قصيدة فى محبة الشاعر الكبير فاروق جويدة فى عيد ميلاده - بوابة الشروق
الأحد 22 سبتمبر 2024 2:11 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قصيدة فى محبة الشاعر الكبير فاروق جويدة فى عيد ميلاده

كتبت ــ منى أبو النصر
نشر في: الجمعة 1 مارس 2024 - 9:24 م | آخر تحديث: الجمعة 1 مارس 2024 - 9:24 م

تجمّع الأصدقاء من كل صوب، حاملين معهم الذكرى، والابتسامة، وكثير من الأمنيات لشاعِرهم وصديق عمرهم فاروق جويدة، الذى نظمّت دار «الشروق» احتفالية خاصة تتزامن وعيد ميلاده الـ 78، واستمرت لساعات غمرتها روح شفيفة من المحبة بين الحضور، الذين استقبلهم المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة دار «الشروق»، والسيدة أميرة أبو المجد العضو المنتدب لدار الشروق.

سرعان ما تواشجت تهنئات عيد الميلاد بالحكايات الطويلة، ما بين فضاء الشِعر، وصخب السياسة، ودراما الاقتصاد، وأروقة الصحافة، ومُشاكسات كرة القدم، والكثير من مُراوغات العُمر، والسخرية من زحفه السريع تباعا بين جيل الأصدقاء، على طريقة «أنت لم تبلغ الأربعين ولكنك بلغت العشرين مرتين» وهى التهنئة التى وُجهت يوما للعقاد فى يوم ميلاده، واستدعاها الدكتور مصطفى الفقى مُمازحا بها جويدة، فيما عرض وزير الصحة الأسبق ومستشار الرئيس للشئون الصحية الدكتور محمد عوض تاج الدين على فاروق جويدة أن يستصدر له شهادة «تسنين» جديدة، وهو ما يبدو قد تحوّل لمطلب جماهيرى مُشترك من جميع الأصدقاء.. فماذا لو عاد الزمن بهم للعشرين؟
«فالعمر كالأزهار يومٌ عابر»، كما تأمله الشاعر الكبير فاروق جويدة ذات يوم فى إحدى قصائده.
«كل سنة وانت طيب يا فاروق» أمنية ترددت أصداؤها فى «النادى الدبلوماسى» بوسط المدينة الذى استضاف احتفالية فاروق جويدة، وشهدت العديد من الكلمات المُعبرة التى وجهها له الأصدقاء، بداية من كلمة المهندس إبراهيم المعلم التى وصف فيها جويدة بأنه «شاعر من أكبر شعراء مصر والعالم العربى، الذى اعتبره كثير من الشباب بطلا قوميا، ولقد عاصرت كيف عرف مكانة فاروق جويدة الكثير بين العباقرة منهم محمد عبدالوهاب، فالكِبار يُقدرون الكِبار»، واعتبر المعلم أن «الكُتاب والشعراء والمُبدعين والمفكرين والقوى الناعمة لمصر والعالم العربى، هم كنوز تعيش بيننا، ومع ذلك لا يتم الاحتفال بهم وتكريمهم كما يجب، لذلك تبقى مثل تلك المناسبات احتفاء ليس فقط بهم وإنما بأنفسنا وتاريخنا ومستقبلنا أيضا».
خالطت نبرة التأثر كلمة فاروق جويدة: «إبراهيم المعلم كثيرا ما احتفل بى، ليس بسبب أننا تربطنا مصالح عمل، بل لأنه صديق السنوات الطويلة، وأشعر عندما يحتفل بى أننى فى تكريم حقيقى، فأحيانا يشعر الجواد بالتعب من الطريق، فيقوم فارسه فى هذا الوقت بالرفق والتربيت عليه، نحن أصحاب موقف وفكر وكل شىء محسوب علينا، والإنسان يختار مكانه، حتى لو اختلفنا مع الأصدقاء لا يُنقص ذلك من الصداقة شيئا، ففى النهاية نحن ننتمى لقيّمة عظيمة هى الكتابة، وإلى وطن عظيم اسمه مصر، وأنا لا أدّعى أننى اخترت طريقى، ولكنه كان قدرى أكثر منه طريقى».
وهنا غلبه التأثر فقال: «أنا مش عارف أعبّر»، فمازحه المعلم: «إنت مش عارف تعبر! أُمال مين يقدر يعبّر؟» وسط ضحكات متفرقة أثارت المزيد من عواطف جويدة فقال: «أنتم تُطوقوننى بإحساس جميل».
