مع تجدد الجدل والرفض في المجتمع المصري ضد موجات إزالة المعالم الأثرية بالمقابر السلامية القديمة، بالتزامن مع أنشطة التطوير القومية، خاصة في الإمام الشافعي والسيدة نفيسة، أفصح طالب مصري عن مشروع تخرجه الذي أنجزه في مايو الماضي، ليضمن تحقيق أقصى استفادة من مناطق المدافن الأثرية مع الحفاظ عليها دون المساس بها.
جسور (بين الماضي والحاضر والمستقبل)، هكذا قرر أندرو نادر وديع فايق، ٢٤ سنة، أن يسمي مشروع تخرجه من كلية الهندسة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بهدف الحفاظ على التراث المصري المهدد بالاندثار في المقابر التاريخية بالقاهرة الإسلامية القديمة.
يشمل المشروع إنشاء نوع جديد من المباني المستوحاة من فكرة "الخانقاه" كمساحة مجتمعية، وسيجمع بين عناصر ثقافية وتاريخية معاصرة لتوفير مركز مجتمعي يسهم في الحفاظ على التراث.
وقرر أندرو الإعلان عن المشروع بالتزامن مع الجدل الواسع في المجتمع المصري اعتراضًا على هدم قبة مستولدة محمد علي الأثرية في مقابر الإمام الشافعي، لتنفيذ محور صلاح سالم البديل ضمن خطة الحكومة لتطوير منطقة القاهرة الإسلامية القديمة.
أجرت "الشروق" أول حوار صحفي لاستيضاح تفاصيل المشروع.
1. ما هو المشروع؟
الأنشطة التي يشملها المشروع مستوحاة من الأنشطة التاريخية للخنقاة، وهي: ورش لتعليم وصناعة الحرف اليدوية المصرية التقليدية، وفصول محو أمية، ومحلات بيع المنتجات المحلية لتوفير مصادر دخل مستدامة لقاطني المنطقة.
بالإضافة لمسرح للفنون التقليدية، وعدة معارض لإظهار القيم الفنية والتاريخية المختلفة، ومطعم ومناطق مفتوحة متنوعة لتوفير مناطق خضراء يمكن الاستمتاع بها في قلب القاهرة المزدحمة.
وفي أول تصريحات صحفية له، أضاف أندرو لـ"الشروق" أن تصميمات المشروع تراعي المحافظة على الصورة الجمالية للمباني الأثرية الموجودة، ولذلك فإن التصميم المعماري المقترح منخفض عن مستوى الشارع، مع مراعاة عدم حجب الإضافات المعمارية الجديدة للمباني التراثية.
2. من أين جاءت فكرة المشروع؟
جاءت الفكرة من اهتمامي العميق بالتراث المعماري المصري ورغبتي في إيجاد حلول لحمايته من الاندثار.
حاولت دمج جوانب من الثقافة المصرية التقليدية مع الاحتياجات المجتمعية المعاصرة من أجل خلق بيئة تساعد على حماية التراث وتشجيع المجتمع المحلي على التفاعل معها.
3. ما المناطق التي يشملها المشروع؟
المشروع يشمل تحديدًا مجمع خنقاة السلطان إينال وخنقاة الأمير قرقماس بالقرافة الشمالية بمنطقة صحراء المماليك، ولكن الهدف العام هو أن يشمل المشروع مناطق تاريخية تحتاج إلى الحفاظ والتطوير، وكل المناطق ذات الأهمية الثقافية مثل أحياء الإمام الشافعي والسيدة نفيسة.
4. كيف حصر المشروع المناطق الأثرية؟
قمت بعمل دراسة ميدانية مكثفة، استخدمت فيها الخرائط والوثائق التاريخية، بالإضافة إلى الاستفادة من الأبحاث السابقة المتاحة بمكتبة الجامعة الأمريكية وعلى الإنترنت، كما أنني قمت بزيارات ميدانية للمناطق المختلفة بصورة شبه أسبوعية وعلى مدار ثلاثة أشهر للحصول على فهم شامل عن احتياجات المنطقة وتحدياتها وسكانها من خلال التحدث مع زائري المنطقة وكل المهتمين بها من مصريين وأجانب.
5. كيف تم تنفيذ المشروع ليحاكي أرض الواقع؟
أعددت نموذجًا وتفاصيل تصميمية شاملة، بحيث يمكن تقديمه كحل عملي لمشاريع تطوير التراث، يتضمن التصميم خطوات ومقترحات واضحة تسهل عملية التنفيذ لاحقًا.
وأدعو كل المستثمرين المهتمين بالتراث المصري للاهتمام بهذا المقترح ودراسة تنفيذه على أرض الواقع.
6. ما مساحة المشروع؟
مساحة المشروع هي حدود الخنقات التي تم ذكرها سابقًا، وهي مساحة إجمالية ١٥ ألف متر مربع تقريبًا، تضم كافة الأنشطة المجتمعية والثقافية المطلوبة.
7. كم من الوقت استغرق المشروع؟
استغرق تصميم المشروع سنة دراسية كاملة، بدءًا من مرحلة البحث والدراسة الميدانية والتخطيط، وحتى التصميم النهائي وإنشاء نموذج وتقديمهم كمشروع التخرج من بكالوريوس الهندسة المعمارية في مايو الماضي.
8. هل يمكن تنفيذ مشروعك مع إنشاء المحور الجديد في القاهرة الإسلامية القديمة؟
نعم، يمكن تنفيذ المشروع بالتوازي مع أعمال تطوير المحور الجديد، وذلك لإضافة بُعد اجتماعي وثقافي يعزز من قيمة المشروع التطويري ويساهم في تحسين البيئة المحيطة وسهولة الوصول للمشروع.
"أقتنع تمامًا بأنه لا يوجد تعارض بين الحفاظ على التراث وعملية تطوير الطرق، والعكس صحيح، بل هما مكملان لبعضهما البعض".
9. هل المشروع قريب من منطقة الإمام الشافعي والسيدة نفيسة؟
نعم، المشروع يقع بمنطقة القرافة الشمالية، وهي ضمن نطاق المنطقة المعروفة بصحراء المماليك أو "City of the Dead"، التي تضم أيضًا منطقة الإمام الشافعي والسيدة نفيسة، مما يجعله مرتبطًا بها جغرافيًا وثقافيًا. وكل هذه المناطق تابعة لمنطقة القاهرة الإسلامية المسجلة كمنطقة تراث عالمية باليونسكو.
10. ما الهدف الذي ترجو تحقيقه؟
آمل أن يسهم المشروع في زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي والهوية البصرية المصرية لكل الشعب المصري، وخاصة الشباب.
لذلك حاولت من خلال مشروع تخرجي توصيل مدى التأثير القوي للهندسة المعمارية في توصيل رسالة تساهم في تنمية المجتمع، وأتمنى أن يوجه المستثمرون المصريون اهتمامهم لمثل هذه المشاريع ذات الهدف القومي واستغلال طاقة وإبداع الشباب لأهداف قومية.
وأود أن أشكر والديّ اللذين بذلا كل طاقتهما في دعمي وتشجيعي طوال فترة دراستي، وأشكر أيضًا أساتذتي بقسم العمارة بالجامعة الأمريكية على دعمهم المستمر خلال وبعد الانتهاء من المشروع.