نشرت جريدة «واشنطن بوست» مقالا للكاتب «فريد موفنيى» ــ الرئيس السابق للجنة الإعلام الرواندية والمحرر فى دويتشه فيله الإذاعة الألمانية الدولية ــ والذى يتناول الانقلاب العسكرى على الرئيس الزيمبابوى «روبرت موجابى»، والرسائل التى يبعث بها هذا الانقلاب إلى الطغاة الإفريقيين الآخرين.لقد حدث أخيرا، الديكتاتور( روبرت موجابى) سقط بعد عدة أيام من التخبط تلت هذا الانقلاب الغامض، لقد خضع أخيرا للضغوط الواقعة عليه من قبل حلفائه السابقين وأعدائه التقليديين. فى خطاب استقالته حاول موجابى أن يصور أن قرار استقالته جاء طوعا، ومن ثم السماح بالنقل السلمى للسلطة. وهذا الخطاب أوقف إجراءات العزل التى كان البرلمان قد بدأها بالفعل، إنها حقا لحظة تاريخية للشعب الزيمبابوى الذى يتطلع إلى التغيير، كما أنها رسالة مهمة للأفارقة المتعطشين للديمقراطية.
جيل الشباب فى زيمبابوى لم يعرف أى زعيم بخلاف موجابى، كما صرحت زوجته «جرايس» ذات مرة أن روح زوجها سوف تحكم الزيمبابويين فى إشارة إلى أن هذا الرجل سوف يحكم إلى الأبد ولكن جاءت نهايته بعد 37 سنة فى السلطة. إنها إشارة تحذيرية للعديد من القادة الأفارقة الذين يتشبثون بالسلطة على الرغم من الضغوط الممارسة عليهم من قبل شعوبهم.
بالإضافة إلى أن هذا يعتبر نذير شؤم للزعيم الإفريقى صاحب الأمد الأطول فى الحكم ألا وهو الكاميرونى «بول بيا» والذى شغل منصب رئيس الوزراء لمدة 7 سنوات تلتها 35 سنة فى منصب الرئيس.
ومن المؤكد أن سقوط موجابى يبعث برسالة مقلقة أيضا لرئيس غينيا الاستوائية «تيودرو أوبيانج» والذى يحكم منذ 38 سنة، والجنرال «دينيس ساسو نجيسو» رئيس جمهورية الكونغو والذى يحكم منذ 33 سنة، والأوغندى «يورى موسفينى» والذى يحكم منذ 31 سنة، والرواندى «بول كاجامى» والذى يحكم منذ 23 سنة،، حقا إنها قائمة طويلة بالفعل!!
كل هؤلاء الرجال الأقوياء لهم نفس النظرية فى الحكم، أحزابهم الحاكمة تسيطر على الجيش والشرطة والأعمال التجارية الأساسية والمؤسسات المالية كما أن الإعلام تسيطر عليه الدولة، والأحزاب الحاكمة هى التى تقرر من يحيا ومن يموت! والاتحاد الوطنى الإفريقى الزيمبابوى، والجبهة القومية هما نموذج لذلك.
لمدة عقود طويلة كان هناك قاعدة داعمة لموجابى داخل الحزب الحاكم، كما أن الكثير من الأفارقه يعتبرونه بطلا لأنه هو الذى قاد حركة الاستقلال وأنهى حكم الأقلية البيضاء ومن المحتمل أن يظل البعض عند ذلك الرأى، ولكن بالنسبة لمنتقديه هو مثال للديكتاتور الإفريقى المتعطش للسلطة، وهو الرجل الذى دمر بلدا بأكمله من أجل الحفاظ على سلطته.
فى يونيو 2016 بعد شهر واحد فقط من فرارى من بلدى الأم فى رواندا، التقيت بصحفى من زيمبابوى فى مؤتمر إعلامى عالمى فى ألمانيا وأعرب لى عن استيائه من الطريقة التى تتقلص بها حرية الرأى وحرية الصحافة فى ظل نظام موجابى، لقد أخبرته أن الزيمبابويين محظوظون لأن موجابى سوف يترك السلطة قريبا على أى حال بسبب كبر سنه.
وعلى النقيض من ذلك فى رواندا نجد لدينا رجل قوى ما زال لديه القدرة على التحكم فى كل شىء بما فى ذلك الجيش والشرطة وحتى المواطنين.
الرئيس «بول كاجامى» صاحب الـ60 عاما هو أصغر زعيم فى قائمة الزعماء العشر التى تحكم إفريقيا منذ عقود طويلة، سقوط موجابى يجعلنا نرى مرة أخرى أن الطغاة يظهرون دائما كحصون منيعة.
ربما بسبب سنه، نسى موجابى بعض الصفحات الأساسية من كتاب الحكام الديكتاتوريين لقد نسى أن يختار خليفة له لأن حلفاءه السابقين سوف يختارون لخلافته شخصا على غير هواه ألا وهو نائبه السابق (إيمرسون منانجاجوا،) الملقب بـ«التمساح».
وختاما، إذا كنت ديكتاتورا فلابد أن يكون خليفتك تربطه بك علاقة دم ولتكن زوجتك على سبيل المثال، وإذا لم يكن ذلك ممكنا عليك أن تختار خلفا لك مهاراته العامة تتضاءل بجانب مهاراتك، والفكرة هنا أنك إذا أردت أن يتم ذكرك كقائد عظيم عليك أن تختار خلفا لك أحمق. حقا لقد ضيع موجابى الفرصة!
الدرس هنا سهل وبسيط، لا تنتظر حتى يغضب شعبك إذا كانت الأمور تبدو سيئة لك فى أثناء فترة حكمك عليك أن تترك السلطة فى وقت مبكر، إذا فعلت ذلك وغادرت بإرادتك تأكد أن مكانك فى التاريخ محفوظ. ومن ثم على زملاء موجابى مراجعة استراتيجيتهم فى الخروج قبل أن ينتهى بهم الحال إلى نفس مصيره.
النص الأصلى