وتذّكر إبراهيم المعلم وفاروق جويدة الاحتفالية السابقة بعيد ميلاده التى نظمتها «الشروق» قبل أكثر من 10 سنوات، وكان من بين المشاركين بها آنذاك أسماء لامعة لـ «كِبار» غيّبهم الرحيل، ولا يزالون حاضرين فى الوجدان، وهم العالِم القدير الحائز على نوبل الدكتور أحمد زويل، والمُفكر الدكتور أحمد كمال أبو المجد، والكاتب الصحفى سلامة أحمد سلامة، والكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل الذى مازح جويدة كثيرا فى هذا اليوم وهو يقول له: «أعترف أن لدى ضعف تجاه فاروق جويدة، منذ التقيته شابا عندما التحق بالأهرام وكان وقتها محررا فى قسم الاقتصاد، واكتشفت بعدها أنه شاعر، وأعترف أيضا أننى أحقد عليه بسبب المُعجبات خاصة وهو يقرأ قصيدة (فى عينيك عنوانى)، ورُحت خصيصا ذات مرة لكى أستمع لفاروق فى إحدى أولى أمسياته فى الأوبرا دون أن أخبره بنية الحضور».
رهافة شِعرية وقلم مُشاكس
بدت الكلمات التى توالت من الأصدقاء، وكأنها تتأمل ذلك الوهج المُحيط باسم فاروق جويدة عبر السنوات، ومشروعه الذى احتفظ فيه بالِحس الشعرى ورهافته، والقلم الصحفى المُشاكس صاحب الموقف والقضية.
يتذكر الدكتور محمد عوض تاج الدين، وزير الصحة الأسبق ومستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة، تلك المرات التى كان يمُر بها فاروق جويدة بعيادته، والوقت الطويل الذى كان يسرقهم خلال الكشف الطبى فى التنقل بين أحاديث الشعر والسياسة والحياة، ويروى: «عندما كنت مسئولا عن وزارة الصحة، علمت أن فاروق جويدة انتقل إلى «دار الفؤاد» فى أعقاب أزمة مرّ بها، فذهبت لزيارته فى هذا الوقت للاطمئنان عليه، ثم اتصل الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك بجويدة يدعو له بالشفاء ويسأله ما الذى حدث؟ فأجابه جويدة: إنت بتعرف دبة النملة يا ريس! فعندها اتصل بى مبارك وسألنى عن الموقف الذى تسبب فى أزمة جويدة الصحية، ثم سألنى إذا كان يحتاج لمواصلة علاجه بالخارج».
قال تاج الدين: «أتابع مسيرة جويدة منذ بدايات الشعر الرومانسى وقصائده الغارقة فى الحب، وصولا للسياسة التى كتب فيها بعمق شديد فى مقالاته التحليلية، وأعتز كثيرا بتلك الرحلة والصداقة».
فيما وجد المفكر السياسى الدكتور مصطفى الفقى أنه من الصعب أن يجتمع نموذج لشاعِر ومُفكر وصحفى رفيع الشأن فى اسم واحد، ويقول: «هذا النموذج يدفع الناس للتساؤل هل يكون هذا الشاعر هو نفسه الذى يقوم بهذا التحليل السياسى والاقتصادى رفيع المستوى؟»، ويستدعى الفقى فى حديثه الراحل محمد حسنين هيكل الذى يقول إنه كان «صاحب رؤية عندما توّسم فى فاروق جويدة الفتى الذى تقدم للعمل فى الأهرام فى هذا الوقت أنه سيكون شيئا مذكورا»، ويتابع أن جويدة استطاع الوصول لأعماق البسطاء، فالشعب المصرى ربما يتعلق بكرة القدم ونجومها، وله أبطاله الذين يختارهم، أما أن يتعلق بشاعِر ومُفكر سياسى رفيع الشأن فهذا أمر لافت «تربطى بفاروق صِلات إنسانية طويلة، وهو يعيش إحساس شاعِر ليس من هذا الزمن فقط ولكن من كل العصور».
