الاعتراف بالصناعات الثقافية - سامح فوزي - بوابة الشروق
الأربعاء 3 يوليه 2024 9:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاعتراف بالصناعات الثقافية

نشر فى : الثلاثاء 28 مايو 2024 - 8:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 28 مايو 2024 - 8:15 م

يوم الأحد الماضى اجتمع حول مائدة الحوار بالمجلس الأعلى للثقافة عدد من الخبراء فى مجال الصناعات الثقافية، من هيئات وزارة الثقافة، وهيئات ثقافية أجنبية، وجامعات، ومثقفين، وأعضاء لجنة تطوير الإدارة الثقافية وتشريعاتها بالمجلس التى دعت إلى عقد هذه الحوارية المهمة. كان موضوع النقاش، الذى أداره الدكتور محمد عبد الدايم، هو الصناعات الثقافية والإبداعية، وتحدث فيه د. عماد أبو غازى، ود. أحمد السراجى، ود. دينا جلال، ود. وليد قانوش، ود. حنان موسى، وهبة الزين، ود. سعيد المصرى مقرر اللجنة. أفكار كثيرة طرحت، تكشف إلى حد بعيد أن الصناعات الثقافية ليست بعد رقمًا فى الاقتصاد القومى، على الرغم من أنه من الممكن أن تفتح آفاقًا ليس فقط للمنتجين والمستهلكين، ولكن تفيض أيضا بنتائجها على الجمهور العام، مثل المهرجانات التراثية أو الفنية التى تفيد مجالات عديدة من النشاط الاقتصادى مثل الفنادق والمطاعم ووسائل النقل… إلخ.
كثيرا ما يتردد مصطلح «الصناعات الثقافية»، ويكاد يكون ضيفًا على معظم نقاشات المثقفين. وبالرغم من ذلك فالمصطلح غير واضح أو محدد ويأخذ بين جنباته أنشطة سياحية ورياضية مما يبعده عن مضمونه الإبداعى. ويلاحق النشاط الثقافى الإبداعى مصطلح «صناعة»، ولا نعرف على وجه التحديد مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى خلافا لدول أخرى عالميًا وإقليميًا. وقد يكون من الضرورى «توعية» العاملين فى وزارات الصناعة والمالية والتجارة حتى يدركوا أهمية الصناعات الثقافية، ولا يرون أنها مجرد عمل أو نشاط ثقافى لا علاقة له بالاقتصاد.
بدأت الصناعات الإبداعية بالمطبعة، وهى نتاج عصر محمد على، وتطورت لاحقا إلى التسجيلات الصوتية، وصناعة السينما، وبينما احتاج المجتمع المصرى عدة قرون حتى ينقل خبرة المطبعة من أوروبا، فإن الفترة التى تطلبها نقل التطور فى صناعة السينما كانت وجيزة للغاية. وفى العصر الرقمى تواجه الصناعات الإبداعية تحديات عديدة منها صناعة المحتوى، والبرمجيات، وتهديد الملكية الفكرية. وعلى الرغم من أن الوسائط الجديدة ساعدت فى جعل الثقافة والفن فى متناول الجمهور، إلا أنها لا تزال تعتمد على تطورات تكنولوجية ليست من إنتاج المجتمع المصرى، ومستوردة من الآخرين.
وأظن أننا لسنا بحاجة إلى إعادة ترديد أن الثقافة والفن من عناصر القوة الناعمة المصرية، وإن الأمر يتطلب ليس فقط دعم المستهلك فيما يحصل عليه من خدمات وأنشطة ثقافية مثل الكتاب، ولكن أيضا دعم المنتج، ولاسيما أن جانبًا كبيرًا من النشاط الثقافى لا يزال فى مؤسسات الدولة، أكثر منه فى القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى الثقافية. وإن كانت هناك أصوات ترى أن الإبداع ليس موضوعًا للتعلم، فهناك أصوات أخرى ترى أن المبدع ينبغى أن يكون لديه فكر ريادة الأعمال، والتواصل مع المجتمع، ومهارات الإدارة، وأن يدرك احتياجات سوق العمل، والتعرض إلى خبرات حديثة.
ولا تنمو الصناعات الثقافية والإبداعية إلا فى بيئة تسودها الحرية، وتبتعد عنها قيود الرقابة، وتتوارى فيها المحرمات الثقافية. ولا يخشى المبدع من أن ينقل الإبداع إلى أجيال شابة صاعدة، التى قد تتوافر لديها إمكانيات تطوير العمل الإبداعى، وتمضى به أشواطًا إلى الأمام. وإلى جانب الحرية ونقل الخبرات، تأتى أهمية الشراكة بين الجهات الثقافية الحكومية ذاتها، وبين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى، حتى يتسنى تطوير والإفادة من الصناعات الثقافية، وأن يعترف الاقتصاديون أن الاقتصاد ليس فقط مالية عامة، وزراعة وصناعة وتجارة، لكنه أيضا يضم اقتصاديات الثقافة، وهو مجال واسع، يزداد اتساعًا مع تطور التكنولوجيا والابتكار.
حلقة نقاشية ثرية فى قضية نتمنى أن تلقى اهتمامًا أوسع، خاصة إذا أردنا الإفادة من كل الموارد المادية والبشرية المتاحة فى تنويع مصادر الاقتصاد، وهى غاية تسعى إليها دول المنطقة التى ظلت لعقود أسيرة أنشطة اقتصادية محددة، والآن تريد تنويع مصادر الدخل الاقتصادى، وهو ما ينبغى أن تحرص عليه مصر، ولاسيما أن لديها مقومات ذلك.


ســامــح فـــوزى

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات