نجحت منظومة تداول القطن الجديدة التي تنفذها الحكومة ممثلة في وزارة قطاع الأعمال العام، السبت الماضي، في الارتقاء بسعر قنطار القطن، إلى نحو 4590 جنيها للقنطار في آخر المزادات بمحافظة كفرالشيخ، وهو ما دفع الوزارة إلى إنشاء شركة للتسويق والبيع لمنتجات الغزل والنسيج بخبرات من القطاع الخاص، تحت علامة تجارية جديدة باسم «نيت» إلهة النسيج عند القدماء المصريين.
لكن خبراء وآثريين كشفوا عن أن «تاييت» هى إلهة النسيج، وليست «نيت»، حيث يقول حسين عبد البصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، إن «نيت» كانت إلهة الحرب عند القدماء المصريين، بينما «تاييت» هي إلهة النسيج، مضيفاً أن اسم هذه الملكة يتضمن اسم المعبودة الشمالية الشهيرة، الربة «نيت».
وأضاف عبد البصير لـ«الشروق»، أن الربة «نيت» كانت مرتبطة بالملكات المصريات منذ القدم، ويعنى اسم الملكة «الربة نيت راضية» أو «الربة نيت راضية سعيدة»، وتعتبر «نيت» من الربات الحاميات، خصوصا للشمال المصرى، وفى هذا ما يؤكد أن الملكة نيت حوتب جاءت من الشمال، وكان مركز عبادة الربة نيت، هو مدينة سايس أو مدينة صا الحجر في الدلتا الحالية، وكانت ترتدي التاج الأحمر الذي كان يرمز إلى الدلتا.
ويوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، أن تايت هى ربة المنسوجات والأقمشة فى مصر القديمة، وقد ورد اسمها فى "متون الأهرام"، وبالأشكال المختلفة السابقة فى النصوص، وقد اعتبرت "تايت" فى الدولة القديمة أمًا للملك المتوفى، وتشرف على كسائه، وترجع أقدم النصوص التى تربط "تايت" بأنواع بعينها من الأقمشة، إلى الدولة الوسطى، حيث ارتبطت ببعض أنواع الأقمشة مثل (wrty ، idmy ، mss ، mnxt)، مضيفا أن الربة "تايت" قد اتخذت عدة هيئات؛ إذ صورت بالهيئة الآدمية، وقد ظهر أقدم تصوير لها فى مقصورة "أوزير" بالكرنك، حيث مُثلت واقفة فى صورة أنثوية وهى تمسك فى يدها بقطعتى قماش.
ويشير ريحان لـ«الشروق»، إلى أن نيت هى ربة الحرب، وكانت تصور إنسانًا بالكامل، لكنها تحمل درعًا عليه سهمان متقاطعان، وهو الرمز المادي المقدس للإلهة نيت، ولقد اختص الأمازيغ القدماء بالتزين بها، بوشمها على ذراعهم دون غيرها، كما يبدو من بقايا الآثار المصرية، مضيفا أن اسم «تايت» نشأ من كلمة تعني الثوب، لأن الكتان كان النسيج الأكثر استخدامًا في مصر القديمة، وكان تايت ينسج أغطية رأس من الكتان أو يعطيها للإلهة والمسؤولين رفيعي المستوى.
ولفت إلى أن «تاييت» ارتبطت كإلهة جنائزية من خلال تطبيق ضمادات التحنيط، وتُعرف تاييت بأنها إلهة تستيقظ بسلام وترتبط بعروض المنسوجات لكسب حظوة من الإلهة، كإلهة جنائزية، وتم تصويرها في القسم الخامس من كتاب الكهوف الذي يصف رحلة رع عبر العالم السفلي وتعاملاته مع الملعونين.
فيما قال الدكتور أحمد بدران أستاذ الآثار المصرية بكلية الآثار جامعة القاهرة: "الإلهة «نيت» ربة الحرب، بينما «تايت» هى ربة النسيج والأقمشة عند المصري القديم".
وأضاف أن صناعة المنسوجات نالت عند المصريين القدماء مكانة كبيرة منذ العصور الأولى وأتقن المصري القديم هذه الصناعة باستخدام أدوات الغزل المتنوعة والألوان المبهجة في صباغة أزياء النبلاء والعامة، كما تزينت المقابر والمعابد بالستائر والأقمشة، ولم تخلو مقبرة من مقابر قدماء المصريين من قطعة كتان تشير إلى براعتهم في احترافية الصناعة، وتميزت ملابس الكهنة بالقمصان المزخرفة بالكتابات الهيروغليفية والرداء الذي يغطي الأكتاف عند التعبد للإلهة.
وأضاف بدران لـ«الشروق»، أنه قد عثر على النول الأفقي بمقابر الدولة القديمة، مما يشير إلى قدسية حرفة الغزل والنسيج لديهم والتي ساهمت بشكل كبير في شهرة نبات الكتان لاستخدامه بكثرة في الصناعة.
وأوضح أن المصري القديم ارتدى المنسوجات بلون الكتان الطبيعي قبل صباغة الأزياء، حيث كانت صبغة طينية ذات لون برتقالي لصناعة منسوجات من البني والأحمر والأصفر، وتطورت بخلط المادة المستخرجة من شجر السنط لتظهر ألوان الأزرق والأبيض والأخضر في ملابس المصريين القدماء.