وتحدث المُفكر والمُحلل السياسى الدكتور عبدالمنعم سعيد عن «جاره الأول» فاروق جويدة، متحدثا عن العمودين الصحفيين المتجاورين بالصفحة الأخيرة فى «الأهرام»، يقول سعيد ضاحكا: «أشعر كل صباح أننى فى منافسة مع فاروق»، ويتابع «فاروق جويدة صوت أصيل وأستمتع بكتابته وأختلف معه باحترام، كما أن جويدة لديه قدرة على مزج الحكمة بالسخونة الشديدة للأحداث، وهو نفسه الشاعِر العذب الذى يقول شِعرا يُبكى جمهوره «وتحديدا جمهور النساء اللاتى أذكر أننى خلال فترة عملى كمستشار سياسى فى دولة قطر رأيتهن يبكين بحرقة شديدة خلال أمسية يلقى بها فاروق جويدة لإحدى قصائده» وسط تأييد من الأصدقاء الحضور لإشارة عبدالمنعم سعيد، فهم جميعا عاصروا تأثير أشعار جويدة العاطفية على ذرف دموع القلوب.
حكايات الاقتصاد والشِعر
سأل إبراهيم المعلم وزير الاستثمار الأسبق والخبير الاقتصادى العالمى الدكتور محمود محيى الدين: هل ترى أن الشِعر مُهم؟ فأجابه: «بكل تأكيد، لو استرشد به الناس واتخذوا منه العِظات.. فالشِعر هو ما يُخفف عنا».
والتقط الحضور خيط جذور فاروق جويدة الاقتصادية، منذ مارس التحرير الاقتصادى فى بداية عمله الصحفى، وصولا لمقالاته اللاذعة التى ظل ينتقد بها الأوضاع الاقتصادية باحتراف بالغ، وتأثير أقضّ مضاجع المسئولين.
فيتذكر فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى الأسبق، كيف أن الموقف الأول الذى جمع بينه وبين فاروق جويدة كان «خناقة» فى مقتبل توليه لمنصبه الرسمى، يروى العقدة: «كان أول قرار اتخذته آنذلك هو مقاطعة الصحافة»، ويتابع «كنا قد بدأنا فى تحقيق إنجاز جيد حتى إن الدولار هبط لأول مرة من 7 جنيهات ونصف إلى 5 جنيهات ونصف وهذه سابقة لم تتكرر، وأطلقوا على الجنيه جنيه فاروق العقدة، ولكن كانت هناك أزمة الديون المُتعثرة، وقرر فاروق جويدة ترك الشِعر وتفرغ للكتابة عن الفساد فى القطاع المصرفى، وأنا عادة لم أكن أهتم بما يُنشر من هجوم، لكن عندما جاء الهجوم من فاروق جويدة اتصلت به، وطلبت منه أن يشرب القهوة فى مكتبى، لشرح خلفيات ربما لم يطلع عليها ولضميره الحُكم فى النهاية، وبالفعل بعد جلسة امتدت لساعتين، استوضح بها جويدة الأمور، ودعمته ببيانات من البنك المركزى، وأرقام تتعلق بالقروض المتعثرة بالبنوك العامة، وأنه إذا كان إجمالى رءوس أموالها 15 مليار جنيه، فيما المخصص المكتوب فى الجهاز المركزى للمحاسبات 60 مليار جنيه، فهذا يعنى أن تلك البنوك مفلسة أربع أضعاف رأس مالها، وفوجئ جويدة بتلك البيانات، وفوجئت به يُخصص لهذا الحديث ثلاث مقالات متواصلة بعد جلستنا».
ووسط اهتمام من الحضور بمسألة مقاطعة العقدة للإعلام خلال فترة توليه، تابع العقدة أنه كان متمسكا بعدم الحديث للصحافة بشخصه، لكنه كان يُعطى أية معلومات تحتاجها الصحافة دون ظهور منه، وقال: «أذكر أن المهندس إبراهيم عرفّنى على الكاتب الصحفى عمرو خفاجى رئيس تحرير الشروق السابق وهو اقتصادى من الدرجة الأولى، للتواصل مع جريدة (الشروق) فيما يخص أى استيضاح فى هذا الوقت».
ثم لفت العقدة حديثه لجويدة قائلا: «أشكرك على الصداقة إللى بدأت بخناقة الديون المتعثرة»، وقال إنه على المستوى الشخصى، صار جويدة هو الشخص الوحيد الذى ظل يحرص لسنوات على لقاءاتهما الأُسرية مرة أو مرتين فى السنة.
ويتذكر وزير الاستثمار الأسبق محمود محيى الدين علاقته الممتدة بفاروق جويدة «بداية بمطالعته لشِعره ومسرحه، وصولا إلى أننى خلال فترة مسئوليتى الحكومية أصابنى من مقالاته وقلمه ما أصاب الكثيرين غيرى، فهو رجل عذب لكن قلمه مشاكس، فهو قادر على التعبير عن هموم الناس فى الشِعر والأدب أو المقال السياسى والاقتصادى».
