تحقيق للجارديان يظهر أن خفر السواحل اليوناني أغرق سفينة المهاجرين من ليبيا إلى إيطاليا عمدا - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 1:52 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحقيق للجارديان يظهر أن خفر السواحل اليوناني أغرق سفينة المهاجرين من ليبيا إلى إيطاليا عمدا

منال الوراقي
نشر في: الأربعاء 12 يوليه 2023 - 10:34 ص | آخر تحديث: الأربعاء 12 يوليه 2023 - 10:34 ص

ما زالت كارثة غرق السفينة التي كانت تقل مهاجرين قبالة سواحل اليونان، تشغل اهتمام الرأي العام العالمي، في الوقت الذي يستمر فيه التحقيق الداخلي اليوناني والتحقيقات في دول العالم للوقوف على حقيقة الأمر.

وتعود الكارثة لحادثة يونيو الماضي، حين غرقت سفينة محملة بما يتخطى قدرتها الاستيعابية خلال توجهها من شمال أفريقيا إلى أوروبا، حيث يعتقد بأن المئات قضوا نتيجتها، فربما 600 شخص قضوا غرقاً ونحو 110 أشخاص تم إنقاذهم، بناء على معلومات وفرتها السلطات اليونانية.

تحقيق شامل في أحداث غرق السفينة

صحيفة الجارديان البريطانية أجرت تحقيقا شاملا في الأمر، خلص إلى أن التحقيقات في غرق سفينة الصيد وتسببها في مئات الوفيات يتناقض بشدة مع الروايات الرسمية، مع فشل تقديم المساعدة ووجود أدلة على اللعب بأقوال الناجين.

وقالت الجارديان إنه ربما تسببت محاولات خفر السواحل اليونانية لسحب سفينة الصيد التي تحمل مئات المهاجرين في غرقها، وفقًا لتحقيق جديد أجرته الصحيفة وشركاء إعلاميون أثار المزيد من الأسئلة حول الحادث، الذي خلف ما يقدر بنحو 500 شخص في عداد المفقودين.

وأجرى الصحفيون والباحثون أكثر من 20 مقابلة مع الناجين من غرق سفينة الصيد، التي كانت تقل مهاجرين من ليبيا إلى إيطاليا، قبالة سواحل اليونان في 14 يونيو، حيث تم إنقاذ 104 ناجين.

واستندت الجارديان إلى وثائق المحكمة ومصادر خفر السواحل لتكوين صورة لفرص الإنقاذ الضائعة وعروض المساعدة التي تم تجاهلها، إذ قال العديد من الناجين إن محاولات خفر السواحل اليونانية لسحب السفينة تسببت في غرق السفينة في النهاية، فيما نفى خفر السواحل بشدة أنه حاول جر الزورق.

رواية ثلاثية الأبعاد لمسار سفينة الصيد حتى غرقها

وقدم التحقيق المشترك الذي أجرته صحيفة الجارديان والإذاعة العامة الألمانية وفيديو ألمانيا "فانك" وخدمة البث العامة "ARD" وهيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية "NDR" ومنفذ الاستقصاء اليوناني "سولومون"، بالتعاون مع منصة التحقيقات الألمانية "فورنسيس"، واحدة من أكمل الروايات حتى الآن عن مسار سفينة الصيد حتى غرقها.

وتمت إعادة تمثيل الليلة التي انقلبت فيها سفينة الصيد، على بعد 47 ميلاً بحريًا من مدينة بيلوس، في جنوب غرب اليونان، باستخدام نموذج تفاعلي ثلاثي الأبعاد للقارب تم إنشاؤه بواسطة منصة "فورنسيس"، وهي وكالة أبحاث مقرها برلين، وتحقق في انتهاكات حقوق الإنسان.

وكشف التحقيق المشترك عن أدلة جديدة مثل وجود سفينة خفر السواحل اليوناني راسية في ميناء أقرب إلى مكان الحادث ولكنها لم ترسل، وكيف لم ترد السلطات اليونانية -ليس مرتين كما ورد في الروايات الرسمية سابقًا ولكن- ثلاث مرات لعروض المساعدة من قبل الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس".

ورسمت منصة "فورنسيس" الساعات الأخيرة قبل الغرق، باستخدام بيانات من سجل خفر السواحل وشهادة قبطان سفينة خفر السواحل اليونانية، بالإضافة إلى مسارات الطيران وبيانات الحركة البحرية وصور الأقمار الصناعية والمعلومات من مقاطع الفيديو التي التقطتها السفن التجارية القريبة ومصادر أخرى، حيث أظهرت تعارض تحركات السفينة الأخيرة مع تحركات خفر السواحل اليونانية وكشفت عن تناقضات في الرواية الرسمية للأحداث، بما في ذلك اتجاه سفينة الصيد وسرعتها.

