تواصلت الاتصالات بينى وبين المصدر فى بقية الأيام، وفى يوم موقعة الجمل قال لى: هنتدبح فى بيوتنا احنا وانتم، لو خدوا الميدان.
ما زادنى اطمئنانا هو البيان الذى صدر من القوات المسلحة يوم 1فبراير، والذى تضمن عبارة (القوات المسلحة تتفهم المطالب المشروعة للشعب المصرى)، وهذا بيان يقول للأعمى إن الجيش انحاز للثورة، لأن ما بين السطور ببساطة هو: املأوا الميادين واستمروا فى الزحف، نحن معكم.
أما ما زاد الموضوع يقينا لدىَّ، فهو أننى ــ ويعلم الله ان هذا حقيقى ــ فى أحد أيام الاعتصام فى التحرير، التقيت جارا لنا ضمن المعتصمين، وجه المفاجأة ان هذا الشخص كان وقتها مجندا بالقوات المسلحة، سألته ماذا تفعل هنا؟ وكان رده (الأوامر صدرت لنا بالهتاف والاعتصام معكم فى التحرير ).
هذا غيض من فيض أعرفه عن دور الجيش فى الثورة فى كل مراحلها، أكتب لأننى باختصار كنت شريكا فى هذا التنسيق الذى تم طوال أيام الميدان، أكتب هذا الكلام الآن لأننى أكره الظلم، ولله الحمد كنت من نشطاء المعارضة فى عصر مبارك، وألقى القبض علىَّ فى إحدى مظاهرات كفاية، وراهنت على سقوطه فى حوار منشور بجريدة الوفد فى عام 2006.
أكتب هذا الكلام لأن يقينى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعرض لظلم، ولا أقبل على نفسى أن تكون لدىَّ معلومات قد تصحح الصورة أو تضعها فى إطارها الصحيح وأحجبها، ومقتنع تمام الاقتناع ان الاخطاء التى حدثت طوال المرحلة الانتقالية لم تكن مقصودة. فى احداث ماسبيرو على سبيل المثال، كنت على اتصال بمن قادوا المظاهرة، واعلم تماما انهم ارتكبوا خطأ فادحا بسماحهم لمجموعة منهم (ستة أشخاص) ان يشاركوا وهم يحملون اسلحة نارية وكان هذا الخطأ اساس المصيبة التى حدثت، فربما تسربت معلومة حملهم لأسلحة نارية لأى طرف يريد إشعال الأوضاع واستغلها فرصة للوقيعة بين الثوار والجيش، وفى أحداث محمد محمود شاهدت بعينى عناصر محسوبة على جهاز امن الدولة القديم تقود التصعيد المفاجىء الذى حدث، واعرفهم شخصيا بحكم سنوات طويلة من التواجد فى الشارع والنشاط فى حركة كفاية ووسط البلد وهم سبب الوقيعة التى حدثت.
هذا جزء من روايتى عن الأحداث ــ لم أكن أنوى الحديث عنه نهائيا، وما أجبرنى على الخروج من العزلة هى جملة قالها اللواء محمود حجازى عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى حوار اجراه معه عماد الدين أديب على قناة سى بى سى، حيث قال: «نثق ان التاريخ سينصفنا».
سيادة اللواء: «ينصفكم الحاضر قبل أن ينصفكم التاريخ».
عمر قناوى ــ مدير تحرير بالتليفزيون السعودى، وناشط سابق فى حركة كفاية