وأشار محيى الدين إلى أن الارتباط بين الشِعر والاقتصاد قديم، مشيرا إلى كتاب كان مُقررا من وزارة المعارف المصرية على طلاب المدارس الثانوية فى مصر عام 1913 ويضم معجما مفصلا لفهم الاقتصاد، وقام بترجمة الكتاب اثنان من أكبر الشعراء، منهم حافظ إبراهيم ويضيف: «ما زلت أحتفظ بالمقالات التى انتقدنى بها جويدة، وفى النهاية فإن هناك علاقة بين التعبير عن الرأى وبين تقبّل الذين يعملون فى العمل العام للانتقادات، والاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، خاصة عندما يكون المقصد هو مصلحة الوطن، وليس غريبا أبدا أن يكون نشيد الجيش المصرى من كلمات فاروق جويدة بكل وطنيته، وأتمنى لقلمه مزيدا من التمرد».
كنتُ فى يومٍ.. إمام العاشقين
مرّ حديث الأصدقاء بالشِعر والمسرح، مُهنئين شاعرهم فاروق جويدة بإصدار دار «الشروق» لديوانه الجديد «كنتُ فى يومٍ إمام العاشقين» وكذلك طبعة مسرحيته الشعرية «هولاكو» التى تجاذبوا حولها أطراف الحديث، وسط تجديد لشجون عدم عرضها على خشبة المسرح بعد بروفات طويلة أجراها المخرج جلال الشرقاوى، وتعديلات قام بها جويدة للنص المسرحى، وهو الأمر الذى أثاره أخيرا فى حلقة برنامج «معكم» مع الإعلامية منى الشاذلى، التى حرصت على الحضور لتهنئة فاروق جويدة بعيد ميلاده، يقول جويدة «استعوضت ربنا فى المسرحية، وبحياد شديد مع نفسى هى أحب ما كتبت فى المسرح».
وهنا لفت الكاتب والأديب محمد المنسى قنديل إلى أن «فاروق جويدة بعث المسرح من جديد، فإذا كان شِعره سكنه الحب والغزل، فإنه فى المسرح قدم من الدراما ما يزيد عن أحمد شوقى وصلاح عبدالصبور».
وأشار الأديب الدكتور محمد المخزنجى إلى أن «فاروق جويدة نموذج للكاتب الكبير متعدد الإمكانات، وعلى الرغم من أننى لم أعد أميل للخروج كثيرا وأعيش فى عالمى الصغير، إلا أننى جئت اليوم لأهنئ فاروق جويدة وأقول له شكرا أنك نموذج للإنسان الذى يحترم نفسه وضميره وإبداعه، فالإبداع ليس مجرد مهارات، لكن يجب أن يكون مصاحبا له كثير من القيم».
يتذكر المخزنجى ذكرى أول مرة راسل فيها جريدة «الأهرام» لنشر أقصوصة له، فى وقت لم يكن يعرفه فيه أحد على الإطلاق، وفوجئ بأن فاروق جويدة المسئول عن صفحة الثقافة فى هذا الوقت قد نشرها بعد خمسة أيام فقط، وبعد ذلك نُشر أول مقال نقدى عن كتابه الأول بتوقيع الأديب الراحل خيرى شلبى بعنوان (انتبهوا لهذا الصوت)، يتأمل المخزنجى كيف يمكن لكاتب لا يعرفه أحد من مدينة المنصورة أن يحظى بهذا الاحتفاء فى جريدة كبرى كالأهرام، إلا إذا كان هناك شىء أخلاقى يتعلق بنزاهة النشر وعدم التحيّز التى كان ينتهجها جويدة.
وشارك فى الاحتفالية عدد من الصحفيين والإعلاميين وهم رئيس محلس إدارة الأهرام عبدالمحسن سلامة، والكاتب الصحفى علاء ثابت رئيس تحرير الأهرام والإعلامية منى الشاذلى، والكاتب الصحفى الدكتور محمود مسلم عضو مجلس الشيوخ، ورئيس مجلس إدارة الوطن والكاتب الصحفى عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة «الشروق» وعضو مجلس الشيوخ، والكاتب الصحفى أشرف البربرى مدير تحرير الشروق والكاتب الصحفى سامح سامى رئيس قسم الثقافة بالجريدة، والكاتب عمرو عز الدين مسئول التسويق بدار «الشروق».

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك