ذكرى رحيل أنطون تشيخوف.. نظرة على حياة المبدع الكبير والساخر الأكبر - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 3:00 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ذكرى رحيل أنطون تشيخوف.. نظرة على حياة المبدع الكبير والساخر الأكبر

محمود عماد
نشر في: الإثنين 15 يوليه 2024 - 8:41 م | آخر تحديث: الإثنين 15 يوليه 2024 - 8:41 م

تحل اليوم 15 يوليو ذكرى رحيل الكاتب الروسي الشهير أنطون تشيخوف، والذي ولد في 29 يناير عام 1860، ورحل في 15 عام يوليو 1904، هو كاتب مسرحي وكاتب قصص قصيرة، ويعتبر من أعظم الكُتاب على الإطلاق.

أنتجت مسيرته ككاتب مسرحي أربع روايات كلاسيكية، وتحظى أفضل قصصه القصيرة بتقدير كبير من قبل الكتاب والنقاد، كتب المئات من القصص القصيرة التي اعتبر الكثير منها إبداعات فنية كلاسيكية، كما أن مسرحياته كان لها تأثير عظيم على دراما القرن العشرين.

نشأته وحياته الخاصة


ولد أنطون تشيخوف في 29 يناير 1860، وهو الثالث من ستة أطفال بقوا على قيد الحياة في تاغانروغ، وهو ميناء على بحر آزوف في جنوب روسيا، كان والده بافل تشيخوف، ابن أحد العبيد السابقين ومدير بقالة، وعمل أيضا مديرا للجوقة وكان يعتنق المسيحية الأرثوذكسية الشرقية ويوصف بأنه كان أبًا تعسفياً بل نظر إليه بعض المؤرخين على أنه نموذج في النفاق في التعامل مع ابنه.

أما والدة تشيخوف، فكانت راوية ممتازة في حكايتها الترفيهية للأطفال عن رحلاتها مع والدها تاجر القماش في جميع أنحاء روسيا. يقول تشخيوف «حصلنا على مواهبنا من آبائنا» وتذكر أيضًا «أما الروح فأخذناها من أمهاتنا».

شارك تشيخوف في مدرسة يونانية للصبيان، بعد ذلك في تاجونروج جمنازيوم، وتسمى حاليا بجمنازيوم تشيخوف، حيث احتُجز في الأسفل لمدة عام بسبب فشله 15 مرة في امتحان اليونانية.

واشتهر هناك بتعليقاته الساخرة ومزاجه وبراعته في إطلاق الألقاب الساخرة على الأساتذة، وكان يستمتع بالتمثيل في مسرح الهواة وأحيانا كان يؤدي أدوارًا في عروض المسرح المحلي، وقد جرب يده آنئذ في كتابة «مواقف» قصيرة، وقصص هزلية فكهة، ومن المعروف أنه ألف في تلك السن أيضا مسرحية طويلة اسمها «دون أب» لكنه تخلص منها فيما بعد.

كان أنطون عاشقا للمسرح وللأدب منذ صغره، وحضر أول عرض مسرحي في حياته (أوبرا هيلين الجميلة) لباخ عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، ومنذ تلك اللحظة أضحى عاشقًا للمسرح، وكان ينفق كل مدخراته لحضور المسرحيات، وكان مقعدهُ المفضل في الخلف نظرا لأن سعره أقل (40 كوبيك فضيا)، وكانت مدرسة الجيمنازيم لا تسمح لطلبتها بالذهاب إلى المسرح إلا بتصريح خاص من المدرسة، والذي لم يكن يصدر غالبًا بسهولة، وليس سوى في العطلات الأسبوعية فقط.

وغنى في دير الأرثوذكسية اليونانية في تاغانروغ وفي جوقات والده. في رسالة تعود للعام 1892، قام باستخدام كلمة «معاناة» لوصف طفولته، وأشار إلى:

«عندما كنا أنا وإخوتي واقفون في وسط الكنيسة نغني «هل صلاتي تعالى» أو «صوت الملائكة»، كانت الناس تراقبنا بانفعال حاسدين والدينا، لكننا في تلك اللحظة شعرنا بأنه محكوم علينا بشكل قليل.».

في عام 1876، أعلن والد تشيخوف إفلاسه بعد إفراطه في الحصول على التمويل لكي يبني منزلا جديدا، وغادر إلى موسكو لكي يتجنب حبسه بسبب ديونه غير المدفوعة، حيث كان معه أكبر اثنين من أبنائه نيكولاي وألكسندر، كانا طالبين جامعيين. عاشت عائلته فقيرة في موسكو وكانت والدته مدمرة عاطفيا وجسديا، فلم يبق أمامه إلا بيع ممتلكات الأسرة وإنهاء تعليمه.

بقي تشيخوف في تاغانروغ لثلاث سنوات أخرى، وقام رجل يسمى سيليفانوف بمساعدة عائلة تشخيوف لسداد ديون كانت مخصصة لبناء منزلهم.

اضطر تشيخوف إلى دفع تكاليف التعليم الخاصة به، حيث نجح في وظائف مثل معلم خصوصي وفي اصطياد وبيع طيور الحسون والرسومات التخطيطية للجرائد، وبعث كل روبل استطاع أن يدخره لموسكو، جنبا إلى جنب مع رسائل ممزوجة بروح الدعابة لرفع معنويات العائلة.

وخلال هذا الوقت، قرأ على نطاق واسع وبشكل تحليلي، بما في ذلك ثيربانتسوأيفان تورغينيف وأيفان جونتشاروف وآرثر شوبنهاور وقال أنه كتب مسرحية كوميدية كاملة الطول تحمل عنوان يتيم، وقد نبذ شقيقه أليكسندر هذه المسرحية قائلا: «لا يمكن تبريرها على الرغم من براءة هذا الاختلاق»، وقد استمتع تشيخوف بسلسلة من علاقات الحب كانت إحداهن مع زوجة معلم.

في عام 1879، أتم تشيخوف تعليمه وانضم لعائلته في موسكو، بعد قبوله في كلية الطب في جامعة موسكو.

أوائل كتاباته


تولى تشيخوف مسؤولية دعم جميع أفراد الأسرة، ودفع الرسوم الدراسية عنهم، كان يكتب يوميا مختصرا استكشافات فكاهية ومقالات قصير من الحياة الروسية المُعاصرة تحت أسماء مستعارة مثل "Antosha Chekhonte" (Чехонте Антоша) و«رجل بلا طحال» (Человек без селезенки).

إخراجاته المذهلة بدأت تكسبه السمعة الطيبة تدريجيا بأنه مؤرخ ساخر من حياة الشارع الروسي، وبحلول عام 1882 كان يكتب Oskolki (شظايا)، التي تعود ملكيتها إلى نيقولاي ليكين، واحدة من الناشرين الكبار في ذلك الوقت، وكانت لهجة تشيخوف في هذه المرحلة أقسى مما هو مألوف.

في عام 1884، تخرج كطبيب، التي اعتبرها مهنته الرئيسية وقد أحرز القليل من المال من هذه الوظيفة وكان يعالج الفقراء مجانا.

قبل فترة طويلة، استطاع تشيخوف أن يجذب الانتباه على المستوى الأدبي والشعبي، وقام الكاتب الروسي الشهير دميتري غريغوروفتش بالكتابة لتشيخوف بعد قراءة قصته القصيرة وهنتسمان، «لديك موهبة حقيقية، موهبة تضعك في المرتبة الأولى بين الكُتاب في الجيل الجديد.»، وفي عام 1887، فازت مجموعة تشيخوف للقصص القصيرة «في الشفق» بجائزة بوشكين لأفضل إنتاج أدبي متميز بقيمة فنية عالية.

نقطة تحول


في تلك السنة، أصيب تشيخوف بالإرهاق واعتلال الصحة، في رحلته إلى أوكرانيا التي أحيته بفضل جمال سهوب بحر قزوين، وبعد عودته، بدأ بكتابة الرواية السهوب ذات الطول القصير «شيء غريب نوعًا ما وأصلي كثيرًا» ونشرت في نهاية المطاف في فيستنيك سيفيرني "Severny Vestnik" (هيرالد الشمالية).

في سرد الرواية التي تستطرد مع عمليات التفكير من الشخصيات، يثير تشيخوف رحلة الكرسي عبر السهوب من خلال عيني طفل صغير أرسل للعيش بعيدا عن المنزل، كانا رفيقاه الكاهن والتاجر.