التحقيق يظهر أن خفر السواحل اليوناني أغرق السفينة

بشكل حاسم، أظهر التحقيق أن سفينة الصيد المكتظة بدأت تتحرك غربًا عند مقابلة سفينة خفر السواحل اليونانية التي تم إرسالها إلى مكان الحادث، وفقًا لشهادات الناجين المتعددة التي قُدمت إلى الجارديان والمدعين العامين اليونانيين، حيث أخبر خفر السواحل المهاجرين أنهم سيقودهم إلى إيطاليا، متعارضًا مع الرواية الرسمية التي قالت بأن سفينة الصيد بدأت تتحرك غربًا من تلقاء نفسها.

وأظهر التحقيق أيضا أن السفينة قد تحولت إلى الجنوب وكانت شبه متوقفة لمدة ساعة على الأقل حتى حدثت محاولة جر ثانية مميتة، حيث قال الناجون أنهم تم دفعهم للأمام "مثل الصاروخ"، ولكن مع عدم تشغيل المحرك، وهذا يشير إلى محاولة جر.

قال ناج آخر إنه سمع أشخاصًا يصرخون حول ربط "الجيش اليوناني" السفينة بحبل، ووصفوا أنه تم جرهم لمدة 10 دقائق قبل غرق سفينة الصيد بقليل.

وقال أحد الناجين بعد النظر في خريطة الأحداث والتفكير في ذكريات الليل: "أشعر أنهم حاولوا إخراجنا من المياه اليونانية حتى تنتهي مسؤوليتهم".

وقالت ماريا بابامينا، وهي محامية من المجلس اليوناني للاجئين، إحدى منظمتين قانونيتين تمثلان ما بين 40 إلى 50 ناجيًا، إن هناك محاولتي سحب رواهما الناجون، في حين أظهرت وثائق المحكمة أيضًا أن سبعة من أصل ثمانية ناجين قدموا روايات للمدعي المدني عن وجود حبل وجر وسحب قوي، في الإفادات التي أجريت يومي 17 و18 يونيو الماضي.

غياب الأدلة وتقاعس اليونان

ومع ذلك، قالت الجارديان إنه لا يمكن إثبات الظروف الدقيقة للغرق بشكل قاطع في غياب الأدلة المرئية، حيث شهد العديد من الناجين على مصادرة السلطات لهواتفهم، وذكر بعضهم أنهم صوروا مقاطع فيديو قبل لحظات من الغرق، ولا تزال هناك أسئلة حول سبب عدم تسجيل سفينة خفر السواحل اليونانية الجديدة العملية على الكاميرات الحرارية.

وقال خفر السواحل اليوناني في تصريحات رسمية إن العملية لم تسجل لأن الطاقم كان يركز على عملية الإنقاذ، لكن مصدرًا في خفر السواحل قال إن الكاميرات لا تحتاج إلى تشغيل يدوي مستمر وهي موجودة على وجه التحديد لالتقاط مثل هذه الحوادث.

ووفق التحقيق، فتم توثيق وجود رجال ملثمين، وصفهم اثنان من الناجين بأنهم ربطوا حبلًا بسفينة الصيد، وهم تابعون لفريق العمليات الخاصة المعروف باسم "KEA"، كان على متن سفينة خفر السواحل.

ووفقًا لمصادر خفر السواحل، فمن المعتاد نشر فريق العمليات الخاصة، الذي يستخدم عادةً في المواقف الخطرة مثل الأسلحة المشتبه فيها أو تهريب المخدرات في البحر، نظرًا لحالة السفينة غير المعروفة، لكن أحد المصادر قال إن وجودهم يشير إلى أنه كان يجب اعتراض السفينة في أسباب الأمن والسلامة البحرية وحدها.

ووصف أحد المصادر عدم حشد المساعدة بالقرب من حادث الغرق بعد وقوعه بأنه "غير مفهوم"، فقد أرسل خفر السواحل اليوناني السفينة "920" من مدينة خانيا، في جزيرة كريت، على بعد حوالي 150 ميلًا بحريًا من موقع الغرق، في حين إن خفر السواحل كان لديه سفن أصغر إلى حد ما لكنها لا تزال قادرة على الإنقاذ، ومقرها باتراس وكالاماتا ونابولي فويون وحتى بيلوس نفسها.

وقال المصدر إن المقر الرئيسي لخفر السواحل أمر خفر السواحل بالسفينة "920" بتحديد موقع سفينة الصيد في حوالي الساعة 3 مساءً بالتوقيت المحلي يوم 13 يونيو، حتى تمكنت من الوصول إليها قرب منتصف الليل، في حين أكد أحد شهود العيان أن سفينة أخرى كانت متمركزة في كالاماتا وكان من الممكن أن تصل إلى سفينة الصيد في غضون ساعتين.

وأشار المصدر إلى أنه كان ينبغي أن يكون موقف خفر السواحل اليوناني هو إرسال كل ما لديهم لإنقاذ السفينة، خاصة وأن سفينة الصيد كانت في حاجة واضحة إلى المساعدة.

