محلل مالي: أصول روسيا المجمدة تمثل معضلة بالنسبة للسياسة - بوابة الشروق
الأحد 16 مارس 2025 3:48 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

محلل مالي: أصول روسيا المجمدة تمثل معضلة بالنسبة للسياسة

د ب أ
نشر في: الخميس 8 فبراير 2024 - 5:32 م | آخر تحديث: الخميس 8 فبراير 2024 - 5:32 م

خلال العامين الماضيين منذ أن بدأت روسيا عمليتها العسكرية الشاملة في أوكرانيا في فبراير 2022، لم تكن قضية الدعم المالي لأوكرانيا أكثر أهمية على الإطلاق من الآن. ونظرا للوقت الطويل الذي استغرقه الاتحاد الأوروبي للموافقة على حزمة مساعدات طويلة الأجل لكييف وعدم تمكن الولايات المتحدة من القيام بذلك حتى الآن، فإن هناك حلا واضحا وهو مصادرة الـ300 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة في الغرب ومنحها إلى أوكرانيا. ولكن بينما ستساعد هذه الخطوة في تمويل احتياجات كييف للحرب وهي مبررة أخلاقيا، فإنها ستحمل أيضا بعض المخاطر.

وقال المحلل المالي ألكسندر كولياندر، نائب الرئيس السابق لبنك كريدي سويس والمحلل السابق في صحيفة "وول ستريت جورنال" وهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في تقرير نشرته مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن أوكرانيا والغرب يتفقان على أنه لا ينبغي أن تحصل روسيا على أصولها قبل أن توقف الحرب وتتخلى عن كل الأراضي التي احتلتها وتدفع تعويضات. وتتردد الحكومات الغربية في مطالبة دافعي الضرائب فيها- الذين يعانون بالفعل من التضخم والتباطؤ الاقتصادي- بالمساهمة في جهود الحرب في أوكرانيا بينما تستطيع نظريا تمويل هذه الجهود بموارد العدو الروسي.

وهناك العديد من المؤيدين لهذه الفكرة، وفي مقدمتهم واشنطن (بعد كييف نفسها). ويدعم البيت الأبيض مشروع قانون يسمح بمصادرة الأصول الروسية في الولايات المتحدة واستخدامها لمساعدة أوكرانيا. وهناك سابقة لهذه الخطوة وهي مصادرة الأصول العراقية في عام 2003.

وقال كولياندر إنه على الرغم من هذا فإن معظم الأصول الروسية ليست في الولايات المتحدة، وإنما في الاتحاد الأوروبي: وبشكل أساسي في ألمانيا وفرنسا وخاصة في بلجيكا، حيث تحتفظ مؤسسة "يوروكلير"، وهي مؤسسة إيداع مالية بأكثر من نصف الأصول الروسية المجمدة. ولكن بدون سابقة لاتباعها، ترفض الحكومات الأوروبية مصادرة الأصول من دولة ليست في حالة حرب معها بشكل رسمي.

وفي المقام الأول، تخشى هذه الدول من أن القيام بذلك، سيثنى صناديق الثروة السيادية والبنوك المركزية والشركات ومستثمري القطاع الخاص من الجنوب العالمي عن الاستثمار في الأصول الأوروبية. وسيكون للخروج المحتمل للاستثمارات باليورو تداعيات خطيرة تتمثل في ارتفاع تكاليف الاقتراض والتضخم، وكذلك التراجع في عائدات الضرائب.

وأشار كولياندر إلى أنه عند الفحص بشكل أدق، ربما تكون هناك مبالغة في هذه التهديدات. ومن المرجح أن يكون أولئك الذين كانت لديهم أسباب لإعادة النظر في استراتيجية الاستثمار الخاصة بهم، قد قاموا بذلك بالفعل في فبراير ومارس 2022، في أعقاب تجميد الأصول الروسية. وفي ذلك الوقت، لم يكن هناك تدفق لرؤوس الأموال لأنه لم تكن هناك بدائل ممكنة للأصول والعملات الغربية.

وبعد مرور عامين، لا يوجد حتى الآن علامة على التخلص من الأصول الأجنبية من أوروبا وغيرها من الدول الغربية. ولكن على الرغم من أن هذه النتيجة مستبعدة، فإن تداعياتها ستكون مدمرة للغاية لدرجة أن البنوك المركزية في أوروبا ترغب- بشكل مفهوم- في الانتظار والقيام بحسابات دقيقة.

