قلمين - بلال فضل - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 1:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قلمين

نشر فى : الأربعاء 28 أغسطس 2013 - 9:25 ص | آخر تحديث : الأربعاء 28 أغسطس 2013 - 9:25 ص

● من بين كل التفاصيل التي شهدتها الساحة لست مهتما إلا بالتأكد من تفصيلة واحدة، هل ثبت علميا أن الأسد لا يأكل أولاده؟، وهل يمكن أن يقتلهم بدون أن يأكلهم حرفيا؟.

● غدا سيقول المفسر لرواد حلقة التفسير في رواق أزهري «أما عن تفسير قوله تعالى «ولا تحملنا ما لاطاقة لنا به» فمن قرأ منكم ما عاشته مصر في صيف عام 2013 ربما يفهم جيدا كيف يكون مطلوبا من الإنسان أن يتحمل ما لا طاقة له به».

● نظرت إليّ ابنتي الصغرى بسخط شديد وقالت والشرر يطق من عينيها «كل يوم حظر تجول حظر تجول.. ما يسيبوه يتجول بقى ويخلصونا»، ثم مشت نحو غرفتها وهي تبرطم قائلة «امتى بقى تيجي المدرسة ونستريح؟».

● أظن أن العالم وقف طويلا ليحاول فهم تصريح وزير الخارجية نبيل فهمي الذي قال فيه «نرفض التلويح بوقف المساعدات الأجنبية لمصر»، وأظنه راعى ظروفنا واختار ردا أكثر تهذيبا من «كييف مساعدات ومشارط».

● ظني أن اللحظة التي كفت فيها ملائكة الرحمة عن التدخل في شئوننا نهائيا، وتركتنا نواجه مصيرنا المحتوم، هي تلك اللحظة التي تمت فيها ترجمة إرسال بعض القنوات المصرية إلى أردأ أصناف اللغة الإنجليزية.

● مخزون العالم من أولاد المتسخة لا ينتهي أبدا، بدليل أنك كل يوم ستجد من يعتقد أن محمد مرسي لم يخطئ في شيئ طيلة حكمه، ومن يؤكد أنه شاهد فيديو لأسماء البلتاجي تنكر موتها وتقول أن والدها يتاجر بموتها، ومن يظن أن سائحا أو مستثمرا يمكن أن يفكر في المجيئ إلى مصر عندما يشاهد جميع الشاشات المصرية تبشره بأن مصر الآن في حرب على الإرهاب.

● «كلنا انعام سالوسة.. كلنا محمد يوسف»، أقولها وأنا أتذكر كثيرا هذه الأيام مشهدا عظيما من فيلم (الإرهاب والكباب) للكاتب الكبير وحيد حامد والمخرج الكبير شريف عرفة، لعلك تذكر كيف أخذت الشخصية التي أدت دورها القديرة إنعام سالوسة تلطم على وجهها بعد أن بانت معالم مصيبة الخطف، فأخذ القدير محمد يوسف يصرخ فيها «اهدي يامدام اهدي يامدام» قبل أن يلطم هو راخر بعد أن نقلت له عدوى الهستيريا. يجد المرء نفسه يعيش هذه الحالة وهو يتابع الواقع المحيط بنا، والذي ربما كانت أخطر معالمه أنه لم يعد يوجد لدينا رجال سياسة في مصر، فكل من يتصدرون الساحة الآن لواءات: لواءات شرطة ولواءت جيش ولواءات ثقافة ولواءات إعلام، كل من على الساحة الآن بما فيهم أنصار جماعة الإخوان يشبهون بعضهم وإن بدوا مختلفين تماما، كلهم يتعاملون مع الوضع على أنه مهمة أمنية لا بد من حسمها في أسرع وقت بعد «التخليص» على الأعداء ولا يرضون بأقل من النصر الكامل بديلا، ولا يدرك أحدهم أنه فيما يتعلق بالبشر فإنه لا بديل عن الحلول الوسط أبدا، ولا يفكرون في إن كل صوت حتى لو كان غبيا أو كريها تخرسه بالقتل أو بالسجن أو بالقمع ليس مشكلة محلولة بل سيصبح مشكلة مؤجلة أكثر تعقيدا. كل يوم أتابع مواسير الغباوات الطافحة من القنوات السياسية والإعلامية والإنترنتية وجزء مني يتقمص دور إنعام سالوسة وهي تقول «يانهار اسود يانهار اسود»، فيصرخ الجزء الذي يتقمص دور محمد يوسف صارخا «اهدا يا مدام اهدا يامدام»، لكن جزء إنعام يرفض الهدوء ويستمر في لطم يشاركه فيه جزء محمد يوسف، ويواصل الجزآن اللطم بهمة شديدة في انتظار أن يفرجها الله من عنده قبل أن ينتهي السادة اللواءات جميعا من أداء مهمتهم المقدسة في التخليص على المهمة وعلينا.