السهوب، التي تم تسميتها ب «قاموس شعرية تشيخوف»، الذي شكل تقدما كبيرا لتشيخوف، وأظهرت قدر كبير من جودة تخيله الناضجة التي تسببت في نشر منشوراته في مجلة أدبية بدلًا من الصحيفة.

سخالين


في عام 1890، قام تشيخوف برحلة شاقة بالقطار وعن طريق عربة تجرها الخيول، وبباخرة إلى الشرق الأقصى قادما من روسيا وكاتورجا، أو «مستعمرة العقوبات»، في جزيرة سخالين في شمال اليابان، حيث قضى ثلاثة أشهر فيها وقام بإجراء مقابلات مع الآلاف من المحكوم عليهم.

تعتبر رسائل تشيخوف التي كتبها خلال رحلته الممتعة شهران ونصف الشهر لسخالين من أفضل ما كتب في حياته، وقد أصبحت تصريحاته لأخته عن تومسك شهيرة.

«تومسك هي مدينة مُملة جدًا. من الحكم على السُكارى الذين أجريت مقابلات معهم، والمثقفين من الناس الذين أتوا لتعزيتي في الفندق، السكان مملون جدًا جدًا.»

يالطا


في مارس 1897 تعرض تشيخوف إلى نزيف كبير في الرئتين بينما كان في زيارة لموسكو، وأقنع بصعوبة لكي يذهب إلى العيادة، حيث قاموا الأطباء بتشخيص حالته وتبين لهم أنه مُصاب بمرض السل في الجزء العلوي من رئتيه، التي أدت إلى تغير نمط حياته فيما بعد.

بعد وفاة والده في عام 1898، اشترى تشيخوف قطعة أرض في ضواحي مدينة يالطا وبنى فيها فيلا، عندها انتقل مع والدته ومن ثم شقيقته في العام التالي إليها.

زرع فيها الأشجار والزهور في يالطا وحافظ على الكلاب واستقبل الضيوف مثل ليو تولستوي ومكسيم غوركي، كان يشعر دائمًا بارتياح عند تركه لسيبيريا الساخنة" من أجل السفر إلى موسكو أو إلى الخارج، وقد تعهد للانتقال إلى تاغانروغ حالما يتم تثبيت إمدادات المياه هناك.

في يالطا أكمل كتابة اثنتين من مسرحياته الفنية، «الأخوات الثلاثة»، و«بستان الكرز».

رحيله


بحلول مايو 1904، كان أنطون تشيخوف مصابا بمرض السل، وأشار ميخائيل تشيخوف إلى أن «جميع من رأوه شعروا بداخلهم أن نهايته ليست ببعيدة»، وفي 3 يونيو انطلق باتجاه مدينة الحمامات الألمانية في الغابة السوداء، حيث كتب رسائل مرحة إلى شقيقته ماشا واصفا المواد الغذائية والبيئة المحيطة، مؤكدا لوالدته بأنه في تحسن مستمر. وفي رسالته الأخيرة، شكى من طريقة لبس النساء الألمانيات.

«وفاة تشيخوف أصبحت واحدة من "مجموعة من القطع الكبيرة من التاريخ الأدبي"، سرده، مطرزة، والخيال، لا سيما في مهمة القصة القصيرة التي كتبها كارفر رايموند.

في عام 1908، كتبت أولغا هذا الأمر من لحظات زوجها الماضي: قام أنطون بشكل غير اعتيادي ومستقيم وقال بصوت عال وبوضوح - مع أنه لم يكن يتقن اللغة الألمانية - Ich sterbe (أنا أموت)، فقام الطبيب بتهدئته وحقنه بمادة الكافور وأمر بإحضار الشمبانيا له.

شرب أنطون كأسا كاملا منه ومن ثم ابتسم لي وقال: «لقد مضى زمن طويل منذ أن شربت الشمبانيا»، عندما شربه جلس على جانبه الأيسر بهدوء وكان لدي الوقت لأذهب إليه وأستلقي بقربه وناديته، لكنه توقف عن التنفس وكان ينام بسلام وكأنه طفل...».

ونقلت جثة تشيخوف إلى موسكو في سيارة السكك الحديدية المبردة، ودفن تشيخوف بجانب والده في مقبرة نوفوديفيتشي.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك