في السابع من أكتوبر 2023، نفذت حركة حماس عملية "طوفان الأقصى"، التي أسفرت عن زلزال سياسي وعسكري، كذّب أسطورة "الجيش الذي لا يقهر" التي روج لها الاحتلال الإسرائيلي لسنوات طويلة، ليست هذه مكاسب عملية 7 أكتوبر 2023 وحسب، بل نجحت تأثيراتها في فرض حصار جوي على إسرائيل هو الأول والأكبر منذ احتلال الأراضي الفلسطينية، ما أثر بشكل كبير على قطاع السياحة والطيران الداخلي والدولي داخل الكيان المحتل.
منذ ذلك اليوم، بدأت شركات الطيران العالمية تتخذ خطوات غير مسبوقة في تعليق رحلاتها إلى إسرائيل، خاصةً مع توسع العدوان الإسرائيلي، واستمرار التصعيد بين دولة الاحتلال وحزب الله اللبناني وإيران، وتوسع رقعة الصراع لتشمل دولًا عربية أخرى، ما دفع الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي إلى إصدار توصيات بوقف الرحلات إلى إسرائيل، شملت المطارات الرئيسية الثلاثة: "بن جوريون"، و"رامون"، و"حيفا"؛ لضمان سلامة الركاب وطاقم الطائرة، في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة.
مقاطعة وعزلة إجبارية..
العزلة الإجبارية التي فرضها عدوان الاحتلال الغاشم على غزة بزعم الرد على حماس، كان بمثابة "السحر الذي انقلب على الساحر"، حيث توقفت أكثر من 30 شركة طيران عالمية عن تسيير رحلاتها من وإلى تل أبيب لعدة أسابيع وشهور، وبعضها مدد التوقف حتى نهاية عام 2024 ومنتصف العام المقبل، أو ربما حتى إشعار آخر.
ورغم التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان في نهاية شهر نوفمبر الماضي، بعد 13 شهرًا من الصراع المناصر للفلسطينيين في غزة، فإن العديد من شركات الطيران الأجنبية -حسب وسائل إعلام عبرية- استمرت في إلغاء الطيران إلى دولة الاحتلال، لحين التأكد من الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.
أسعار تذاكر الطيران تتجاوز الـ400%
وتأثر حوالي 50 ألف إسرائيلي بإلغاء الرحلات الجوية، ما دفعهم إلى مواجهة خيارات صعبة، مثل دفع أسعار باهظة للبحث عن بدائل سفر، حيث شهدت أسعار التذاكر ارتفاعا تجاوز الـ400% في بعض الحالات للوجهات الأخرى، وفقًا لـ "تايمز أوف إسرائيل".
وفي حين كانت شركات الطيران الكبرى تأمل في استئناف الرحلات قريبًا، كشفت صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية العبرية أن هذه الشركات تتخوف من استئناف رحلاتها، حيث اشترطت على الحكومة الإسرائيلية تعديل تدابير الطوارئ بشكل يضمن إلغاء التعويضات المالية عن الرحلات المُلغاة بسبب الوضع الأمني المتدهور.
سماء إسرائيل تحت الحصار
لم ينته الأمر عند تعليق العديد من شركات الطيران العالمية للرحلات من وإلى إسرائيل لمدة أسابيع أو ربما شهور، بل قررت شركات كبرى إزالة تل أبيب من قائمة حجوزاتها حتى إشعارٍ آخر، ما يعكس فقدان الثقة في قدرة إسرائيل على استعادة حركة الطيران بشكلٍ طبيعي في المستقبل القريب -وفقًا للبيانات الإعلامية و"يسرائيل هوم"- ومن أبرز هذه الشركات:
1-الخطوط الجوية البريطانية قالت إنها لن تطير إلى إسرائيل حتى نهاية مارس 2025.
2-شركة دلتا إير لاينز علقت رحلاتها من نيويورك إلى تل أبيب حتى نهاية مارس 2025.
3-الخطوط الجوية الأمريكية ألغت رحلاتها حتى مارس 2025، لكنها ألغت أيضًا جميع الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل حتى نهاية صيف 2025. وهذا يعني أن شركة إل عال هي شركة الطيران الوحيدة حاليًا التي تدير رحلات مباشرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
4-شركة الخطوط الجوية الملكية الهولندية KLM قالت إنها لن تقوم بتسيير رحلات إلى إسرائيل حتى نهاية العام.
5-شركة الخطوط الجوية الفرنسية قالت إنها ستعود إلى إسرائيل في 2025.
6-مجموعة لوفتهانزا، التي تضم الخطوط الجوية السويسرية، ولوفتهانزا، والخطوط الجوية النمساوية، وبروكسل إيرلاينز، مددت تعليق رحلاتها إلى إسرائيل حتى 15 ديسمبر.
7-شركة الخطوط الجوية الأذربيجانية قالت إنها ستستأنف رحلاتها في 30 نوفمبر.
8-شركة يورووينجز، وهي جزء من مجموعة لوفتهانزا، أوقفت رحلاتها حتى 30 نوفمبر.