● شكرا لكل من سأل عن سر توقف مجلة (المعصرة) التي كانت تنشر في هذه الصحيفة كل أربعاء، لأنه افترض أن شخصي الضعيف يمتلك قوة فولاذية تجعلني مستعدا وسط كل هذا الدم والقرف أن أكتب صفحتين كاملتين يفترض أن تدفعا قارئها إلى البهجة والسخرية. إذا كنت «زبونا قديما» لما كنت أقدمه أنا وصديقي الفنان الكبير عمرو سليم في (قلمين) أيام صحيفة الدستور المتباعة ثم في (معصرة) الشروق، فأنت ربما تعلم كيف وقفنا بكل صلابة ضد حكم مبارك وطنطاوي ومرسي، وتحملنا معا اتهامات التخوين والتكفير وواجهناها بالمزيد من السخرية، كان بيننا أحيانا خلافات طفيفة في التفاصيل، لكنها كانت تذوب أمام اتفاقنا على ضرورة أن يقف قلم الكاتب وريشة الرسام ضد من يحكم، للأسف الشديد لم يعد هذا الإتفاق قائما بالقدر اللازم، وهو ما لن يجعلنا قادرين على تقديم مجلة سياسية ساخرة بنفس ما كان بيننا من تناغم.

موقف عمرو سليم تعبر عنه رسوماته التي تزين هذه الصحيفة، وموقفي تعبر عنه مقالاتي التي أنشرها هنا من السبت إلى الخميس إذا عشنا وكان لنا نشر، صديقي الأبدي عمرو يؤمن أن ما يحدث الآن حرب على الإرهاب الذي تمثله جماعة الإخوان يجب أن نساندها جميعا، وأنا أختلف معه لأنني برغم ما لا أظنك تنساه من معارضتي الشرسة لجماعة الإخوان وبرغم كراهيتي لقادتها الذين خانوا الثورة، أعتقد أن ما كثيرا مما جرى ضدهم يخالف القانون والحرية والعدل والإنسانية، ولا أقبله لخصومي لأني لا أقبله لنفسي، فضلا عن كونه يخدم على المدى الطويل هذه الجماعة ويضر بمصلحة الوطن كما أتصورها، ما أعتقده أيضا أن رفع شعار الحرب على الإرهاب يخفي خلفه سعيا محموما لإمتلاك الأجهزة القمعية كل مقاليد الأمور، ومثلما كانت جماعة الإخوان تستغل شعارات الدين لتحقيق مصالحها الرخيصة فالسلطة الحالية تستغل شعارات الوطنية لتحقيق نفس المصالح الرخيصة، ربما أكون مخطئا وربما يكون عمرو على حق، لكن ما أنا متأكد منه أن كلا منا ينطلق في موقفه من قناعات مبعثها حبه لهذا الوطن ورؤيته التي يصدقها، وما أنا متأكد منه أننا سنعود لتقديم (المعصرة) سويا عندما نجد ما يوحدنا سويا كما كنا من قبل، وأشكر القارئ الكريم على اهتمامه، ولعله يجد في تفقد أرشيف صفحات المعصرة بعض العزاء عن توقفها الذي أتمنى أن يكون مؤقتا. والله من وراء القصد أو هكذا أزعم