مازال هناك لغط مقصود أو غير مقصود، بحسن نية أو بسوء نية حول إيمان المسيحيين فيما يخص «الأرض» الموعودة من الله فى العهد القديم فكثيرون يظنون أن تعاليم المسيحية تكرس هذا الوعد المنسجم مع الإيديولوجية الصهيونية خلافا للحقيقة، فالمسيحية تفرق بين اليهودية كدين وبين الإيديولوجية السياسية وهى الصهيونية. لذا فى اللاهوت المسيحى لا يعرف ما يسمى بالمسيحية الصهيونية، فهذا المسمى تطلقه على نفسها جماعة يتبنون تفسيرات مغلوطة للكتاب المقدس وخاصة العهد القديم وسفر الرؤية فى العهد الجديد. فهناك تناقض كبير بين المسيحية التى هى كدعوة للمحبة والرحمة والسلام والصهيونية التى تعتبر حركة عنصرية وإيديولوجية سياسية وكانت سببا اساسيا فيما حل بالشعب الفلسطينى من نكبات ونكسات، إن المسيحية والصهيونية لا يلتقيان لأن المسيحية تنادى بنصرة المظلومين والمتألمين والمعذبين والمضطهدين فى هذا العالم بينما الصهيونية هى حركة إرهابية كانت سببا أساسيا من أسباب التطهير العرقى الذى حل بفلسطين الأرض المقدسة التى اغتصبوها.
وقد سبق أن أعلنت الكنائس رفضها للتفسيرات الخاطئة للكتاب المقدس التى تتبناها هذه الجماعات الموجودة أغلبها فى امريكا، فهؤلاء يؤيدون إسرائيل بشكل كلى ويتجاهلون حقيقة أن نكبة الشعب الفلسطينى تمت بوعد من بلفور وليس بوعد من الله، فلا يجوز على الإطلاق أن ننسب لله ما ليس فيه، فالله لا يحلل الظلم والتشريد والتهجير.
وهؤلاء هم أقرب إلى اليهودية الصهيونية عنها من المسيحية، فالمسيحية براء من مواقفهم واقوالهم وأفعالهم وانحيازهم للاحتلال وسياساته وظلمه وقمعه وعنصريته.
وللأسف لها نفوذ كبير فى امريكا لأنها تملك المال والإعلام التى تجعلها قادرة على فرض ما تريد والتواء الحقائق.
لذا نناشد الكنائس ضرورة التصدى لهذا الفكر المتصهين المسىء للعقيدة المسيحية وللقيم والأخلاق الإنسانية النبيلة وذلك من خلال أساليب التوعية المتنوعة وتفنيد ادعاءات هذه المجموعات.
إن المسيحيين فى فلسطين كما فى مشرقنا العربى يشعرون بأن هذه الجماعات إنما تسىء إليهم بشكل مباشر لأنها تبرر الاحتلال وسياسته كما أنها تحلل ما حرمه الله وهى امتهان الكرامة الإنسانية والحرية وحقوق الإنسان. المسيحيون الفلسطينيون يرفضون رفضا قاطعا ما تدعيه هذه الجماعات المتصهينة. هؤلاء لا يفكرون بأهمية الحضور المسيحى فى فلسطين ولا فى المنطقة العربية ولكن همهم الأساسى هو دعم إسرائيل وتبرير سياساتها وقمعها وممارساتها السيئة.
لقد أعلنت الكثير من الكنائس المسيحية فى منطقتنا عن رفضها لما تقوم به هذه الجماعات المتصهينة التى تدعى المسيحية زورا ونحن كمسيحيين عرب نعبر عن رفضنا للتفسيرات المغلوطة التى يتبناها هؤلاء حول الكتاب المقدس وخاصة العهد القديم فإننا نؤكد انتماءنا لهذه الأرض ونؤكد بأن الكنيسة المسيحية الأولى التى بزغ نورها من هذه الأرض المقدسة إنما ترفض ما تقوم به هذه الجماعات وما تنادى به ونعتبر ما يسمى بالمسيحية الصهيونية بأنها هرطقة كبرى تستهدف المسيحية وهويتها ومبادئها ورسالتها وحضورها العريق فى هذه المنطقة وفى الأراضى المقدسة بنوع خاص عندما يتضامن هؤلاء المتصهينون مع الاحتلال ويتجاهلون الظلم الواقع على شعبنا ويتجاهلون أن هناك مسيحيين فلسطينيين يعانون كباقى أبناء شعبنا الفلسطينى أن ما يقوم به هؤلاء يتناقض والقيم والمبادئ المسيحية السامية. فى الإنجيل المقدس السيد المسيح عندما كان ينتقل من مكان إلى آخر فى هذه الأرض المقدسة لم نره يذهب إلى الحكام والأغنياء، ولم نره ذاهبا إلى الظالمين متجاهلا المتألمين والمظلومين والحزانى، فقد كانت مواقفه دوما معبرة عن انحيازه للفقراء والحزانى والمرضى والمأسورين والمهمشين، كان نصيرا لكل إنسان مظلوم فى هذا العالم وعلينا أن نتعلم من السيد المسيح كيف يجب أن تكون الإنسانية والحق وكيف يجب أن يكون انحيازنا دوما للمظلومين وليس للظالمين.