في قراءة تحليلية معمقة، تناولت الإعلامية نادية السباعي محاور كتاب الأمن القومي للدولة المقومات والتحديات للكاتب اللواء د. محمد الدسوقي سيد الأهل مساعد مدير الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، مشيرة إلى الحاجة الماسة إليه في ظل الظروف الحالية، حيث يقدم دراسة منهجية تستوعب تعقيدات هذا المفهوم الشامل، متناولًا أهم التحديات التي تهدد الأمن القومي المصري والعربي، ومقترحًا حلولًا استراتيجية لمواجهتها.
وأثنت السباعي على أسلوب الكاتب الدسوقي، الذي استطاع بأسلوبه القوي أن يطرح الأفكار بوضوح، مبسطًا المفاهيم والمصطلحات ليضع بين أيدينا مرجعًا غنيًا من 260 صفحة، محذرًا من المخاطر المحدقة التي تهدد الاستقرار الوطني والإقليمي.
شهدت مناقشة الكتاب حضور اللواء أ. ح / عادل العمدة، الخبير الأمني، والكاتب الصحفي / جمال الكشكي، رئيس تحرير الأهرام، والدكتور / إيهاب لطفي، أستاذ إدارة الأعمال، إلى جانب نخبة من المفكرين والمحللين والسياسيين المهتمين بالشأن الأمني، وذلك ضمن فعاليات الدورة 56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
استهل الدسوقي كلمته بتقديم الشكر للحضور على الاهتمام الكبير بالكتاب، معتبرًا أن الإقبال عليه يعكس وعيًا متزايدًا بالمخاطر التي تواجه الوطن العربي.
وأكد أن هذا العمل يهدف إلى تعزيز الوعي القومي وترسيخ مفهوم الوطنية والانتماء، وهو ما لطالما شدد عليه الرئيس، محذرًا من محاولات طمس الهوية الوطنية وإحلال هويات دخيلة تسهم في تفتيت المنطقة واستنزاف مواردها.
تناول الدسوقي تطور مفهوم الأمن القومي، مشيرًا إلى انتقاله من البعد العسكري التقليدي إلى مفهوم أوسع يشمل التنمية المستدامة، كما شدد على ضرورة التصدي للتحديات الثقافية والبيئية والتكنولوجية، وأكد أن أمن مصر القومي مرتبط بشكل وثيق باستقرار محيطها العربي، داعيًا إلى تعزيز التعاون العربي لمواجهة الأخطار المشتركة، وعلى رأسها الإرهاب.
وحذر الدسوقي من المؤامرات التي تهدف إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، مؤكدًا أهمية العمل العربي لإفشال هذه المخططات من خلال التعاون الإقليمي والاستراتيجيات التي تعزز الأمن القومي المشترك.
من جانبه، أثنى الكاتب الصحفي جمال الكشكي على عمق الطرح الذي يقدمه الكتاب، مشيرًا إلى أنه يوفر للقارئ مادة ثرية لفهم الأمن القومي وأبعاده المختلفة، ويضع تصورًا واضحًا حول التحديات والتهديدات التي تواجه المنطقة.
وأضاف أن توقيت صدور الكتاب يبرز مدى أهميته، نظرًا لما تشهده المنطقة من أزمات متلاحقة.
وأكد الكشكي أننا نعيش عصر الحروب غير التقليدية، حيث باتت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي تلعب دورًا محوريًا في توجيه الصراعات، مما يجعل التهديدات أكثر تعقيدًا. وأشار إلى أن المنطقة تمر بمرحلة غير مسبوقة من التحديات، حيث تتسارع الأحداث بوتيرة يصعب مواكبتها.
أما اللواء عادل العمدة فقد لفت إلى أن توقيت إصدار الكتاب لم يكن وليد الصدفة، بل يعكس إدراك المؤلف العميق لمتغيرات المشهد العربي.
واستعرض العمدة المخاطر المحدقة بالمنطقة، مؤكدًا ضرورة بناء استراتيجيات أمنية متكاملة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
ونوّه العمدة إلى خطورة الحروب الحديثة التي تعتمد على التأثير غير المباشر، مثل نشر المعلومات المضللة وإثارة الرأي العام، مشددًا على أهمية تبني سياسات أمنية متماسكة لحماية الاستقرار الوطني.
بدوره، أشار الدكتور إيهاب لطفي إلى أن الكتاب يتناول قضايا الأمن السيبراني والبيولوجي بشكل معمق، ويطرح رؤى عملية حول كيفية التصدي لهذه التهديدات.
كما يسلط الضوء على دور الشعوب والمؤسسات الوطنية في تحقيق الأمن القومي، مؤكدًا أن التحديات الحالية تستلزم تضافر الجهود بين مختلف القطاعات.
وأوضح لطفي أن الكتاب يقدم تحليلات موثقة حول الأمن القومي، مستشهدًا بأحداث محورية شهدتها مصر والمنطقة خلال العقد الماضي، مما يجعله مرجعًا هامًا للباحثين وصناع القرار.
شدد الدسوقي على أن الأمن القومي يستلزم قراءة دقيقة للتاريخ والاستفادة من التجارب السابقة، مشيرًا إلى ضرورة فهم طبيعة التحديات المعاصرة والاستعداد لها بخطط استراتيجية فعالة.
وسلط الضوء على المخاطر التي تواجه مصر من مختلف الاتجاهات، محذرًا من الحروب الحديثة التي تستهدف العقول عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلاعب بالرأي العام.
وفي نهاية اللقاء، عبّر الحاضرون عن تقديرهم للجهد الذي بذله الدسوقي في إعداد هذا الكتاب، داعين إلى تنظيم المزيد من الندوات واللقاءات المتخصصة لمناقشة محتواه. وأعرب الدسوقي عن سعادته بالتفاعل الكبير مع الكتاب، مؤكدًا أهمية استمرار الحوار حول قضايا الأمن القومي.