نشر موقع «Geopolitical Monitor» مقالا للكاتبة «Naima GreenــRiley» تناولت فيه الحرب بين الولايات المتحدة والصين حول تكنولوجيا الجيل الخامس وسياسات الصين فى استخدام الدبلوماسية العامة لمواجهة هجوم الحكومة الأمريكية عليها.
خلال الأشهر القليلة الماضية، تحولت المنافسة لاحتكار شبكة الجيل الخامس (5G) الجديدة فى الهواتف المحمولة فى السوق إلى حرب بين الولايات المتحدة والصين. بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومى، حثت واشنطن حلفائها وشركائها فى جميع أنحاء العالم على حظر استخدام المعدات التى تصنعها شركة الاتصالات الرائدة فى الصين «هواوى» والتى أعدت لتستقبل الـ (5G).
واستجابة إلى ما قامت به الولايات المتحدة، قررت هواوى الرد باستخدام أداة مباشرة وهى القيام بحملة إعلامية موجهة إلى الصحفيين والجمهور الأمريكى. وهذا الهجوم المضاد من الممكن تسميته «الدبلوماسية العامة». وفقا لما حدده المؤرخ الدبلوماسى وأستاذ جامعة جنوب كاليفورنيا «نيك كول»، فإن الدبلوماسية العامة هى «محاولة فاعل دولى فى إدارة البيئة الدولية من خلال التواصل مع جمهور بلد آخر» ومحاولة التودد إلى الشعب الأمريكى، وهو ما يؤدى إلى خلق لحظة قصيرة من الممكن من خلال دراستها أن يستفيد منها طلاب الدبلوماسية العامة والعلاقات العامة.
فى أواخر شهر فبراير، وضعت هواوى عدة إعلانات أخذت صفحات كاملة فى الجرائد الأمريكية مثل «واشنطن بوست» و«ذا وال ستريت» وعلى المواقع الأجنبية، احتوت على رسالة قصيرة من المديرة التنفيذية «كاثرين شين» تتضمن عبارة «لا تصدق كل ما تسمعه». فى الخطاب، تحدثت كاثرين على أن شركة هواوى تسعى إلى تحقيق الصالح العالمى مع ذكر إسهامات الشركة فى عمليات الإغاثة من الكوارث ودعم البحوث التكنولوجية العالمية. وتقول «لقد كرسنا قلوبنا وأرواحنا من أجل نشر التواصل بين الناس وسد الفجوة الرقمية فى الأماكن النائية حول العالم ــ أماكن لا تسعى الشركات الأخرى للذهاب إليها». وبعدها قامت بدعوة مفتوحة إلى «أعضاء الإعلام الأمريكى «لزيارة مبنى هواوى و«نقل ومشاركة كل ما يروه ويسمعوه للقراء والمشاهدين والمستمعين».
بعد فترة وجيزة من ظهور الإعلانات فى وسائل الإعلام الأمريكية، ذكرت مجموعة من الصحفيين الأمريكيين البارزين أنهم تلقوا رسائل على بريدهم الإلكترونى من شركة علاقات عامة تدعوهم فيها للمشاركة فى رحلة مدفوعة التكاليف إلى مقر هواوى فى شنتشن. نشر جوش روجين، كاتب عمود فى صحيفة واشنطن بوست، رسالة البريد الإلكترونى على موقع Twitter، ودون غاضبا الأسباب التى توضح رفضه لهذه الدعوة. روجن جعل موقفه صريحا: فيتعارض مع أخلاقياته المهنية والشخصية قبول الهدايا من شركة مثل هواوى التى تربطها صلات وثيقة بالحكومة الصينية.
جادل البعض بأن رد فعل روجين كان مبالغ فيه، مشيرين إلى حقيقة أن البريد الإلكترونى تضمن التنبيه بأنه فقط إذا كان يمكنه قبول السفر المدفوع، فستغطى الشركة تكاليف الرحلة، مما يعنى فهمها لأخلاقيات الصحافة. ومع ذلك، فإن حملة هواوى للعلاقات العامة كان بها عيب أسوأ.
كانت المشكلة الحقيقية فى دعوة شركة هواوى هى المناشدة التى تمت للصحفيين فى هذا الإعلان. من خلال ما قامت به كاثرين من مدح شركتها ثم دعوة الصحفيين لزيارة ومشاركة هذه الرسالة مع القراء، افترضت أن تجارب الصحفيين فى هواوى ستكون إيجابية. فتوقعت من خلال دعوتها أن الصحفيين سيشاركونها رؤيتها عن هواوى كشركة تدعو للخير العام بعد رحلة قصيرة. وفى قراءة أخرى للموقف، من الممكن أن يعتبر طلبها لنشر رسالتها أمرا ملزما فى مقابل الرحلة.
من خلال هذا من الممكن أن تستفيد هواوى من بعض أفضل ممارسات حكومتها فى سياساتها فى الدبلوماسية العامة. فمن الشائع أن تدعوا الحكومات الصحفيين وأعضاء المجتمع المدنى لزيارات مدفوعة التكاليف. على سبيل المثال، حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تدعو صحفيين أجانب إلى زيارة بلدهم لمدة ثلاثة أسابيع مدفوعة التكاليف من خلال برنامج إدوارد مارون، الذى يطرح هذا البرنامج كل عام. المشاركون يتفاعلون مع زملائهم الأمريكيين ويتعرفون على البيئة المهنية لمختلف أنواع الصحافة فى الولايات المتحدة. يكتبون فى بعض الأحيان عن تجاربهم، ولا يطلب منهم كتابة شىء معين. ونفس الشىء يحدث فى بريطانيا، فيستضيف المجلس الثقافى البريطانى الممول من قبل الحكومة البريطانية برنامج «Future News Worldwide»، وهو مؤتمر يجمع طلاب الصحافة الأجانب لتطوير مهاراتهم كمحترفين إعلاميين. ولا تشمل الدعوة رسالة من المنظمين تجعل المشاركين يشاركون رسالة معينة.
من الجيد رؤية رغبة هواوى فى فتح أبوابها أمام الصحفيين الأجانب. ولكن إذا أرادت هذه الشركة أن تحصل على الثقة، فيكون من الجيد السماح لتجربتها بالتحدث عن نفسها والسماح للصحفيين المدعوين بالتوصل إلى استنتاجاتهم. فبعد كل شىء، يكمن فن الدبلوماسية العامة فى خلق المشاركة بين الناس ــ وليس فى دفع روايات مسبقة الصنع.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغني
النص الأصلى