المقصود بمجلس الشورى الجديد، هو مجلس الشورى بعد الدستور. مجلس الشورى إذا كان سيستمر بتركيبته وصلاحياته الحالية، فالتخلص منه أفضل. ولكن إذا كان سيتم إصلاحه من حيث طريقة انتخابه ومن حيث صلاحياته فهذا مفيد. هناك مزية وعيب فى وجود غرفة أخرى للبرلمان. المزية هو المزيد من النقاش والاستماع لوجهات نظر مختلفة قد تحسن من الأداء، ولكن العيب أنه فى حالة غياب أغلبية متوازية (concurrent majority) فى المجلسين فتكون هناك تعقيدات وموازنات واجتماعات وصولا إلى حلول وسط.
الدول الموحدة (أى غير الفيدرالية) التى تتبنى صيغة الغرفتين أو المجلسين التشريعين مثل فرنسا، انجلترا، إيطاليا، اليابان، إسبانيا، رومانيا، (وكذلك مصر ما قبل الثورة) سعت لأن يكون كل مجلس يمثل شريحة مختلفة من المواطنين بحيث يحدث التكامل بين وجهتى النظر. ولهذا كان المقترح فى دستور «بيت الحكمة» أن يتكون مجلس الشورى، حال الإبقاء عليه، من:
(أ) مائة عضو على الأقل ينتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر، ويحدد القانون دوائرهم الانتخابية.
(ب) مائة عضو على الأقل تنتخبهم من بين أعضائها الجامعات والنقابات واتحادات نقابات العمال والغرف والجمعيات والهيئات التى تنظم المشتغلين بالزراعة والصناعة والتجارة والتعليم والمهن الحرة والجمعيات الأهلية، ويحدد القانون الإجراءات اللازمة لانتخاب هؤلاء الأعضاء.
(ج) أربعون عضوا على الأكثر يعينهم رئيس الجمهورية، بناء على اقتراح مجلس الوزراء، من أصحاب الكفاءات العلمية والفنية. ويختارون من بين رؤساء الوزارات والوزراء السابقين وأعضاء مجلسى الشعب والشورى السابقين وكبار العلماء والمؤسسات الدينية والقضاة والدبلوماسيين وضباط القوات المسلحة المتقاعدين والموظفين العامين من درجة رئيس قطاع فأعلى ورؤساء وأساتذة الجامعات. ولا يزيد الأعضاء المعينون على خُمس العدد الإجمالى لأعضاء المجلس على ألا تقل نسبة تمثيل المرأة عن عشرة بالمائة من أعضاء المجلس.
(د) عشرة أعضاء على الأقل، ينتخبهم المصريون المقيمون بالخارج على النحو المبين بالقانون.
ويُعين عضوا فى مجلس الشورى مدى الحياة كل رؤساء الجمهورية السابقين المتمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية ما لم يكونوا قد أسهموا فى إفساد الحياة السياسية.
وإذا كان لا يوجد شرط مؤهل علمى مرتفع بالضرورة فى عضو مجلس الشعب، فقد كان الشرط المقترح فى أعضاء مجلس الشورى أن يكونوا حاصلين على درجة جامعية (بكالوريوس أو ليسانس أو ما يعادلهما).
وإلزاما لابد من عرض أى مشروعات قوانين على مجلس الشورى ابتداء بمعنى أن تبدأ مناقشتها فى مجلس الشورى أولا، ويجب أن ينهى مجلس الشورى مناقشتها خلال شهر من تاريخ التقديم، وعند إقرارها أو انقضاء الشهر، تحال مشروعات القوانين إلى مجلس الشعب، وتصدر القوانين من رئيس الجمهورية بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب عليها. واقترح «بيت الحكمة» كذلك أنه «فى غير مشروع قانون الموازنة العامة للدولة، يجوز لمجلس الشعب بأغلبية الثلثين الموافقة على مشروعات القوانين التى سبق لمجلس الشورى الاعتراض عليها، أو لم يقرها». وفى هذا تقديم لمجلس الشعب على الشورى إن توافرت أغلبية استثنائية داخل مجلس الشعب.
ويكون لمجلس الشورى اختصاص أن يكون «الحكم» بين الرئيس ومجلس الشعب إذا اعترض رئيس الجمهورية على أى مشروع قانون وافق عليه مجلس الشعب. هنا يعود مشروع القانون المرفوض من الرئيس إلى مجلس الشورى خلال ثلاثين يوما. وتكون موافقة مجلس الشورى إجبارية فى هذه الحالة، فإذا وافق عليه كل من مجلسى الشعب والشورى مرة أخرى، يتعين على رئيس الجمهورية إصدار القانون.
وبهذا نحفظ التوازن بين المجلسين والرئيس، ونقلل من احتمالات أى شلل سياسى يعطل مصالح الدولة.