كانت الشركات الأمريكية تعلم أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض تعريفات جمركية على واردات بلاده من كندا والصين والمكسيك سيدخل حيز التنفيذ أمس، لكن أغلبها كان يأمل في تأجيل هذه الخطوة كما حدث في الشهر الماضي، لكن هذا لم يحدث.
واعتبارا من الساعات الأولى أمس فرضت الولايات المتحدة رسوما بنسبة 25% على المنتجات الواردة من كندا والمكسيك لتبدأ حربا تجارية من أقرب جارتين وحليفين لها. كما بدأت إدارة ترامب مضاعفة الرسوم التي فرضتها على المنتجات الصينية من 10% في الشهر الماضي إلى 20% اعتبارا من الأمس.
وردت الدول الثلاث بإعلانها إجراءات ورسوم مضادة على السلع الأمريكية.
ورغم أن وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك قال مساء أمس إن الرئيس ترامب قد يصل إلى حل وسط بشأن الرسوم مع كندا والمكسيك، فإنه نفى تماما إمكانية تعليق تطبيقها مجددا.
من ناحيتها تقول كاثي بوستيانيستش المحللة الاقتصادية في مؤسسة نيشن وايد إنه كلما استمر فرض هذه الرسوم زادت الخسائر الناجمة عنها بالنسبة للشركات الأمريكية التي ستواجه الاختيار بين استيعاب الزيادة في الأسعار أو تمريرها إلى المستهلكين الذين يعانون بالفعل من التضخم المرتفع. واضافت أن استمرار هذه الرسوم لمدة عام يمكن أن يخفض معدل النمو الاقتصادي للولايات المتحدة بمقدار نقطة مئوية كاملة ويزيد معدل التضخم بمقدار 6ر0 نقطة مئوية.
في الوقت نفسه لم يكن مانويل سوتيلو الذي يدير أسطول شاحنات مكسيكي ينقل السلع عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، يتوقع أن يخاطر الرئيس ترامب بمبادلات تجارية قيمتها 2ر2 تريليون دولار سنويا مع كل من الصين والمكسيك وكندا.
وقال سوتيلو "كنت حتى بعد ظهر أول أمس أو حتى ليلة أول أمس اتوقع تراجع ترامب عن القرار". لكن ترامب لم يتراجع ودخلت الرسوم الجديدة حيز التطبيق، وأصبح على الشركات الأمريكية أن تكافح للتعامل معها.
قال ديفيد سباتافور، الذي يمتلك العديد من المطاعم في مدينة سان دييجو الأمريكية إن أعماله قد تعرضت بالفعل لضربة قوية بسبب ارتفاع أسعار البيض ومنتجات الألبان خلال الشهر الماضي، في حين دخلت الرسوم حيز التطبيق أمس فقط لتكون أحدث الضربات.
وأضاف سباتافور: "لقد تأثر كل شيء على نطاق واسع"، مشيرا إلى أن أحد مطاعمه في منتصف عملية تجديد وإعادة تصميم، والتي أصبحت باهظة التكلفة بشكل متزايد مع فرض التعريفات الجمركية على الأخشاب والصلب الكندية. وقال إنه من الصعب علي قطاع المطاعم امتصاص الزيادة في النفقات في ظل ضعف هوامش أرباحها، قائلا "من أين لنا أن تستوعبها (الزيادة في الأسعار)؟"
أما ستيف برنارد الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ميشن بروديوس التي تقوم بتعبئة الأفوكادو والمانجو في ولاية كاليفورنيا ثم توزعها على المتاجر والمطاعم في مختلف أنحاء العالم فيقول إن الشركة لن ترفع الأسعار فورا لآنها تمتلك كميات من هذه المنتجات في مخازنها قبل زيادة الرسوم.
وأضاف "لكن إذا استمرت الرسوم 10 أيام أو أكثر فستكون الأسعار مختلفة بشكل كبير .. سيكون علينا الجلوس والتفكير في كيفية التعامل مع الموقف".
ويتوقع برنارد مقاومة متاجر التجزئة الكبيرة لزيادة الأسعار، في حين أن المتاجر الأصغر والسلاسل المستقلة ستضطر لزيادة الأسعار لأنها لا تمتلك مخزونات كبيرة.
