أعلنت الولايات المتحدة، أمس الخميس، عن عقوبات ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولي كريم خان، والتي تأتي في أعقاب الأمر الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي واستهدف به المحكمة بسبب تحقيقاتها بحق إسرائيل.
وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، أُضيف خان إلى قائمة واشنطن الخاصة بـ" المواطنين المدرجين بشكل خاص والأفراد المحظورين"، مشيرة إلى أن المدرجين على تلك القائمة يحظر عليهم إجراء معاملات تجارية مع الأمريكيين ويواجهون قيوداً على الدخول إلى الولايات المتحدة.
عقوبات أمريكية ضد الجنائية
في السادس من فبراير، أصدر ترامب أمرا تنفيذيا بفرض عقوبات على مسئولين وموظفين ووكلاء يعملون بالمحكمة الجنائية الدولي بسبب ما وصفها بـ"أعمال غير مشروعة وبلا أساس تستهدف أمريكا وحليفنا المقرب إسرائيل".
وفي الوقت الحالي، يتضمن الأمر التنفيذي اسم المدعي العام للمحكمة كهدف، لكن من المرجح أن ينضم إليه آخرون.
ووفقا لـ"بروكينجز"، يتبع الأمر التنفيذي الصادر عن ترامب إجراء مشابهاً اتخذه الكونجرس لفرض عقوبات على الرعايا الأجانب المشاركين في جهود التحقيق واعتقال واحتجاز أو ملاحقة الأمريكيين والحلفاء الذين لا يوافقون على اختصاص المحكمة.
وقبل 11 يوما على تنصيب ترامب رئيسا للمرة الثانية، مرر مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون أطلق عليه اسم "قانون الإجراءات المضادة غير المشروعة للمحكمة"، الذي يستهدف حماية الأمريكيين والحلفاء.
لكن مشروع القانون، كما الحال مع الأمر التنفيذي الصادر عن ترامب، يذكر فقط حليفا واحدا بالاسم: إسرائيل، التي شنت حربا انتقامية مدمرة في غزة بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي تشهد فيها المحكمة خطوة أمريكية مماثلة، ففي سبتمبر من عام 2018، هددت إدارة ترامب الأولى بفرض عقوبات على موظفي المحكمة الذين يجرون تحقيقات بشأن الجنود الأمريكيين في اتهامات بارتكاب جرائم حرب في أفغانستان.
ولم يستهدف تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن الحرب في أفغانستان الأمريكيين، في حد ذاته، لكنه تناول القوات الموالية للحكومة (لا سيما قوات الأمن الوطني الأفغاني والجيش الأمريكي وموظفي المخابرات) والقوات المناهضة للحكومة (تحديدا حركة طالبان). وبالرغم من تهديد العقوبات، واصلت مدعية المحكمة الجنائية الدولية – آنذاك - فاتو بنسودة تحقيقها الأولي.
وردت إدارة ترامب بسحب تأشيرة أمريكا من بنسودة في أبريل من عام 2019. وبعد ذلك بفترة قصيرة، رفض القضاة في دائرة الإجراءات التمهيدية الأولى بالمحكمة طلب بنسودة بترقية التحقيق الأولى إلى آخر شامل.
وفي حين بدا أن القضاة استسلموا للضغوط الأمريكية، لم تستلم بنسودة، واستأنفت القرار، ومنحها القضاة في دائرة الاستئناف بالمحكمة الإذن بالتحقيق في مارس من عام 2020.
بعد ذلك بـ3 أشهر، في يونيو، وبتوقع أن بنسودة ستواصل تحقيقها الشامل بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، صعد ترامب صراعه مع المحكمة بإصدار أمر تنفيذي بفرض عقوبات ضد أفراد وكيانات يشاركون أو يدعمون بشكل مباشر التحقيقات التي تشمل الأمريكيين والإسرائيليين وحلفاء آخرون لا توافق بلدانهم على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
وكانت بنسودة الأولى على القائمة، لكنها واصلت مسيرتها، وتحقيقها بشأن أفغانستان، فضلاً عن تحقيق شامل بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في فبراير عام 2021، كما كانت تخشى إدارة ترامب.
ورأى المقال المنشور على "بروكينجز"، أن العقوبات لم توقف عمل المحكمة في الماضي، وفي أفضل الأحوال، تكون العقوبات عقابية وستجعل قادة الولايات المتحدة في النهاية يبدون غير فعالين.
أما في أسوأ الظروف، ستقوض العقوبات مصداقية الولايات المتحدة على الصعيد العالمي وستعطي غطاء لخصوم الولايات المتحدة مثل روسيا التي تعارض المحكمة الجنائية الدولية أيضاً، وبالتالي تقويض سيادة القانون الدولي.