الشرطة فى خدمة الانفلات - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 5:17 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الشرطة فى خدمة الانفلات

نشر فى : الأربعاء 31 أكتوبر 2012 - 7:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 31 أكتوبر 2012 - 7:55 ص

الأخطر فى واقعة إفشال حفل العيد الغنائى بالمنيا ليس أن أفرادا أو مجموعة أو جماعة قرروا أن يكونوا هم الدولة وهم القانون، بل هو رد فعل الدولة على هذه الإزاحة لها من المعادلة.

 

والأخطر فى مهرجان التحرش المتكرر كل عيد، ليس هذا الاجتراء من قطعان بشرية على القانون وعلى المجتمع وتقاليده وأعرافه، وإنما هو موقف الدولة ممثلة فى جهاز الشرطة من هذا التعدى الصارخ على كل القيم المحترمة فى المجتمع.

 

فى واقعة المنيا وحسب تقرير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بشأنها فقد كان هناك موقف سلبى متخاذل من الدولة ممثلة فى الشرطة حيث يدين التقرير «الموقف المتخاذل إلى حد التواطؤ من الشرطة التى لم يحاول أفرادها التدخل لوقف الاعتداء، واكتفى قياديون فيها بنصح منظمى الحفل بوقفه لتجنب الاشتباك مع المعتدين».

 

ويضيف البيان «إن هذه الواقعة قد انطوت على عدد من الخروقات القانونية التى لا ينبغى تجاهلها، إن كانت السلطات المصرية حريصة كما تدعى على إرساء قواعد سيادة القانون ومواجهة مظاهر الفوضى والانفلات الأمنى».

 

ومن المنيا إلى كورنيش النيل بالقاهرة يتكرر مشهد صمت جهاز الشرطة أمام تجاوز القانون وإهانته فى وقائع التحرش التى جرت تحت بصر رجال الشرطة الذين اكتفوا بالفرجة فى حالات كثيرة، وحسب غرفة عمليات مبادرة «شفت تحرش» فإنها رصدت تحرش العديد من الشباب والصبية بالفتيات وأن شابا جذب فتاة بعنف وحاول احتضانها فقاومته فيما كان أفراد من الأمن يشاهدون الموقف ويتضاحكون ويسخرون من الضحية.

 

إن التحرش هنا ليس تحرشا بالفتيات فقط، بل هو فى المقام الأول تحرش بالقانون واستخفاف به، وكما يقال «من أمن العقوبة أساء الأدب» ولذا حين يكون رد فعل المسئولين عن حماية القانون والدفاع عنه ضد المتجاوزين هو الفرجة والضحك والسخرية من الضحايا، فإنهم هنا يكونون مشاركين فى جريمة انتهاك القوانين والاعتداء على حقوق البشر، ويكونون رعاة للانفلات والفوضى، بدلا من أن يكونوا حماة للقانون والمجتمع.

 

وطوال الوقت هناك أفراد أو مجموعات يعتبرون أنفسهم فوق القانون، أو هم القانون ذاته، أو أنهم يطبقون القانون من منظورهم الخاص وفقا لمفهومهم عن الحياة والمجتمع، ولذلك توصلت البشرية إلى اختراع اسمه العقد الاجتماعى، الذى ينقل المجتمع من حالة الفوضى والهمجية واللاقانون إلى حالة النظام والتحضر والقانون الذى يطبق على الجميع بمعيار واحد، وهذه هى الضمانة الوحيدة للبقاء، ودون ذلك سيتحول المجتمع إلى غابة تعيش حالة تناحر واحتراب بين أفراده، تؤول فى النهاية إلى فناء الجميع.

 

ولعل هذه الوقائع تكون حاضرة فى أذهان الذين يتنازعون فى كتابة الدستور «أبو القوانين» الآن ليدركوا أننا بلا توافق جاد وحقيقى ذاهبون جميعا إلى الهاوية.

وائل قنديل كاتب صحفي