هل حان وقت الطلاق بين إسرائيل وأمريكا؟ - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:36 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل حان وقت الطلاق بين إسرائيل وأمريكا؟

نشر فى : الأربعاء 27 نوفمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 27 نوفمبر 2013 - 8:00 ص

كتب ديمترى بابيتش مقالا نشره موقع «Eurasia Review» نقلا عن إذاعة صوت روسيا بعنوان «هل حان وقت الطلاق؟»، تناول فيه توتر العلاقة بين اسرائيل وأمريكا، جاء فيه: فى الآونة الاخيرة، خرج علينا أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلى بتصريح شكل صدمة للكثيرين، لأنه يناقض على نحو لافت ما هو متوقع من إسرائيل، انطلاقا من سلوكها التقليدى على الساحة العالمية. فعندما تحدث ليبرمان فى منتدى بمدينة سدروت الإسرائيلية، قال إن على إسرائيل أن تتوقف عن النظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها شريكها الرئيسى فى السياسة الدولية وتبحث عن حلفاء آخرين!

فمنذ زمن الحرب الباردة، كانت إسرائيل تعتبر من وجهة نظر الاتحاد السوفييتى والعالم العربى، الحليف الأقرب للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط. وفجأة الآن، يقول وزير خارجية إسرائيل إن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة قد ضعفت.

وقال أفيجدور ليبرمان «يمثل العديد من البلدان تحديا للولايات المتحدة كوريا الشمالية وأفغانستان وباكستان وإيران والعراق وسوريا ومصر والصين فى الوقت الحاضر»، وأضاف: «فضلا عن أن الولايات المتحدة تواجه الآن مشكلات كثيرة فى اقتصادها. وهذا يثير، فى رأيى، مسألة ما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال شريكا موثوقا لإسرائيل. وأعتقد أن إسرائيل يجب أن تبحث عن شركاء آخرين، ولكن ينبغى أن تختار بين البلدان التى لا تعتمد على المال من العالم العربى».

•••

وقد تبدو كلمات السيد ليبرمان وطنية جدا بالنسبة لإسرائيلى، ولكن المفارقة هى أنه فى الوقت الحالى، بينما صار العالم وحدة واحدة من زمن بعيد، فمن المستحيل عمليا العثور على بلد لم «تلمس» أبدا أى أموال من العالم العربى. وكما يقول المثل، «لا رائحة للمال».

ولكن من ناحية أخرى، يعتبر الإسرائيليون الخوف من كل من كان له علاقة فى أى وقت مضى بالمال القادم من العالم العربى، ريبة مبالغا فيها. فليس بالضرورة أن يكون كل من له علاقة بالمال معاديا لإسرائيل. وإذا كانت كل هذه الأموال من العالم العربى عملت ضد إسرائيل، لكانت إسرائيل اختفت من الوجود منذ زمن طويل. وحتى بلدان مثل المملكة العربية السعودية والعروش الأخرى فى الخليج ليست معادية لإسرائيل كما تبدو لأول وهلة، لأن عداوتها لإسرائيل ليست غالبا سوى خطاب بلاغى أكثر منها سياسة حقيقية.

وقالت الصحفية نبيلة رمضانى، المتخصصة فى شئون الشرق الأوسط، إن القلق البالغ بشأن أمن إسرائيل، جعل الغرب يدعم فى كثير من الأحيان أنظمة مستبدة فى الشرق الأوسط. وتحيط بإسرائيل بلدان ليست ودية تجاهها، وكثيرا ما حاول الغرب مدفوعا بخوفه من أن تهاجم هذه البلدان إسرائيل الحفاظ على الوضع المستقر فى الشرق الأوسط من خلال دعم هذه الأنظمة الاستبدادية، والتغاضى عن انتهاك حقوق الإنسان فى هذه البلدان.

•••

والمفارقة، أن الغرب فى محاولته ضمان استقرار الأوضاع فى بلدان مثل السعودية وقطر، بغرض حماية أمن إسرائيل، وجد نفسه متورطا فى حروب لم تسهم بأى شكل فى حماية امنها. فعلى سبيل المثال، يكره حكام السعودية، باعتباره من السنة المتشددين، نظام صدام حسين الاستبدادى، ولكنه علمانى، فى العراق.

ونظرا لتحالف الغرب مع السعودية، قام باتهام صدام حسين بكل الآثام المعقولة وغير المعقولة، وشن حربا دموية ضد نظامه، وصولا إلى الإطاحة به. ونتيجة لذلك وصل الإرهابيون المرتبطون بالقاعدة الذين يكرهون إسرائيل أكثر من كراهية صدام لها إلى السلطة فى العراق. الآن يسع الغرب لإطاحة نظام بشار الأسد فى سوريا، والنظام الشيعى فى ايران، من دون أن يتوقف للتفكير فى أن القاعدة فى حالة سقوط هذين النظامين من المرجح أن تقترب أكثر من حدود إسرائيل. وقد ظل محللون يقولون لمدة طويلة إن الولايات المتحدة، بدعمها الإرهابيين المرتبطين بالقاعدة فى سوريا، تلعب لعبة خطرة لغاية قد تنقلب مرة واحدة ضد أمريكا نفسها والآن ينبغى أيضا إضافة أن أمريكا بهذه السياسة غير المتروية، تخاطر بخسارة حليفتها الأقرب فى الشرق الأوسط؛ إسرائيل.

ويقول البروفيسور يوآف بيليد من جامعة تل أبيب أنه على الرغم من أن اقتراح افيجدور ليبرمان ان تبحث اسرائيل عن مزيد من التعاون مع البلدان الأخرى قد يبدو صوابا، من الناحية العملية، لا يوجد بلد آخر فى العالم تتوافق مصالحه مع مصالح إسرائيل أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية.

ومع أن قطع العلاقات الودية مع الولايات المتحدة سيكون فى الأغلب خطأ بالنسبة لإسرائيل، لاشك أن ليبرمان محق فى أن السياسة الأمريكية الحالية فى الشرق الأوسط، قد تخلق مشكلات خطيرة لإسرائيل على غير رغبة الولايات المتحدة نفسها. فبسبب هذه السياسة يتهم العالم العربى الآن إسرائيل بأنها سبب المصير المحزن للعراق، والتفجيرات فى لبنان، والعديد من الأمور المماثلة؛ على الرغم من أن إسرائيل فى الواقع ليس لها علاقة بذلك.

•••

وهناك بلد واحد قد يكون شريكا جيدا لإسرائيل: روسيا! فعلى عكس الولايات المتحدة لا تحاول روسيا نشر الديمقراطية فى دول الشرق الأوسط بالنار والسيف. ولكن الولايات المتحدة منذ فترة طويلة تنتهج سياسة مناهضة لتدخل روسيا فى الشرق الأوسط، الأمر الذى يجعل احتمال إقامة علاقات الجيدة بين روسيا وإسرائيل أقل مما ترغب فيه الأخيرة.

ويتذكر البرفيسور يوآف بيليد كيف قامت أمريكا بدعم هجرات اليهود من الاتحاد السوفييتى السابق إلى اسرائيل. وفى 1991، طالبت الولايات المتحدة، بوقف بناء مساكن لليهود على الأراضى المتنازع عليها بين اسرائيل والفلسطينيين، وإلا ستوقف الولايات المتحدة الأموال المخصصة لإسرائيل من أجل استيعاب القادمين الجدد من الاتحاد السوفييتى السابق. وفضلت إسرائيل مواصلة تلقى هذه الآمال ووافقت على الشروط الأمريكية.

وبعد ذلك تولى اسحق رابين رئاسة وزراء اسرائيل، ودل التاريخ باعتباره رجل سلام، لكنه قتل بعد ذلك على يد متطرف إسرائيلى، لم يعجبه تسامح رابين مع العرب.

ولعله ليس خطأ وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان أن يبدو متحيرا بشأن من ينبغى أن تصادقهم إسرائيل. فالوضع حقا معقد للغاية، وتتقاطع للغاية مصالح إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا والمملكة العربية السعودية فى الشرق الأوسط، فى نفس الوقت يصعب حتى على سياسى محنك للغاية أن يصل إلى القرار الصحيح وسط هذا الصراع. ربما يكون الموقف الصحيح هنا ألا يفرض أحد السبل والمثل على البلدان الأخرى، ولكن يترك للجميع تحديد ما يريدونه لأنفسهم. ولكن السماح للدول الأخرى بأن تقرر ما يصلح وما لا يصلح لها، ليس من تقاليد السياسة الأمريكية.

التعليقات