غرف تخص الكُتاب - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأحد 9 مارس 2025 11:35 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

غرف تخص الكُتاب

نشر فى : السبت 8 مارس 2025 - 7:20 م | آخر تحديث : السبت 8 مارس 2025 - 7:20 م

حوّل الروس الشقة التى عاش فيها شاعرهم الكبير ألكسندر بوشكين إلى متحف. فى هذه الشقة أيضا مات بوشكين بعد يومين من مبارزة مع الفرنسى جورج دانتس يقال إنها مدبرة لقتله. يقصد محبّو الشاعر على مرّ الأجيال المتحف الذى نجا من الحصار النازى على مدينة ليننجراد، سانت بطرسبورج حاليا، واستمرّ 872 يوما، دُمّرت خلالها المدينة، ومات الكثير من أهلها جوعا، وما كانت نجاة هذه الشقة ممكنة لولا الأولوية التى منحها الروس للأدب.
قصد الكاتب الإنجليزى أدريان موبى سانت بطرسبورج فى يومٍ بارد، أحاط فيه الثلج المتناثر من السماء بلحيته، ولفحت خدّه ريح وصفها بالشريرة لشدة برودتها، لزيارة الشقة – المتحف. وهو يجول فيها قال له الحارس بتعبير شعرى: «أشياء كثيرة هنا تتذكر ملمس بوشكين». نظر موبى إلى مقعد الشاعر المصنوع من الجلد وأريكته، إلى جانب مكتب الكتابة الخاص به والورق الذى كان يكتب عليه، ووجد كذلك قلم حبر أسود، وصورة لرجل زنجى يقال إنه سلف بوشكين حبشى الجذور.
لم تكن غرفة بوشكين سوى واحدة من خمسين غرفة موزعة على مُدن فى مختلف بلدان العالم: إيطاليا، إنجلترا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، شرق آسيا، شمال إفريقيا، قصدها الكاتب ليضع عنها كتابا أسماه «غُرف تنتمى لأصحابها»، مذيلا إياه بعنوان فرعى: «ماذا تقول الأمكنة التى لم يلتفت إليها أحد؟»، ترجمه إلى العربية عبدالله عبيد؟ وغاية الكتاب التعرف على الغرف التى عاش فيها مشاهير من أدباء العالم، أو اعتبروها مكانهم المفضل للكتابة، لذلك اقترنت تلك الغرف بروائع خلّدها تاريخ الأدب العالمى، ومن بين الخمسين كاتبا وكاتبة الذين اختار الكاتب زيارة غرفهم، نورد بعض الأسماء: إرنست همنغواى، تشارلز ديكنز، مارسيل بروست، أوسكار وايلد، جان بول سارتر، ديستوفسكى، بولجاكوف، جراهام جرين، برنارد شو، فرجينيا وولف وغيرهم.
لاحظ الكاتب أن كثيرًا من غرف الكتّاب التى زارها يشوبها الحزن، خاصة عندما ينسحب أصحابها من الحياة مبكرا، كما هى حال بوشكين ذاته الذى مات وهو لما يزل فى السابعة والثلاثين من عمره، وحال فيرجينيا وولف التى حملها الاكتئاب على أن تُغرق نفسها فى نهر أوس وفيه تموت.
لم يكن النهر بعيدا عن البيت الريفى الذى اختارته مع زوجها مسكنا بعيدا عن ضجيج لندن، حتى إنها كتبت لزوجها: «سيكون هذا البيت عنواننا إلى الأبد»، كأنّها عثرت أخيرا على الغرفة التى تخصّها، لو استوحينا القول من عنوان كتابها: «غرفة تخصّ المرء وحده»، وهو ما لم تفعله، ففى رسالةٍ أخرى لزوجها قالت: «لقد فقدتُ كل شىء إلا يقينى بك، لذا لم يعد بوسعى الاستمرار فى إفساد حياتك لفترة أطول»، ثم قصدت النهر وتوغلت فى مياهه حتى غرقت.
حسن مدن
صحيفة الخليج الإماراتية

التعليقات