9-الخطوط الجوية الكرواتية ألغت رحلاتها دون تحديد موعد للعودة.
10-شركة Vueling الإسبانية ألغت رحلاتها حتى يناير 2025، ونوهت بإمكانية التمديد.
11-شركة طيران كندا قالت إنها لن تستأنف رحلاتها خلال بقية عام 2024.
12-الخطوط الجوية الآيسلندية أوقفت رحلاتها حتى إشعار آخر.
13-شركة طيران البلطيق ألغت رحلاتها حتى 30 نوفمبر.
14-شركة رايان إير ألغت رحلاتها إلى إسرائيل حتى عام 2024، ويبدو أنها أزالت إسرائيل من خيارات وجهتها للحجوزات حتى أبريل.
15-شركة طيران كاثاي باسيفيك أعلنت عن تعليق رحلاتها حتى 27 مارس 2025 على أقرب تقدير.
16-شركة طيران الهند ألغت رحلاتها من وإلى إسرائيل حتى نهاية فبراير 2025.
17-شركة الخطوط الجوية الأيبيرية أعلنت إلغاء رحلاتها إلى إسرائيل حتى نهاية 31 يناير.
18-شركة الطيران الإيطالية ITA ألغت رحلاتها حتى 12 يناير 2025.
19-شركة الطيران الهولندية ترانسافيا ألغت رحلاتها حتى 31 مارس 2025.
20-شركة ويز إير ألغت جميع رحلاتها من وإلى إسرائيل حتى 14 يناير 2025، لكنها أعلنت أيضًا في أواخر نوفمبر أنها ستعيد إطلاق رحلاتها من وإلى لارنكا اعتبارًا من 20 ديسمبر.
21-شركة إيزي جيت قالت إنها لن تطير من وإلى إسرائيل حتى 29 مارس 2025 على الأقل.
22-شركة إيجه قالت إنها ستوقف رحلاتها حتى الثالث من ديسمبر على أقرب تقدير.
23-شركة الخطوط الجوية البولندية LOT ألغت رحلاتها حتى 10 ديسمبر.
24-طيران الإمارات أوقفت جميع رحلاتها إلى إسرائيل حتى إشعار آخر.
25-الخطوط الجوية الكورية أوقفت رحلاتها حتى إشعار آخر.
26-شركة طيران TAP البرتغالية علقت رحلاتها حتى إشعار آخر.
27-شركة طيران أوروبا ألغت رحلاتها حتى ديسمبر بعد سقوط صاروخ بالقرب من مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب.
28-شركة إير بالتيك المملوكة لحكومة لاتفيا ألغت رحلاتها من تل أبيب وإليها حتى ديسمبر المقبل.
29-شركة الطيران البلغارية علقت رحلاتها من وإلى إسرائيل حتى 23 ديسمبر المقبل.
30-شركة Iberia Express أعلنت أنها لن تعود إلى إسرائيل حتى 31 يناير 2025.
31- شركة يونايتد إيرلاينز ألغت رحلاتها إلى إسرائيل حتى إشعار آخر.
واستأنفت بعض شركات الطيران عملياتها بشكل جزئي، ومنها: الخطوط الجوية الرومانية، وأركيا، وإل عال، وخطوط هاينان الجوية، والاتحاد للطيران، وتوس، وبلوبيرد للطيران، وكورندون للطيران، وأوزبكستان للطيران، وإلكترا للطيران، وجوليف إير، وفلاي ون، والخطوط الجوية الإثيوبية، وبيز، إضافةً إلى سكاي، وفقًا لـ "يسرائيل هوم".
تأثير العزلة الدولية على المجال الجوي الإسرائيلي
حلل تقرير "الشروق" بيانات شركات الطيران العالمية التي علقت وألغت رحلاتها من وجهات متعددة حول العالم إلى مطار تل أبيب، حسب فترات زمنية معينة ومناطق جغرافية متنوعة، خاصةً مع توسع الاحتلال في عدوانه وزيادة رقعة التوتر في المنطقة؛ لقياس مدى تأثير العزلة الدولية المفروضة على إسرائيل نتيجة عدوانها على غزة.
وكشف التحليل عن زيادة معدل الرحلات المُلغاة حتى منتصف مارس 2025 مقارنةً بالشهور التي تسبقها، وارتفاع معدل تأجيل استئناف الرحلات من وإلى تل أبيب حتى إشعار آخر، بسبب التهديد المستمر للمجال الجوي الإسرائيلي وصراعها مع إيران وعدد من دول المنطقة؛ إذ ألغت أكثر من 30 شركة طيران رحلاتها، بينما استأنفت 15 شركة فقط العمل بشكل جزئي، وتعد شركات الطيران في أوروبا من أكثر الدول التي ألغت رحلاتها، يليها آسيا وأمريكا.
الرحلات المُلغاة بسبب الحرب مع حزب الله
رغم التوصل إلى اتفاقية وقف إطلاق النار بين الجانبين بوساطة أمريكية، إلا أن العديد من شركات الطيران الأجنبية لن تعود إلى إسرائيل حتى عام 2025 -حسبما ذكرت "هآرتس"- ما يعكس عدم الثقة في عودة حركة الطيران إلى طبيعتها.
وفي ظل الصراع المستمر بين إسرائيل وحزب الله، شهد قطاع الطيران الإسرائيلي تأثيرات كبيرة نتيجة للتصعيد العسكري الإسرائيلي؛ فبعد 7 أكتوبر 2023، وسقوط رشقات صاروخية أطلقها حزب الله بالقرب من مطار بن جوريون الدولي في تل أبيب، توقفت حركة الطيران مؤقتًا، هذا الحادث الذي وثقته عدسات الكاميرا وأكدته شبكة "سي إن إن" الأمريكية دفع العديد من شركات الطيران العالمية إلى اتخاذ قرارات بتعليق أو إلغاء رحلاتها إلى إسرائيل.
ومن هذه الشركات التي ألغت رحلاتها إلى إسرائيل: شركة طيران أوروبا، شركة طيران سيشل، الطيران اليوناني "إيجين"، الخطوط الجوية الفرنسية، وشركة الطيران الرومانية، خوفًا من تصاعد التوترات إثر تهديدات حزب الله بالرد على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة ضد عناصره في لبنان وسوريا.
الرحلات المُلغاة بسبب الحرب مع إيران
تواصلت ظاهرة تعليق الرحلات الجوية إلى إسرائيل مع تصاعد التوترات الإقليمية، حيث أوقفت العديد من شركات الطيران العالمية الكبرى رحلاتها إلى تل أبيب بعد تصعيد العمليات العسكرية بسبب الحرب بين إسرائيل وإيران، ما أثر بشكل كبير على خطط السفر لآلاف الإسرائيليين.
وتزايد تعليق الرحلات نتيجة لتقارير عن غارة إسرائيلية على قاعدة جوية إيرانية، تلتها ضربات إيرانية استهدفت أهدافًا داخل إسرائيل، ما أدى إلى اضطراب حركة الطيران وترك العديد من المسافرين عالقين، ومع قلة الخيارات الجوية وارتفاع أسعار التذاكر، أصبحت حركة السفر الدولية إلى إسرائيل محدودة للغاية.
من أبرز الشركات التي علقت رحلاتها كانت مجموعة "لوفتهانزا"، التي أوقفت جميع رحلاتها إلى تل أبيب وطهران، وأعلنت أنها ستتجنب الطيران في المجالين الجويين الإسرائيلي والإيراني بسبب تزايد التوترات الإقليمية، وانضمت إليها الخطوط الجوية السويسرية و"خطوط بروكسل الجوية"، التي أوقفت رحلاتها لمدة يومين إضافيين في ضوء الوضع المتأزم.
خسائر فادحة في قطاع السياحة الإسرائيلي
بلغت خسائر قطاعي الطيران والسياحة في إسرائيل نحو 18.7 مليار شيكل (حوالي 5 مليارات دولار) حتى نهاية سبتمبر 2023، بينما تكبد قطاع السياحة الداخلية خسائر تقدر بنحو 756 مليون شيكل (حوالي 200 مليون دولار)، وفقًا لتقديرات وزارة السياحة الإسرائيلية.
ووفقًا لبيانات مكتب الإحصاء الإسرائيلي، كانت السياحة الوافدة إلى إسرائيل في الربع الأخير من عام 2023 هي الأسوأ منذ انتفاضة الأقصى، مع استثناء فترة كورونا، بسبب تعليق الرحلات وتقليص شركة العال الإسرائيلية لعدد رحلاتها إلى 80%.
أرقام مركز الإحصاء الإسرائيلي أظهرت انخفاضًا حادًا في أعداد السياح مقارنةً بعام 2022:
-أكتوبر 2023: 89 ألف سائح مقابل 333 ألف سائح في أكتوبر 2022 (بنسبة انخفاض 73%).
-نوفمبر 2023: 38 ألف سائح مقابل 333 ألف سائح في نوفمبر 2022 (بنسبة انخفاض 88.5%).
-ديسمبر 2023: 52 ألف سائح مقابل 266 ألف سائح في ديسمبر 2022 (بنسبة انخفاض 80%).
وسبق وأشارت وزارة السياحة الإسرائيلية إلى أن التصعيد العسكري في غزة عطّل تعافي السياحة من تداعيات جائحة كورونا، حيث كان متوقعا أن يتجاوز عدد السياح الأجانب في 2023 الـ4.5 مليون سائح، وهو الرقم القياسي لعام 2019.
وعلى الرغم من هذه الخسائر، لا تزال هيئة المطارات الإسرائيلية متفائلة بشأن تعافي حركة الركاب، وعودة شركات الطيران إلى التحليق في تل أبيب، حيث تتوقع زيادة تدريجية في حركة المرور خلال الأشهر المقبلة، لكنها لا تزال أقل من مستويات ما قبل الحرب على غزة.