بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دفن روبرت بادينتر، وزير العدل الفرنسي الأسبق، الذي ألغى عقوبة الإعدام في فرنسا، وزعيم الاشتراكيين، في مقابر العظماء "البانثيون" في فرنسا.. انتشرت تساؤلات حول ما هي مقابر العظماء ومن يدفن فيها؟
وقال ماكرون خلال تأبينه لوزير العدل الفرنسي الأسبق: "يجب أن يُكتب اسمك إلى جانب أولئك الذين قدموا الكثير من أجل التقدم الإنساني ومن أجل فرنسا، والذين ينتظرونك في البانثيون".
وينضم روبرت بادينتر، إلى جوار الروائي الفرنسي الراحل فيكتور هوجو، الذي يحب أن يقتبس منه بعض الأقوال، في مقابر العظماء.
وقال ماكرون من ساحة "فاندوم"، مقر وزارة العدل، حيث أيد الوزير الاشتراكي السابق إلغاء قانون عقوبة الإعدام: "إنك تغادرنا في وقت يبدو فيه أن خصومك القدامى، النسيان والكراهية، يتقدمان مرة أخرى"، مشيدا بروبرت بادينتر ووصفه بأنه "القوة التي تحيا وتنتزع الحياة من أيدي الموت".
وبعد وقت قصير من وفاة روبرت بادينتر، أثيرت مسألة دفنه في مقابر "البانثيون"، ولا سيما من قبل اليسار الذي طالب بذلك.
وقبل أيام، تحدث ماكرون عن هذا الموضوع، موضحًا أنه "من السابق لأوانه الحديث عنه، والأمر في الواقع متروك للعائلة لاتخاذ القرار".
لكن الرئيس الفرنسي لم يخفِ رغبته في رؤية المحامي السابق يدفن في البانثيون، تلك المقابر المقدسة التي يُدفن فيها العظماء.
وأقيم التكريم الوطني ظهر يوم الأربعاء في ساحة فاندوم في باريس، حيث تقع وزارة العدل.
وهو مكان رمزي منذ أن ألغى روبرت بادينتر وزير العدل الاشتراكي الأسبق، عقوبة الإعدام هناك في عام 1981، بحسب إذاعة "يوروب1" الفرنسية.
• ميرابو
في عام 1791، كان ميرابو، وهو ثوري فرنسي، وكاتب، وصحفي، ودبلوماسي، وسياسي، وخطيب الثورة الفرنسية وخلال الثورة الفرنسية، والذي يميل للنظام الملكي الدستوري المبني على نموذج المملكة المتحدة، أول من دُفن، في البانثيون، وبعد حوالي ثلاث سنوات، تم نقل رفاته.
• من هو آخر شخص دُفن في البانثيون؟
يعود تاريخ آخر دخول لشخصية إلى البانثيون إلى 11 نوفمبر 2020، وهو يوم إحياء ذكرى هدنة الحرب العالمية الأولى، وبهذه المناسبة، دفن في المبنى رفات الكاتب والشاعر موريس جينيفوا، مؤلف كتاب "Ceux de 14".
• بناء البانثيون
تم بناء البانثيون حوالي عام 27 قبل الميلاد على يد أجريبا، وهو جنرال وسياسي روماني، في عهد أغسطس، أول إمبراطور روماني، وبُني بالحجارة والطوب والملاط.
وأصبح المبنى مكانًا للعبادة الكاثوليكية، في عهد الإمبراطورية الأولى (1804-1814)، ثم الإمبراطورية الثانية (1851-1870)، قبل أن يصبح نهائيًا نُصبًا علمانيًا في ظل الجمهورية الثالثة، بحسب موقع "يورونيوز" الإخباري الأوروبي.
• من دفن هناك؟
في عام 1791 تقرر جمع رفات "رجال فرنسا العظماء" في هذا المكان.
ويضم شخصيات مدنية؛ تم دفن الأفراد العسكريين "اللامعين" في البانثيون العسكري في ساحة أنفاليد.
حتى الآن، يستوعب البانثيون خمسة وسبعين رجلاً وخمس نساء.
• أبرز الذين دفنوا؟
- الكُتاب: جان جاك روسو (دخل البانثيون عام 1794)، وفيكتور هوغو (1885)، وإميل زولا (1908)، وأندريه مالرو (1996)، وألكسندر دوما (2002)،و موريس جينيفوا (2020).
- العلماء: بول لانجفان وجان بيرين (1948)، بيير وماري كوري (1995).
- الشخصيات السياسية: سادي كارنو (دخل البانثيون عام 1894)، ليون غامبيتا (1920)، جان جوريس (1924)، أدولف سيلفستر فيليكس إيبوي وفيكتور شولشر (1949)، جان مونيه (1988)، سيمون فيل (2018).
- مقاتلو المقاومة: جان مولان (1964)، جيرمين تيليون، جان زاي، جينيفيف ديغول-أنطونيوز، بيير بروسوليت (2015).
• كيف يتم اختيار الشخصية التي تُدفن هناك؟
في عام 1791، تقرر أن البرلمان الفرنسي وحده، هو الذي يمكنه الحكم على الرجال الذين يمكنهم "دخول" البانثيون، ثم تولى نابليون الأول هذا الامتياز.
وفي ظل الجمهورية الثالثة، استولى النواب مرة أخرى على هذا "الحق". ومنذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، أصبح رئيس الجمهورية هو الذي يقرر من يدخل البانثيون.
ومن المفترض أن تجسد الشخصية المختارة قيم ومثل الجمهورية الفرنسية، وهي محددة وغامضة في نفس الوقت.
ولا يوجد نص يحدد المعايير الدقيقة للدخول إلى البانثيون (العمر، الفترة التاريخية، مجالات الخبرة، وما إلى ذلك).
ولا توجد وثيقة تشير إلى أنه يجب أن تكون فرنسي الجنسية.
وفي الواقع، فإن الاختيار متروك لتقدير رئيس الدولة.
ويقوم رئيس الجمهورية، بمجرد اختياره، باستشارة أسرة الشخصية، وقد يعارضون التكريم، الأمر الذي يؤدي بعد ذلك إلى عرقلة العملية.
وتتم الموافقة على الدخول إلى البانثيون بموجب مرسوم موقع من رئيس الدولة. ويقام الحفل بعد عدة أسابيع أو أشهر، وهو الوقت المناسب لاستكمال الاستعدادات.