أصدر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، في ختام دورته غير العادية برئاسة اليمن، بيانًا للتعبير عن الموقف العربي إزاء تداعيات تطبيق القرارات غير الشرعية للكنيست الإسرائيلي بحظر عمل وكالة الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وجاء الاجتماع بناءً على طلب من الأردن، وبالتنسيق مع مصر وفلسطين، وبمشاركة السفراء المندوبين الدائمين للدول الأعضاء، والسفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة، والسفير سعيد أبو علي، الأمين العام المساعد لقطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة.
تجاهل إسرائيل للمجتمع الدولي
وأدان مجلس الجامعة، في البيان، تجاهل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، دعوات ومطالبات المجتمع الدولي بوقف تطبيق القوانين الباطلة التي أقرها كنيست الاحتلال الإسرائيلي لحظر عمل وكالة الأونروا ونشاطاتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، مؤكدًا أن إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ هذه القوانين الباطلة سيعيق عمل الأونروا الحيوي في الأرض الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وفي قطاع غزة، الأمر الذي سيترتب عليه تبعات كارثية على اللاجئين الفلسطينيين، في ظل عدم قدرة أي جهة أو وكالة أممية أخرى على تقديم الخدمات والمساعدات التي تقدمها.
كما أوضح المجلس أن حظر إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، عمل الأونروا في القدس الشرقية، استنادًا إلى تعريفها الباطل للأراضي السيادية لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، هو إجراء باطل ولا أثر قانوني له، إذ إن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لا تملك أي سيادة في القدس الشرقية، ولا على أي جزء من الأرض التي احتلتها في الخامس من يونيو عام 1967، وليس لها الحق في ممارسة أي من الصلاحيات السيادية عليها بموجب القانون الدولي.
وأكد المجلس أن جميع الإجراءات الإسرائيلية بحق مقرات وموجودات وكالة الأونروا في القدس الشرقية باطلة ولا ترتب أي أثر قانوني، وأن إسرائيل، كقوة قائمة بالاحتلال، لا تمتلك شرعية أو سلطة اتخاذ أي إجراءات لمصادرة الممتلكات الخاصة أو العامة التابعة للدولة المحتلة، أو تغيير الطابع القانوني والإداري للأراضي المحتلة، وفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ولوائح لاهاي لعام 1907.
كما أكد أن الأونروا وكالة أممية تأسست بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 لعام 1949، بهدف تقديم الدعم الإنساني والتنموي للاجئين الفلسطينيين، وأن محاولات ثنيها عن أداء دورها وفق منطوق تكليفها الأممي تعد انتهاكًا جسيمًا لقرار دولي يعكس التزام المجتمع الدولي بحل قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وشدد المجلس على أن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في سعيها المحموم لتقويض شرعية الأونروا ومنعها من القيام بعملها بموجب تفويضها الأممي، إنما تهدف إلى تقويض أسس حل الدولتين المتفق عليه دوليًا، وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة والتعويض، بموجب قرارات الشرعية الدولية.
وأكد المجلس أن حظر عمل وكالة الأونروا يؤدي إلى إخضاع الفلسطينيين المستهدفين بخدماتها عمدًا في قطاع غزة لأحوال معيشية تؤدي إلى هلاكهم الفعلي كليًا أو جزئيًا، وإلى إلحاق أضرار جسدية وعقلية بهم، وهي أفعال تتحقق بها جريمة الإبادة الجماعية وفقًا لنص المادة السادسة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، خاصة أن الأونروا هي الجهة الأساسية لتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، وليس لدى أي جهة أو وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة، أو غيرها من المنظمات الدولية، الإمكانيات أو البنية التحتية اللازمة لتحل محلها.
محاولة اغتيال الوكالة سياسيًا
كما أكد المجلس أن تشكيك إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في حياد ومصداقية الأونروا عارٍ عن الصحة، ومحاولة بائسة لاغتيال الوكالة سياسيًا ضمن أجندتها الخبيثة الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن تقرير المراجعة المستقلة لوكالة الأونروا، الصادر في 5 أبريل 2024، أشار بوضوح إلى أن الأونروا وضعت إطار عمل للحياد منذ عام 2017، ومنذ ذلك الوقت، حدثت العديد من السياسات والآليات والتدابير لضمان الامتثال لمبدأ الحياد، والتأكيد على الدور الهام للجنة الاستشارية للأونروا وأعضائها، كمثال على تمتع الوكالة بالحوكمة والشفافية من قبل المجتمع الدولي.
وطالب المجلس الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، لا سيما تلك المنصوص عليها في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (24/10-A_RES_ES)، الذي يدعوها إلى العمل على إعمال حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإنهاء أي عوائق ناجمة عن الوضع غير القانوني لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة تحول دون ممارسة هذا الحق، وعدم الاعتراف بقانونية الوضع الناشئ عن وجود إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، وعدم الاعتراف بأي تغييرات في الطابع المادي أو التكوين الديموغرافي للأرض التي احتلتها إسرائيل في 5 يونيو 1967.
وحذر المجلس من الآثار الكارثية التي سيتسبب بها تطبيق التشريعات على اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وفي قطاع غزة، حيث تكافح الأسرة الدولية وتسابق الزمن لاستغلال وقف إطلاق النار لإدخال مساعدات إنسانية كافية إلى القطاع، وإيصالها إلى سكانه الذين يعانون من سوء التغذية نتيجة للجرائم الإسرائيلية بحقهم على مدى 471 يومًا. فالأونروا هي الجهة الوحيدة القادرة على إيصال هذه المساعدات بكفاءة، وإعادة الأمل إلى سكان القطاع، نظرًا لتفويضها الأممي، وأعداد العاملين فيها على الأرض، وخبراتها المتراكمة، وإمكاناتها اللوجستية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وحث المجلس الدول المانحة على الاستمرار في الإيفاء بالتزاماتها تجاه الوكالة، والتأكيد على أهمية مبادرة الالتزامات المشتركة تجاه وكالة الأونروا، التي أطلقتها الكويت، والأردن، وسلوفينيا في مايو 2024، والتي انضم إليها 123 دولة، والتي جاءت اعترافًا دوليًا واسع النطاق بدور الوكالة كعامل إيجابي للاستقرار الإقليمي، وكشريان حياة للملايين من اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس.
وأشار المجلس إلى حقيقة أن الأونروا، رغم جميع محاولات إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لتقويضها من خلال تدمير 205 من مبانيها، وقتل 272 من موظفيها منذ بداية عدوانها على غزة، وهي جرائم حرب مدانة مكتملة الأركان، ما زالت تشكل العمود الفقري لعمليات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في غزة، حيث تقدم الدعم والمأوى لأغلبية سكان القطاع، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، بما في ذلك توفير الغذاء لـ1.9 مليون شخص، وتقديم لقاحات شلل الأطفال لأكثر من 200 ألف طفل، والرعاية الصحية لـ15 ألف شخص، ما يمثل أكثر من 60% من إجمالي خدمات الرعاية الصحية الأولية في غزة. وحذر من أن انهيار الأونروا سيؤدي لا محالة إلى تحميل الدول المضيفة في مناطق عمليات الأونروا الخمس مزيدًا من الأعباء، وتعميق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية فيها، وإضعاف الثقة في المؤسسات التي أُنشئت لحفظ السلم والأمن الدوليين.
وختامًا، طلب المجلس من الأمانة العامة تعميم البيان على جميع البعثات ومجالس السفراء العرب، لنقل مضامينه إلى الدول والهيئات والمؤسسات الدولية المعتمدة لديها، ودعوة المجموعة العربية في نيويورك إلى التحرك لاتخاذ الخطوات الضرورية لبحث إمكانية استصدار قرار من مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن أمكن ذلك، وبما يتماشى مع ما ورد في مضامين هذا البيان.