مصر الجديدة (7).. عن الثورة والثورة المضادة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:46 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر الجديدة (7).. عن الثورة والثورة المضادة

نشر فى : الإثنين 28 مارس 2011 - 9:34 ص | آخر تحديث : الإثنين 28 مارس 2011 - 9:34 ص

 انتهى تقرير هيئة مفوضى الدولة إلى توصية بإغلاق الحزب الوطنى وتجميد حساباته وسحب مقراته، لمسئوليته المباشرة عن إفساد الحياة السياسية، وإشاعة قيم الرشوة والمحسوبية، فضلا عن إنشائه ميليشيات عسكرية لإرهاب المصريين وترويعهم، وهذه أسباب جديدة لمحاكمة الرئيس السابق وابنه، ورموز الحزب الكبار: صفوت الشريف وفتحى سرور وزكريا عزمى وغيرهم، ممن زيّنوا للطاغية طريق الاستبداد، وفرشوه بالقوانين والتشريعات الضالة المضلّة.

طبعا هناك ثورة مضادة، لابد من الانتباه إليها ومحاصرة تأثيرها، غير أن كثيرا مما يمكن اعتباره ثورة مضادة تصنعه أيادينا، بعضنا يشكك فى نوايا المجلس العسكرى والحكومة، إذا قررا شيئا على غير هواه، وأرجو أن تلاحظ أن حملة التشكيك تزايدت عقب ظهور نتيجة الاستفتاء، التى أثبتت أن كثيرين ممن يتكلمون عن الديمقراطية، غير مستعدين لتحمل تبعاتها،ولعلك لاحظت أنه كان هناك شبه إجماع على أن الاحتجاجات والاعتصامات الفئوية تحركها فلول الحزب الوطنى وقياداته فى المحليات، فلما فاض الكيل بالحكومة وتواصلت خسائر الاقتصاد وتعطل الإنتاج، أقرت مشروع قانون لمنع التظاهر والاعتصام، فإذا بهم يهاجمونه بشراسة بدعوى أنه يقيد الحريات ويمثل انتكاسة على ما حققته الثورة.

أفهم أن نطالب بـ«تقنين» التظاهر، بما يحفظ حق المواطن والمجتمع معا، أما الرفض المطلق،فإنه يعنى ببساطة أننا نقف فى الخندق ذاته مع أعداء الثورة.

هذا هو ما يجعل رئيس الحكومة محبطا، وعنده حق، فالجماهير التى حملته على الأعناق فى ميدان التحرير، تصر على البقاء فى جانب «المطالبة»، ولا تريد أن تتجاوزه إلى ضفة «الإنجاز»، فالأخيرة تحتاج إلى تضحيات ومثابرة، وتمنح الأولى تابعيها فرصا للادعاء والاستمتاع بالكسل، لكنها تميت الثورة وتسحب روحها، فلا يبقى منها إلا ذكريات عن نفوس بهية أزهقت فى الطريق إليها.

لعلك لاحظت ثالثا أن فزاعة الإخوان عادت تطل من جديد، بالطريقة ذاتها التى أطلقها النظام السابق، مع إضافة جديدة هذه المرة، تضع إلى جوارهم السلفيين والجهاديين والتكفيريين، برغم الخلاف البيّن بين الخطاب الإخوانى «المعاصر»، وما وصلنا من «بوح» هذه التيارات.
الإخوان فصيل مهم فى حياتنا السياسية، ورقم معتبر لا يجوز استبعاده، وشركاء أصلاء فى الثورة والتغيير، وخطاب «الفزاعة» حيلة مكشوفة لتكريس الانقسام والتشرذم، يصب مباشرة فى مصلحة الثورة المضادة.

وبرأيى فإن بعضنا يسدى خدمات جليلة للثورة المضادة حين يشغلنا بما لا يجوز الانشغال به، وكان أولى بنا أن نشكر عبود الزمر والشيخ يعقوب على ما قالاه، فقد نبهانا إلى أهمية أن يتضمن دستورنا الجديد مواد «فوق دستورية»، غير قابلة للتعديل أو الحذف، تؤكد مدنية الدولة وليبراليتها، فى حالة وصول أتباعهما ــ لا قدر الله ــ للحكم.

لا تضيعوا وقتا فى الجدال حول الماضى.. لا تهدروا طاقاتكم بين «مع» و«ضد».. لا تسمحوا بتخوين المخالفين وإقصائهم.. تعالوا نعمل معا للمستقبل.. لمصر جديدة: ديمقراطية.. ليبرالية.. مدنية.. وعادلة.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات