الاجتماع السنوى للجمعية العامة للأمم المتحدة حفل هذه السنة بنجوم جذبوا الإعلام من باب الإثارة السياسية أو الحضور الجديد. ويمكن القول بأن خطابى باراك أوباما وفرنسوا هولاند شكّلا علامات بارزة فى هذا الحفل الدبلوماسى السنوى. وكان الشأن السورى العامل المشترك بين المداخلتين على اختلاف المعالجة والطرح.
الرئيس الأمريكى باراك أوباما، الذى سيواجه بعد أسابيع صناديق الاقتراع التى ستحاسبه على ما أنجزه إبّان رئاسته داخليا بالأساس، وخارجيا على الهامش، يقول بأن النظام السورى يجب أن ينتهى. وهو لم يخترع العجلة فى هذا القول المكرر والذى أصبح رداء رثّا من كثرة الاستعمال فى الإدارة الأمريكية بين مختلف درجاتها. ولكنه بالمقابل، وفى لفتة انتخابية أساسية، يتوسّع فى الحديث عن النووى الإيرانى ويعتبره، إن تحول إلى سلاح، خطرا محدقا بالحليف الإسرائيلى كورقة البنكنوت الرئيسية، وببعض من دول المنطقة، كالفكّة. وعندما يتحدث رئيس أمريكا أمام زعماء العالم، لا يمتنع عن التمييز الإيجابى بحق إسرائيل الضحية الوحيدة المحتملة لسلاح نووى محتمل. أما الضحايا الآخرون لسلاح نووى موجود، وبكثرة، فى دولة اسرائيل، فهو للزينة، ليس إلا، فى اعتقادات السيد أوباما الانتخابية. وهذا السلاح لا يهدد أحدا، بل على العكس، فهو ضمانة حضارية للاستقرار وللسلم العالميين.
●●●
من جانبه، خرج الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند فى مداخلته الأولى أمام المحفل الدولى بعد أربعة أشهر من انتخابه، ليذكّر العالم بما يمكن تسميته متلازمة رؤساء فرنسا، وهى القيم الإنسانية. وليتطرق من جهة أخرى، وبتوسع أكبر، للوضع السورى وإن أضاف إليه الوضع فى مالى لطرح تصوراته للمشهد الدولى. وكان حديثه أكثر تواضعا من حيث اعترافه بالعجز الدولى أمام الملف السورى والذى اعتبره الأمر الطارئ الأول. متسائلا عن الكم من الضحايا اللازم لتحريك المشاعر والتصرفات، ومنبها إلى وضع إنسانى كارثى على المجتمع «الدولى» مواجهته. وطلب بصراحة من السوريين تشكيل حكومة مؤقتة واعدا بالاعتراف السريع بها.
من الجانب الأمريكى، لا جديد سوى تكرار ما يكرر منذ عام وأكثر. ولكن المؤشّر المقلق والذى يدلّ على عدم وضوح الرؤية فى الإدارة الأوبامية، هو استقالة المكلف بالملف السورى السفير ديفيد هوف فى يوم الخطاب.
وأيضا، فمن الجانب الفرنسى، الحديث عن ضرورة المساعدات الانسانية أسلوب أوروبى جديد قديم للنأى بالذات عن المساءلة وعن المسئولية.
●●●
الجانبان الأمريكى والفرنسى، مؤمنان بضرورة دعم مهمة الأخضر الإبراهيمى التى لم تتضح خطوطها العريضة بعد. والإبراهيمى «يطمئن» المراقبين بأنه يحتاج إلى شهرين لكى ينسج خطته. وبالمقابل، تتحدث الأوساط الرسمية السورية عن مدة مماثلة لتطهير البلاد من «العصابات». ويستمر زعماء العالم بالصعود على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة للتعبير عن تضامنهم الإنسانى ودعمهم الإنسانى وعجزهم الإنسانى. فى ذات اليوم الذى خطب فيه أوباما وهولاند، سقط 343 ضحية فى سوريا و193 ضحية هم الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة.