خلص تقرير أعدته النيابة العامة الفلسطينية، وأعلنت نتائجه اليوم الخميس، إلى أن المقذوف الناري الذي أصاب رأس الصحفية شيرين أبو عاقلة وأدى لاستشهادها، هو من النوع الخارق للدروع، ويحمل خصائص تُستخدم مع سلاح قناص.
وأوضح النائب العام الفلسطيني المستشار أكرم الخطيب، في مؤتمر صحفي، عقده في مقر الرئاسة بمدينة رام الله حول تفاصيل التحقيق باغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة، أن التقرير المفصل الذي أعد حول جريمة اغتيال الشهيدة أبو عاقلة، يؤكد أن أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي أطلق الرصاص على أبو عاقلة وأصابها في الرأس أثناء محاولتها الهرب للاحتماء، وأشار إلى أن إطلاق النار صوب الصحفيين كان بشكل مباشر ومتعمد.
وأضاف أن آثار المقذوفات النارية المتكررة في موقع استشهاد أبو عاقلة تدلل على نية القتل، منوها إلى أن ذلك يعززه استمرار جنود الاحتلال في إطلاق النار صوب كل من حاول الوصول إلى أبو عاقلة لإسعافها أو مساعدتها.
وشدد الخطيب على أن الوقائع التي تنفي وجود اشتباكات مسلحة في مسرح الجريمة، تظهر توفر أركان جريمة حرب ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن التحقيق سيكون حجر الأساس في ملاحقة المجرمين والقتلة.
وقال إنه عند وصول جثمان الصحفية أبو عاقلة إلى مستشفى ابن سينا في مدينة جنين انتقلت النيابة العامة مباشرة إلى المستشفى برفقة فريق من الطب العدلي والأدلة الجنائية لإجراء الكشف الظاهري على جثمانها، كما تقرر إحالة الجثمان إلى معهد الطب الشرعي في مستشفى جامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس لإجراء عملية التشريح من قبل فريق متخصص في الطب الشرعي وإعداد تقرير مفصل بالنتائج، للوقوف على السبب المباشر للوفاة وظروفها وطبيعتها.
وأضاف الخطيب أنه وبنتيجة التحقيقات التي أجريت في ملف التحقيق، فقد خلص إلى أنه وفي صباح يوم الأربعاء الموافق 11-5-2022 وما بين الساعة السادسة إلى السادسة والنصف، وأثناء تواجد عدد من الصحفيين ومن ضمنهم الشهيدة أبوعاقلة بالقرب من دوار العودة في مدينة جنين للتغطية الصحفية للعملية العسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة مخيم جنين، حيث كان جميع الصحفيين يرتدون زي الصحافة المتعارف عليه دوليا ومحليا والمتمثل بخوذة الرأس والسترة الواقية والتي تحمل علامات واضحة تشير إلى هوية الصحافة والمتمثلة بكلمة صحافة باللغة الإنجليزية، وكانوا يقفون في مكان معروف للكافة بكونه مكانا لتجمع الصحفيين وفي الجهة المقابلة لهم وعلى بعد حوالي 200 متر في الطريق الفرعي المؤدي للمخيم الجديد ومنطقة الجابريات كانت تتمركز قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي في منتصف الشارع، وكون أن الشارع الفرعي المتوقفة في وسطه قوات الاحتلال مستقيم ومكشوف فلم يكن هناك ما يعيق الرؤية حيث مكث الصحفيون فترة من الوقت على مدخل الطريق الفرعي المذكور، بما يؤكد رؤية قوات الاحتلال لهم بشكل جلي.
وتابع أنه بعد أن قام الصحفيون الأربعة بالإجراءات المتعارف عليها في التغطية الميدانية بأن قاموا بكشف أنفسهم ولباسهم الصحفي لقوات الاحتلال بدأوا بالتقدم في الشارع الفرعي مسافة أمتار قليلة ولم يصدر عن قوات الاحتلال أي إشارة تفيد بعدم الاقتراب أو التراجع، ومباشرة بدأت قوات الاحتلال المتمركزة في وسط الشارع بإطلاق الأعيرة النارية تجاههم، الأمر الذي دفع الصحفيين للانسحاب من المكان ومحاولة الاحتماء، وأثناء ذلك أصيب الصحفي علي سمودي برصاصة مباشرة في الجهة العليا اليسرى من الظهر، واستمر جنود الاحتلال باستهداف الصحفيين رغم محاولتهم الهروب من المكان حيث كان إطلاق النار بشكل متقطع ومباشر.
واستكمل الخطيب أن هذه الوقائع المرتكبة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي والمثبتة بالأدلة الدامغة تشكل أركان وعناصر جريمة القتل الواقعة على الصحفية الشهيدة وأركان وعناصر جريمة الشروع بالقتل العمد الواقعة على الصحفي علي السمودي وباقي الصحفيين المرافقين لهما، وفقا للقوانين الوطنية السارية، كما تشكل في الوقت ذاته جريمة حرب وفق المعايير والمواثيق الدولية.
وقال الخطيب إنه تم تسليم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ظهر اليوم نسخة عن كامل ملف التحقيق، مشيدا بموقفه الداعم للنيابة العامة منذ البداية في إجراء تحقيق مستقل في الجريمة.
وشدد النائب العام على أن مهنة الصحافة هي مهنة سامية، وأن الصحفية شيرين أبو عاقلة هي أيقونة الإعلام الفلسطيني التي استشهدت على أرض الوطن في سبيل رسالتها وسعيها الدؤوب في نقل الحقيقة، وقال نحن اليوم عين الحقيقة لكشف وقائع الجريمة المرتكبة بحقها معززة بالأدلة والبراهين لنجد آذانا صاغية لدى المجتمع الدولي لملاحقة قتلتها ومنعهم من الإفلات من العقاب.
ومن جانبه، قال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة إن تعليمات الرئيس محمود عباس تنص على أن التقرير المتقن الذي أعدته النيابة العامة الفلسطينية، سيكون مفتوحا لكل من يريد أن يعرف الحقيقة.
وأكد أنه من الواضح أن التقرير يتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر بارتكاب هذه الجريمة وتحمل مسؤوليتها، منوها إلى أن وزارة الخارجية والمغتربين قدمت كل الوثائق المطلوبة لكل الجهات الدولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية، من أجل توثيق كل الجرائم وفقا لهذا التقرير.
وبين أن تقرير النيابة العامة، يمثل وثيقة رسمية أخرى شديدة الوضوح، تتهم جيش الاحتلال بارتكاب المجازر وقتل الفلسطينيين والاعتداء على المدنيين، وهذه الجرائم ستوثق وستكون موضوعة أمام المجتمع الدولي.
وتابع أبو ردينة: "التقرير في يد الرئيس ولم يسلم لأي جهة حتى هذه اللحظة، ولدينا كل الثقة بالشعب وقدراته وخبرائه وبالتقرير المبني على أسس علمية دقيقة وثابتة".
وأضاف: "سنستمر في الإجراءات القانونية حتى النهاية، وإلى كل المنتديات الدولية وفي أي مكان ولن يتم التخلي عن حق واحد من حقوق الشعب الفلسطيني والمحاكم الدولية ستعرض عليها كافة الوثائق بما فيها هذا التقرير الهام، وسبق وأن أحلنا إلى الجنائية الدولية الكثير من الوثائق، الرئاسة الفلسطينية لن تتخلى لحظة واحدة عن حقوق الشعب الفلسطيني، ومنها حق التوجه إلى كل الاتجاهات الدولية، وتم الانضمام لمئات المنظمات الدولية، التي هُددنا إذا ما انضممنا لها، ومنها الجنائية الدولية والإدارة الأمريكية السابقة اعتبرت الانضمام والتوجه إلى هذه المحكمة يمثل خيارا نوويا، وبرغم ذلك رفض الرئيس محمود عباس هذه التهديدات، وأصر على الانضمام للمحكمة".