الطائفية والعولمة - أحمد مجاهد - بوابة الشروق
الإثنين 6 يناير 2025 11:39 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الطائفية والعولمة

نشر فى : الإثنين 27 ديسمبر 2010 - 9:33 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 ديسمبر 2010 - 9:33 ص

 سعدت كثيرا باقتراح القاص قاسم مسعد عليوة فى افتتاح اليوبيل الفضى لمؤتمر أدباء مصر بأن يتحول ملف الوحدة الوطنية إلى مشروع قومى متضامنا مع الفكرة التى عرضتها بمقالى «المشروع القومى» الذى نشر بالشروق يوم 13 ديسمبر، وكانت سعادتى أكبر عندما استجابت الجمعية العمومية للمؤتمر لهذا الاقتراح، وأصدرت توصية تطالب بدعم ملف الوحدة الوطنية واعتباره مشروعا قوميا نحتاج إليه فى المرحلة الراهنة.

وهكذا يكون الرهان على المثقف المصرى فى اللحظات المصيرية رهانا رابحا، لأنه يدرك دوره ومسئوليته تجاه هذا الوطن ويبدى استعداده للقيام بها.

وقد كانت ملامح الاهتمام بهذا المشروع القومى بادية بوضوح فى فعاليات هذا المؤتمر الذى حمل عنوان «تغيرات الثقافة..تحولات الواقع» سواء كانت ملامح إيجابيه أو سلبية أو ما يجاوز هذا إلى تحليل اجتماعى عميق، على الرغم من أن هذا الموضوع لم يكن من الموضوعات المطروحة ضمن محاور المؤتمر.

فمن الملامح الإيجابية أن أمانة المؤتمر التى قررت أن تحمل هذه الدورة الفضية اسم الشاعر والصحفى محسن الخياط تقديرا لمسيرته بجريدة الجمهورية فى باب «نادى أدباء الأقاليم»، وأعادت طبع ديوانه «حكايات بهية» لتوزيعه على المشاركين، قد اختارت مقطعا شعريا معبرا عن الوحدة الوطنية لطباعته على ظهر الغلاف، حيث يقول:

صوتك رفعته ع المساجد صليب

صوتك رفعته ع الكنايس هلال

قلت لولادنا، وكل أهل بلدنا

جرس الكنيسه يبقى جنب المدنه

يحضن صداه فى السما صوت بلال

قلت العدو لو حط رجله فى بيتنا

يلعب على حبل الخداع والفتنه

ويخلى نور الحق يبقى ضلال

صوتك رفعته ع المساجد صليب

صوتك رفعته ع الكنايس هلال


أما نموذج الملامح السلبية فيتمثل فى تعليق الأديب أحمد رضوان على زحام الذى كان يقوم بإعداد دراسة عن مسرح المعاقين، فقام بالبحث عن مادة لبحثه على موقع جوجل الإلكترونى، فأشارت النتائج إلى وجود مسرح للمعاقين ومسابقات لهذا المسرح بالكنائس، لكنه عندما حاول الدخول إلى واحد من هذه المواقع وعنوانه www.mahraganalkraza.com اكتشف أن دخوله مقصور على المسيحيين فقط، حيث يتطلب تسجيل الدخول إليه اسم الإبراشية واسم الكنيسة، فاخترع الباحث عنوان بريد إليكترونى آخر ليس باسم أحمد، بل بالأحرف الأولى الإفرنجية من اسمه الرباعى araz، وسجل فى اسم الإبراشية: الشرابية، وفى اسم الكنيسة: كنيسة الشهيدة بربارة، فاستطاع الدخول والحصول على المعلومات البحثية المسرحية التى لا علاقة لها بالدين، والتى يمثل نشرها نقطة بيضاء فى حق الكنيسة التى تقوم بهذا الدور الفنى التربوى المفتقد، متسائلا عن جدوى حجب هذه المعلومات عن غير المسيحيين فى ساحة الإنترنت التى تعتمد فى الأساس على حرية تبادل المعلومات.

أما نموذج التحليل الاجتماعى فيتمثل فى المحاضرة الافتتاحية للمؤتمر التى قدمها رئيسه عالم الاجتماع الأستاذ الدكتور أحمد زايد، حيث قدم رؤية مفادها أن الكثيرين يستخدمون مصطلح الفتنة الطائفية لوصف الحوادث البسيطة التى تحدث بين المسلمين والمسيحيين، لكن المتعمق فى تحليل هذا الأمر يجد أن هذه الحوادث يمكن أن تحدث بين مسيحى ومسيحى وبين مسلم ومسلم، وهى تعكس حالة مما يسمى بالعراك الثقافى فى عصر العولمة التى تسببت على عكس ما تدعى فى إبراز حدة عمليات إدراك الحدود الثقافية والإثنية والجندرية والفكرية والدينية بين الجماعات المختلفة. وقد أدى هذا إلى تمركز كل جماعة حول ذاتها، وميل الأفراد والجماعات إلى الدخول فى مناقشات وخلافات وأحيانا صراعات حول أبسط الأمور حتى بين أصحاب الدين الواحد بغرض الحفاظ على خصوصية الهوية فى الظرف التفكيكى للعولمة. لهذا فإن أى صراع بين مسلم ومسيحى ليس ناتجا بالضرورة عن موقف دينى، ولكنه ناشئ من طبيعة الظرف التاريخى العالمى الذى يتعرض له كليهما.

وأضاف أن ما يفاقم من هذا الموقف وجود من يستغله ويعمل على تحريكه من الخارج متلاعبا بعواطف الناس وعمق المعتقدات الدينية لديهم.

فشكرا لمثقفى مصر ومبدعيها على استيقاظهم فى اللحظة المناسبة للتصدى لمثل هذه المحاولات المغرضة التى تسللت عبر المتعصبين من الفريقين.




التعليقات