حينما يتلقى الإنسان خبرا صادما وهو بعيد عن الوطن تبدو الصدمة مضاعفة فوجود الإنسان فى بلده يحميه الى حد بعيد من تداعيات الحدث.
تناقلت وسائل الإعلام فى أوروبا ــ وكالة BBC وأمريكا وكندا ــ خبر الحكم بالسجن على الطبيب المصرى الذى أجرى عملية ختان لطفلة من المنصورة أدت إلى وفاتها، وحكم عليه بالسجن لعامين وإغلاق عيادته بينما تلقى والدها الذى دفعها إلى مصيرها حكما بثلاثة أشهر مع إيقاف التنفيذ.
يتكرر الخبر مرات متعددة طوال النهار فى محطات التليفزيون المختلفة فى كندا وتصدرت صورتها الصفحات تطل بعيون واسعة بريئة على العالم بعد وفاتها بسنتين تسأل كل من يطالعها: لماذا كان يجب أن أموت دون ذنب جنيت سوى أن أبى يخاف أن يتهم بأنه لم يحمنى من نفسى؟
كان من الطبيعى أن يبدأ الجميع فى التعليق.. المصريون فى مونتريال يكونون مجتمعا مازالت جذوره تنبض فى الوطن. الأغلب كانوا أكثر تعاطفا مع الطفلة البريئة ضحية أبيها الجاهل والطبيب القاسى.. التعليق الغالب أن الحكم حكم تاريخى يعيد إلى مصر كرامتها الاجتماعية فى نظر العالم. حكم رادع لكل طبيب مصرى تسول له نفسه أن يقوم على تلك الجريمة.
الواقع أننى بعيدة عن الوطن ــ فى مونتريال كندا حاليا ــ أعانى الإحساس بمرارة تختلط بالمهانة. سواء كان الختان عادة فرعونية أو لها أصول سودانية فإنها عادة يجب أن تجتث من جذورها. كانت بالفعل حملة موفقة لنشطاء العمل الاجتماعى فى مصر رغم أن الإعلام الغربى يسير فيما يسير إليه من تفاصيل الحدث إلى أن مصر أعلى نسبة من كل البلاد العربية حرصا على عادة ختان الإناث حتى الآن.
ارتباط عادة الختان بالتقاليد الاجتماعية المصرية وتعاليم الإسلام قضية أخطر بكثير من قضايا تفور الآن فى مصر، قضية تحتاج تضامن الجميع وتستفز أصحاب الإصوات العالية المدافعة عن حقوق الإنسان.
الأب والطبيب والبريئة الجميلة الطفلة التى سالت دماؤها فى المنصورة كلهم ضحايا مجتمع ضاعت فيه حقوق الإنسان.