المكتبة الإسلامية (13).. جامع البيان للطبري: حجر الأساس في تفسير القرآن - بوابة الشروق
الخميس 13 مارس 2025 1:08 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

المكتبة الإسلامية (13).. جامع البيان للطبري: حجر الأساس في تفسير القرآن


نشر في: الخميس 13 مارس 2025 - 10:08 ص | آخر تحديث: الخميس 13 مارس 2025 - 10:09 ص

اكتمل الوحي الإلهي بقول الله -تعالى- في سورة المائدة: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"، وذلك يوم عرفة في حجة الوداع للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ ليكون الإسلام دينًا مكتمل الأركان، مستندًا إلى كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.

وبعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، حمل العلماء على عاتقهم مسؤولية فهم الدين واستنباط الأحكام، فكان الاجتهاد بابًا واسعًا أثرى الأمة بعلوم شتى، وعلى مدار أكثر من ألف عام ظهر تراث إسلامي زاخر بالكتب في التفسير، والحديث، والسيرة، والفقه، وغيرها من العلوم الشرعية.

وفي هذه السلسلة، نطوف معًا بين رفوف "المكتبة الإسلامية"، نستكشف في كل حلقة كتابًا أثرى الفكر الإسلامي، ونتأمل معانيه وأثره في مسيرة العلم والدين.

الحلقة الثالثة عشرة.. من هو الإمام الطبري؟

هو محمد بن جرير بن يزيد بن خالد بن كثير أبو جعفر الطبري، وُلد في بغداد سنة 224هـ وتوفي سنة 310هـ.

كان عالمًا فذًا، واسع الرواية، بصيرًا بالنقل والترجيح بين الروايات، وله باع طويل في تاريخ الرجال وأخبار الأمم، وفقًا لما ورد في كتاب "مباحث في علوم القرآن".

رحلته في طلب العلم

منذ صغره، كان الإمام الطبري محبًا للعلم وشغوفًا به، فلم يكتفِ بالبقاء في موطنه، بل بدأ رحلته العلمية في طلب العلم وهو ابن اثنتي عشرة سنة، متنقلًا بين الأقاليم والبلدان، باحثًا عن المعرفة.

بدأ رحلته من بلاد فارس، حيث انتقل بين مدن طبرستان، ثم الري وما جاورها، ليتلقى العلوم على يد علمائها في الحديث، واللغة، والتاريخ، والتفسير. وقد أشار الإمام الطبري بنفسه إلى سعيه الحثيث في طلب العلم، قائلًا: "كنا نكتب عند محمد بن حميد الرازي، فيخرج إلينا في الليل مرات، ويسأل عما كتبناه ويقرؤه علينا. وكنا نمضي إلى أحمد بن حماد الدولابي، وكان في قرية من قرى الري بينها وبين الري قطعة، ثم نعدو كالمجانين حتى نصير إلى ابن حميد فنلحق مجلسه".

بعد أن استوفى علمه في فارس، طمح الإمام الطبري إلى الأخذ عن الإمام أحمد بن حنبل، فتوجه إلى بغداد، التي كانت آنذاك حاضرة العلم وموطن العلماء، إلا أن أحمد بن حنبل توفي قبل وصوله إليها. لكن ذلك لم يثنِ عزيمته، فأقام في بغداد وأخذ عن كبار شيوخها علوم الفقه والحديث، مستكملًا بذلك رحلته العلمية الغنية، التي جعلت منه إمامًا في التفسير، والحديث، والفقه، والتاريخ، وفقًا لمعجم الأدباء للحموي.

ورعه وزهده

عُرف الإمام الطبري بورعه وزهده في الدنيا، فكان شديد التوقي والحذر مما ينافي التدين والورع. كان عفيفًا، أبيّ النفس، عزيز الهمة، فلم يسعَ وراء الدنيا ولم يتكالب على مناصبها.

اعتمد في معيشته على حصته من مزرعة ورثها عن والده في طبرستان، بل كان يبيع ثيابه أحيانًا ليتقوت بثمنها، ومع ذلك لم يمد يده إلى أحد، ولم يقبل عطايا الحكام، وفقًا لما نشرته مجلة الأزهر الشريف.

دفعه ورعه وإباؤه إلى رفض تولي القضاء، كما رفض جوائز الأمراء وهدايا الوزراء، معتبرًا أن ذلك قد يُخل باستقلالية العالم ومكانته.

يقول النووي عنه: "أجمعت الأمة على أنه لم يُصنَّف مثل تفسير الطبري". أما ابن تيمية، فيرى أن تفسير الطبري هو "أصح التفاسير التي بين أيدي الناس".

تفسير الطبري.. مرجع علمي للتفسير بالمأثور

يُعد تفسير الطبري، المعروف باسم "جامع البيان عن تأويل آي القرآن"، أحد أعظم وأقدم التفاسير الإسلامية، حيث يُعتبر المرجع الأهم في التفسير بالمأثور.

وضع الإمام الطبري منهجًا فريدًا جعله أساسًا لكل التفاسير التي جاءت بعده، حيث اعتمد على تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة والتابعين، مع تحليل لغوي دقيق، والرجوع إلى القراءات المختلفة، وفقًا لما ورد في كتاب "البرهان في علوم القرآن".

كان الطبري يحتكم كثيرًا في تفسيره عند الترجيح والاختيار إلى المعروف من كلام العرب، معتمدًا على أشعارهم، وراجعًا إلى مذاهبهم النحوية واللغوية، ليصبح كتابه مرجعًا أساسيًا في تفسير القرآن عبر العصور.

اقرأ أيضا:

 

المكتبة الإسلامية (12).. الفقه الأكبر أسس العقيدة كما شرحها الإمام أبو حنيفة



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك