بصمة العنف الوراثية - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 1:17 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بصمة العنف الوراثية

نشر فى : الإثنين 30 أبريل 2012 - 8:10 ص | آخر تحديث : الإثنين 30 أبريل 2012 - 8:10 ص

أحد الموضوعات العلمية الشيقة التى تستهوينى دائما هو ما يشرح العلاقة بين موروثات الإنسان والبيئة التى ينشأ ويعيش فيها. كنت دائما أعتقد أن ميراثنا من الكروموسومات وما عليها من جينات إنما هى مجموعة من المفاتيح المتأهبة للعمل.

 

يعمل منها فقط من تطاله لمسة الطبيعة السحرية. بمعنى آخر أننا نولد سواء حزمة من الموروثات غافية لا يتنبه منها إلا من يستقبل إشارة محددة من البيئة التى تصادف أن ولد فيها. ليس لدى بالطبع سند علمى مؤكد يدعم قناعتى لكنى حرصت منذ أن راودتنى تلك الفكرة على أن أجمع قصاصات عن تجارب أخرى ربما اكتملت لدى الصورة كلوحة من قطع الموزاييك يوما ما.

 

الحديث عن الموروثات يبدأ دائما بالحديث عن الحامض النووى دى. إن. إى ومنه تلك الشفرة التى تحمل سر الحياة وكل تفاصيل مستقبل مولود جاء إليها منذ لحظات.

 

كل الخلايا تحمل تلك الشفرة ممثلة فى الكروموسومات تصطف عليها الجينات أو الموروثات الجينية الحاملة للصفات. فى نهاية كل كروموسوم قطعة صغيرة من ذلك الحامض النووى يطلق عليها اسم التيلومير (Telomeres) بمثابة قدر الإنسان. كل مرة تنقسم فيه الخلية تنتقص من طول هذا التيلومير. بمعنى آخر عمر تلك الخلية مرتبط بطول التيلومير الذى يبدو كمفتاح مبرمج يحدد عمر الخلية وساعة وفاتها فلا يسمح لها إلا بعدد مرات محددة من الانقسام تموت بعدها ومعها ينتهى.

 

التطور المذهل فى السنوات الأخيرة والذى معه اكتمل الجينوم البشرى سمح بمعرفة تلك الحقائق المدهشة والتى منها أيضا أن الضغوط النفسية والعصبية والأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكر والسمنة إنما تساهم فى تحفيز عملية تقصير التيلومير وبالتالى شيخوخة الخلايا.

 

هذا الأسبوع طالعت أخبار تجربة علمية نفسية هامة أعلنت نتائجها فى بريطانيا من معهد أبحاث الجينوم البشرى تتحدث عن علاقة بين التيلومير تشير إلى تناقص طوله بصورة أسرع لدى الأطفال الذين يتعرضون لعنف بدنى مقارنة بمن هم فى نفس أعمارهم ويعيشون حياة أسرية طبيعية ينعمون فيها برعاية نفسية وجسدية.

 

الدراسة رصدت تلك العلاقة لدى 1.100 توائم ولدوا فى بداية التسعينيات أعمارهم تقارب العشرين الآن كان قد تم تجميع عينات من الحامض النووى لديهم فى سن الخامسة والعاشرة لكل منهم.

 

قصاصة أخرى مدهشة تنضم لمجموعتى. قطعة من المعرفة ثمينة للغاية معها تتضح معالم الصورة فهل تكتمل يوما ما؟

التعليقات