تضارب الروايات الرسمية

تم تنبيه خفر السواحل اليوناني والوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس" إلى سفينة الصيد صباح يوم 13 يونيو، وقد صورته كلتا الوكالتين من الجو لكن لم يتم إجراء أي عملية بحث وإنقاذ بحسب الجانب اليوناني، لأن القارب رفض المساعدة، في حين تلقت السلطات رسالة استغاثة عاجلة قيل إنها تم نقلها إليهم في الساعة 5:53 مساءً بالتوقيت المحلي عن طريق الخط الساخن للطوارئ من القوارب الصغيرة، والذي كان على اتصال بالأشخاص الموجودين على متنها.

وقال اثنان من مصادر خفر السواحل لصحيفة الجارديان إنهما يعتقدان أن السحب كان سببًا محتملاً لانقلاب القارب، ففي عام 2014، تسببت محاولة لسحب قارب للاجئين قبالة سواحل فارماكونيسي في مقتل 11 شخصًا، وحينها برأت المحاكم اليونانية خفر السواحل، لكن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أصدرت حكم إدانة في عام 2022.

تغيير شهادات الناجين لتبرئة خفر السواحل

وشرحت الجارديان أن أقوال الناجين تم العبث بها، حيث سجلت شهادات الناجين على مرحلتين، الأولى لخفر السواحل ثم للمدعي العام، كلاهما اطلعت عليهما الصحيفة، التي قالت إن الشهادات المقدمة لخفر السواحل من قبل اثنين من الناجين المنفصلين من جنسيات مختلفة هي نفس الكلمات عند وصف الغرق: "لقد كنا كثيرًا من الناس على متن القارب، والذي كان قديمًا وصدئًا، ولهذا السبب انقلب وغرق في النهاية".

ولكن بعد أيام، وتحت القسم أمام المدعي المدني، وصف نفس الناجين الحادث وألقوا باللوم على خفر السواحل اليوناني في الغرق، فقال الناجي السوري الذي سُجلت شهادته لخفر السواحل اليوناني أن السفينة انقلبت بسبب عمرها وازدحامها: "أعتقد أن السبب في غرق قاربنا كان سحب القارب اليوناني".

تحقيق الاتحاد الأوروبي وسرية اليونان

طلبت بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، إجراء تحقيق "شفاف" في غرق السفينة، خاصة بعد رفض اليونان عروض المساعدة من الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس"، التي عرضت المساعدة مرارًا على السلطات اليونانية، من خلال طائرة مرتين ثم طائرة بدون طيار، لكنها لم تتلق أي رد.

وعلى الرغم من أن الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس" تواجه دعوات متزايدة للانسحاب من اليونان، إلا أن صحيفة الجارديان علمت أنها لن تنسحب ولكن تفكر في اتخاذ تدابير أقل صرامة مثل وقف التمويل المشترك لسفن خفر السواحل اليونانية.

مع كل ذلك، قال خفر السواحل اليوناني إنه "لن يعلق على القضايا أو التحقيق الجاري الذي يعتبر سريًا وفقًا لأمر المحكمة العليا".

الناجون وعائلات الضحايا

في اليونان وخارجها، يحاول الناجون وعائلات الضحايا فهم ما حدث، حيث قال ثلاثة ناجين باكستانيين إنهم سافروا جوا من باكستان عبر دبي أو مصر إلى ليبيا، في اعتقادهم أنهم سيسافرون جوا من ليبيا إلى إيطاليا، وصُعقوا عندما رأوا سفينة الصيد، حيث قال أحدهم: "لم أستطع النوم بشكل صحيح، عندما كنت أنام أشعر وكأنني أغرق في الماء وسأموت".

يُعتقد أن ما يقرب من نصف الأشخاص الذين كانوا على متن سفينة الصيد والبالغ عددهم 750 شخصًا هم مواطنون باكستانيون يسلكون طريقًا ناشئًا لتهريب الأشخاص إلى إيطاليا.

وتقدر السلطات الباكستانية أن 115 شخصًا جاءوا من مدينة جوجرانوالا في شرق البلاد، وهي منطقة معروفة بمزارع الأرز وحقول القطن ولكنها غارقة في الأزمة الاقتصادية في باكستان، إلى ليبيا ليهاجروا إلى إيطاليا.

وقال أحمد فاروق، الذي يعيش في ضواحي مدينة جوجرانوالا، وفقد ابنه في غرق سفينة بيلوس: "أرادوا أن تغرق، لماذا لم ينقذوا الناس أولاً؟ إذا كانوا لا يريدون مهاجرين غير شرعيين، فليرحلونا، لكن لا تدعونا نغرق".

مصر تشكل مجموعة عمل خاصة بعد غرق مواطنيها

أما وزارة الخارجية المصرية فأعلنت تنسيقها مع سفارتها في أثينا بالتواصل مع الجهات اليونانية المعنية، للاطمئنان على أحوال الناجين والعمل على الحصول على معلومات بشأن هوية المفقودين، والضحايا المنتشلين من المياه.

وأعلنت وزارة الخارجية في بيانها عن تشكيل مجموعة عمل خاصة، للتعامل مع هذا الحادث الأليم، حيث تتولى استقبال أسر الضحايا والمفقودين للتوجيه بشأن الإجراءات المطلوب اتخاذها في إطار جهود التعرف على جثامين الضحايا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك