مقالك اليوم فى «الشروق» ينم عن كفر متعمق داخل وجدانك السافل.. أنا مش عارف دينك إيه بس يا أخى حتى لو كنت بتكره الدين المسيحى والمسيحيين.. احترم دينك الحنيف واحترم مكانة العذراء فى دينك وإذا كان لك غرض من وراء مقالك الوسخ أو بالعربى لو كان حد (دافعلك) يبقى مش على حساب العذراء.. احترم العذراء لأنه ــ وبالرغم من طيبة قلبها ــ فإن رد فعلها.. سريع وعنيف وقاسٍ!
السطور السابقة حملتها رسالة قارئ اسمه ــ أو أطلق على نفسه ــ مينا ممدوح على بريدى الإلكترونى تعليقا على مقال كتبته يوم الخميس الماضى بعنوان «العذراء والشعب الأبيض» وكنت حريصا فيه على ألا أقترب بتاتا من مناقشة مسألة الظهور من عدمه، كما لم أتطرق إلى الجدل المستعر حول ميتافيزيقية الحكاية أو واقعيتها.
كل ما لفت نظرى ــ ونظر كثيرين غيرى ــ فى المسألة هى طريقة التعامل مع الحشود الغفيرة التى خرجت بعشرات الآلاف لمتابعة ما قيل إنه ظهور العذراء فى عدد من المناطق، ورأيت فى حالة التسامح والطبطبة الأمنية على هذه التجمعات، المليونية وفقا لبعض التقديرات، ما يشى بأن هناك نوعا من الرضا الصامت من جانب الحكومة استثمارا للحدث فى إلهاء الناس عن قضايا ومشاكل شديدة الخطورة على حياتهم، مثل قانون الضرائب العقارية أو بناء الجدار العازل بين مصر وفلسطين أو التشويش على الجدل المتصاعد حول ترشيح البرادعى أو موضوع الصراع المكتوم على منطقة الضبعة بين فريق يريدها سياحية وآخر يرى أنها الموقع الأنسب لإقامة المحطة النووية.
ومازلت أرى أن وراء الاندفاع الشعبى العنيف وراء ما قيل إنه ظهور السيدة العذراء حالة من اليأس وفقدان الأمل فى كل الأشياء على الأرض، فلا بأس من البحث عن الخلاص القادم من السماء، مع ملاحظة أن الخروج الجماعى وراء تجلى العذراء لم يكن قصرا على الإخوة المسيحيين، بل شاركهم بعض المسلمين.
وأزعم أن كل ما سبق لا يحمل أية إساءات لمشاعر الإخوة المسيحيين أو مساسا أو حتى نقاشا للمعتقد الدينى لديهم، غير أنه للأسف الشديد تبين لى أن استغلال ظهور السيدة العذراء تجاوز منطقة الاستثمار السياسى، ودخل إلى مساحة من التربح الطائفى من قبل أولئك الذين لم يرحموا أشواق الجماهير إلى الخلاص، والذين يمكن تسميتهم «المنتفعون من ظهور العذراء» فصنفوا الناس إلى مؤمنين وكفار، وحسب منطقهم المعوج يصبح كافرا كل من لم يسلم بظهور العذراء أو يحاول التعامل مع المسألة بشكل عقلانى.. ما هذا العبث؟
wquandil@shorouknews.com