وقالت تريسي تاباني، الرئيسة المشاركة مع شقيقتها لشركة وايومنج ماشين، لتصنيع الصفائح المعدنية في ستايسي بولاية مينيسوتا والتي تعتمد على الألمنيوم الكندي، في بيان: "ستشعر شركتي بتأثير ضار فوري نتيجة لهذه التعريفات".
وأضافت تاباني وهي نائبة رئيس مجلس الأعمال الصغيرة التابع لغرفة التجارة الأمريكية. "لقد جعلت التهديدات وعدم اليقين من الصعب اتخاذ قرارات الأعمال، وهذه الأنواع من التعريفات ستجعل من الصعب للغاية على الشركات الصغيرة مثل شركتي أن تنمو".
وفي منطقة كانون فولز، بولاية مينسوتا ، يشعر المزارع داني لونديل بقلق خاص من أن تؤدي رسوم الواردات التي يفرضها ترامب إلى ارتفاع سعر سماد البوتاس الكندي.
وقال لونديل: "نحن بحاجة إلى البوتاس لزراعة محاصيل أفضل. ولا يهم إذا كنت مزارعا كبيرًا أو متوسطًا أو صغيرًا، فسوف تؤثر (التعريفات) عليك".
وزار تيم والز حاكم ولاية مينسوتا الديمقراطي مزرعة لونديل أمس وانتقد الرئيس ترامب بسبب تعريض العلاقات مع أكبر الشركاء التجاريين للولاية للخطر.
ولا تعتبر زيادة النفقات الأمر السلبي الوحيد لحروب ترامب التجارية، لكن أيضا حالة عدم اليقين الناجمة عن تهديدات الرئيس ترامب وتأجيله ثم فرضه للرسوم.
وقال بريان كورنيل الرئيس التنفيذي لسلسلة متاجر تارجت الأمريكية للتجزئة للصحفيين أمس "نحن نراقب ذلك عن كثب ونتساءل عما إذا كانت هذه الرسوم ستكون طويلة المدى، أما انها تحرك قصير الأجل؟ كيف ستتطور الأمور بمرور الوقت؟ اعتقد أننا جميعا نتكهن" بالإجابات على هذه الأسئلة.
ويمكن أن تؤثر حالة عدم اليقين اقتصاديا على الولايات المتحدة لآن الشركات ستؤجل خطط الاستثمار أو توقيع عقود توريد جديدة حتى تعرف الدول او المنتجات التي قد يتم فرض رسوم عليها.
وخلال الحروب التجارية في ولاية ترامب الأولى تباطأ استثمار الشركات في الولايات المتحدة في اواخر 2019، مما دفع مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة الرئيسية ثلاث مرات خلال النصف الثاني من العام لتحفيز الاقتصاد.
في الوقت نفسه فإن خطط الرئيس ترامب لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل في التعريفات الجمركية مع كل دول العام تزيد حالة عدم اليقين الحالية. كما يمكن أن يفرض ترامب رسوما على الاتحاد الأوروبي والهند ورقائق الكمبيوتر والسيارات والأدوية.
ويقول أنطونيو ريفيرا الشريك في شركة المحاماة الدولية أرينت فوكس شيف إن "كل شيء قادم في الطريق يزيد هذا الغموض".
وبدأ متجر وسكي جاك بوتيك للهدايا في مدينة ويندسور بمقاطعة أونتاريو الكندية يستقبل عملاء أمريكيين يعتذرون عن الحرب التجارية التي بدأها الرئيس الأمريكي ترامب ضد كندا.
وتقول كاتي ستوكس الشريكة في المتجر "إنهم (العملاء الأمريكيون) يشعرون بالخزي مما يحدث، ولا يؤيدون استمراره ولا يحبون الطريقة التي تم بها جر كندا إلى هذا الوحل".
كما سمعت ستوكس كنديين قرروا إلغاء خططهم لقضاء عطلتهم في الولايات المتحدة.
وقالت "إنه أمر مؤسف ومحزن تقريبًا، والناس منزعجون، ولا يحبون الطريقة التي تسير بها الأمور".