعة سوينا جسر، طيحنا مترين بالأرض، طريق بيننا وبينهم. شو سووا؟ اجوا خامس مرة خلونا نايمين بالليل، والساعة اثنين، بقوا على راس الجبل، طلعوا يحبوا بأيديهم ورجليهم. ما شافوا إلا اليهود بخشوا علينا، ويطوقوا البلد، ما يخلوا ولا باب مفتوح. بعدين بدوا فينا ذبح عن جنب وطرف. خشوا على دار «مصطفى على»، ذبحوا بنته وأسلافها وعائلاتهم وحماها وحماتها وهو ومرته. نحو 20 نفر اندبحوا. قال زوجى: ما فيش باب نقدر نشرد منه على شقة عين كارم. قلت: افتح الشباك من غربا، اطلع أنت وأولادى وبناتى هالصغار، وروحوا على عين كارم، هينى وراكم. زلمتنا طلع من الشباك، واليهود خشوا من الباب.

كان قال زلمتى: إن صار طخ وذبح ما تطلعى من الدار، خليك متخبيه إنت وأولادك، وهالحين باجى عليكم. وخذى هاى 250 ليرة فلسطينى. حطيتهم فى عبى زى الحجاب. اليهود بنص الشارع، قالوا: افتخ باب، قلنا: مش فاتحين. ضربونا قنبلة من الشباك، اطلعت بإيدى ورجلى مصاوبة، وإيدى لزقت فى صدرى، وبنتى طلعت مصاوبة، والأولاد الصغار. فتحوا الباب، زقطوا أخوى «موسى» وضربوه كفوف، قلت: خذ يا خواجة هاى 250 ليرة منشان الله، هذا طالب مدرسة، حرام عليك تقتله. أخذ المصارى، وبطحه، وحط خمس رصاصات فى رأسه، وقتله. فتحت البير بدى أدِب حالى فى البير، ما خلنيش. قال لى: تعال يا بنت الكلب.

والله من كثر ما بعيِط صار عندى وجع براسى، اليوم قلبى انطفا، ما ظل عندى حشيشة قلب. مرة سيدى نظيرة، مع إنها مدنية ومغطية على وجهها، وتناول أبوى الفشكات، وأبوى قتل القائد. اليهود قالوا: المدينية قتلت القائد، وعينوا عليها، ضربوا مدفع هاون، مرة أبوى زاحت رأسها، واجت بأخوى «محمود» بشقة راسه.

يوم أخذونا أسرى، وقتلوا أخوى قدام عينى، عينى مش شايفة فيهن، ورجلى مرجرجين وإيدى مدَبقة فى صدرى، كنا بنطلع نحو عشرين ثلاثين حرمة أسرى، واخواتى وعماتى خوات أبوى معانا بالجملة، يوم شفت «جميلة» أختى تقول: مالك؟ قلت: «موسى» انقتل، قالت: خيته مليح اللى قتلوه قتل، لو شفت هالشباب شو سووا فيهم! عجبوا.

40 قرية احتلتها اليهود، من اثر مذبحة دير ياسين. الناس يخافوا ويهربوا من السمعة.

يوم الخميس اليهود احتلوا القسطل، وأجا «عبدالقادر» رد القسطل، وحط علامة النصر. جينا بعدها صرنا نرقص ونغنى، والله رحمة «أحمد يوسف» قال: أرقصن، قد ما غنيتم رايحين تعيطوا دموعكم دم، وزى ما قال صار، المرأة تحمل مخدة بدل الولد من الخوف.

دبونا فى المصرارة وقت المغرب، وإحنا تذبحينا ما تطيح منا نقطة دم، يلاقونا ناس يحطوا الحطة والعباية علينا، يعيطوا علينا دموع ودم. أخدونا وحطونا بالعمرية، حطونا، يشوفوا مين المصاوب، هالمصاوب أخذوه على المستشفى، واللى مش مصاوب خلوه قاعد. وهم يطيحونى من الدرج، بَحسِب بدهم يعاودونى، قلت: طيب ما تسلمونى لليهود، واعيط! كل اللى هناك يعيطوا على عياطى. بقيت لسه صبية، بنت تسعة وعشرين سنة، وأنا تجوزت بنت 13 سنة إلا ثلاث اشهر. بعد ثلاث أيام، والا زلمتنا جاى.

بعدين والا بقولوا: اليهود هجمت على باب الجديد، اللى فيه مروة يهرب. هربنا على أبو ديس، يوم وصلنا عند ستنا مريم، الطخ زى رش المطر، كان فيه طريق عالية لازم نطلعها من عند ستنا مريم، بالطريق: لا أنا قادرة أمشى ولا أتسخم، وكيف بدى أساوى؟! والا بقولوا: اجت اليهود ورانا. واطلع حَبى حَبى حتى وصلنا السور فى أبو ديس.

قعدنا فى أبو ديس 4 سنين، خلالهم 36 دار اللى رحلنا فيهم، كان حملنا خفيف، والوكالة أعطتنا حرام، الميِه كانت شحيح فى ابو ديس، يجيبوا ترَكين ميِه من أسبوع لاسبوع، ويقسموا على كل دار تنكتين ميِه، يعطونا هالتنكتين ويحط الله البركة فيهن، يا قدرة قادر نتحمَم ونتغسل فيهن. زلمتى كان يشتغل فى كازية دنديس، خلايله، قلت لهم: يحوشوا معاش جوزى، ويشتروا لى فى قطعة ارض، ويحطوا لى فيها ولو خيمة أو شادر. بقعد أو مغارة، حوشنا لزلمتى 40 ليرة.

والـ 40 ليرة بقين يسووا فى هذاك الوقت، بقت تشترى ابو ديس واللى فيها. اجوا اشتروا لنا بيت فى الأرض هانا. بنينا غرفتين، وسكنا فيهن. كان فى أبو ديس مسلخ، كل الضباع تيجى هناك على ريحة الدم، يرموا هناك الكرش والمعلاق، وحتى اللى معاه برودة ما يسترجى يمرق. ربى رمى القوة فى قلبى قلت له: الضباع ولا الوحوش، إلى الله. أجا بنى لى فيها غرفتين، حطنا فيها وراح، زلمتى هو وواحد من أبو ديس يقولوا له «أبو مصطفى». وانا قاعدة مع الاطفال الصغار زى الصيصان، ما إلى إلا الله. وهذاك يوم وهذا يوم».

التعليقات