وقال كولياندر إن هناك مخاوف قانونية أيضا. وستقوم روسيا بشكل مؤكد بالطعن في المحكمة في مصادرة أصولها وطالما ظلت القضية معلقة، ستظل الأموال مجمدة بالنسبة لكل من موسكو وكييف. كما أن منع المحاكم الوطنية من نظر مثل هذه القضايا، كما اقترح بعد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، يقوض ثقة الشعب في النظام القضائي (رغم أن هذا يحدث أيضا بسبب الفشل في معاقبة معتدي على انتهاكه للقانون الدولي).

وفي المقابل، حذرت روسيا من أنه إذا صادر الغرب أصولها، فإنها سترد بمصادرة الأصول الروسية المتبقية في الشركات من دول تصفها بأنها "دول غير صديقة". وقد دفع المستثمرون الغربيون في الاقتصاد الروسي بالفعل ثمن تجميد الأصول الروسية: حيث أصبحت أموالهم عالقة الآن في روسيا. وقد أدى الحظر الذي فرضته روسيا عام 2022 على سحب رؤوس الأموال في مساعدتها على الاحتفاظ باحتياطي من العملة. ولا حاجة إلى مكافحة تأثير هروب رأس المال عندما لا يستطيع رأس المال الهروب في المقام الأول.

ورأى المحلل كولياندر، أنه ربما يقول البعض إنه لا يوجد ما يدعو للقلق، ففي نهاية الأمر، خسارة أي استثمار يعد مخاطرة محسوبة في الاستثمار الذي يحقق عائدا مرتفعا في الأسواق الناشئة، خاصة، كما هو الحال في روسيا، كان تهديد العقوبات موجودا منذ سنوات، إلا أن هذه الحجة، التي تعتمد على مبدأ أساسي للرأسمالية- وهو أنه لا ربح بدون مخاطرة- بها عيب خطير.

وبالنسبة للشركات الغربية الكبرى فإن شطب الأصول الروسية سيتسبب في كارثة. فمثلا، مؤسسة "يوروكلير" التي يستخدمها مستثمرون أجانب لشراء الأسهم والسندات الروسية، قد تواجه سلسلة من الدعاوى القضائية، وقد تواجه حتى الإفلاس، إذا تمت مصادرة أصول عملائها.

ونبه كولياندر إلى أن إنقاذ شركات مثل "يوروكلير" سيكلف الحكومات الأوروبية في نهاية الأمر أكثر من الدعم الذي تقدمه مباشرة لأوكرانيا. ولذلك فإن تبادل الأصول المجمدة هو الحل الأكثر منطقية، ولكن حتى الآن، لا يرغب أحد في كسر الجمود.

وحتى إذا تمت مصادرة أصول روسيا المجمدة، فمن غير الواضح كيف سيتم تحويلها إلى أوكرانيا. والخيار الأسهل هو بيع كل السندات وتسليم الأموال إليها. إلا أن هذا قد يتسبب في زيادة كبيرة في أسعار المعدات العسكرية ويقلص الطلب على الديون الأوروبية، مما يزيد من التكاليف بالنسبة للحكومات الأوروبية وربما يجبرها أيضا على خفض الإنفاق على الدفاع ودعم أوكرانيا.

وفي ظل المخاطر القائمة، من المستبعد أن ترضخ الحكومات الأوروبية للضغوط الأمريكية لمصادرة أصول روسيا المجمدة في أي وقت قريب، وربما يكون هذا هو الأفضل. في الوقت الحالي، يواصل القادة الأوروبيون والأمريكيون الدعوة إلى تقديم حزم مساعدات جديدة طويلة الأجل لكييف، على الرغم من وجود صعوبات داخلية. ويعد التحدي الرئيسي أمام تزويد أوكرانيا بالأسلحة هو القدرة المحدودة لانتاج هذه الأسلحة وليس التمويل.

واختتم المحلل كولياندر تقريره بالقول إن الآفاق طويلة الأجل لتقديم المساعدات غير مؤكدة. وأشار إلى أنها ستعتمد بدرجة كبيرة على دورة الانتخابات المقبلة. وإذا بدأت الضرورة في وقت ما تصبح أكثر أهمية من المخاطرة، فمن المؤكد أن النقاش بشأن مصادرة أصول موسكو سيعود إلى السطح، وربما تتم مصادرة الموارد الروسية في نهاية الأمر. ولكن إلى أن يحدث هذا، ربما يكون الاحتفاظ بهذه البطاقة بشكل احتياطي أمرا أكثر منطقية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك