«نار فى البحر».. مشاهد مأساوية للفارين من جحيم سوريا وليبيا - بوابة الشروق
الإثنين 21 أكتوبر 2024 11:36 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«نار فى البحر».. مشاهد مأساوية للفارين من جحيم سوريا وليبيا

مخرج الفيلم الايطالى
مخرج الفيلم الايطالى
برلين ـ خالد محمود:
نشر في: الأربعاء 17 فبراير 2016 - 10:39 ص | آخر تحديث: الأربعاء 17 فبراير 2016 - 10:39 ص
• فيلم إيطالى يحذر العالم من كارثة إنسانية عبر قوارب الموت
• قصص متشابكة للاجئين بلغة سرد غير تقليدية


عاما بعد عام، يؤكد مهرجان برلين السينمائى، أنه أصبح منصة مهمة لإطلاق رسائل سينمائية تلفت انتباه العالم إلى قضايا شائكة، وصراعات تنهش فى كيان شعوب باتت فى أمس الحاجة لنظرة مختلفة وحقيقية لها.

وقد جاء الفيلم الوثائقى الإيطالى الفرنسى المشترك «نار فى البحر» والذى عرض فى المسابقة الرسمية منافسا بقوة على الدب الذهبى، اسم على مسمى بصورته السينمائية المبهرة بفنياتها، وفى الوقت نفسه مقلقة ومؤرقة لما تتركه بداخلك من آثار موت يومى بعرض البحر لمجموعة من البشر الفارين من لهيب حياة يعيشونها بأفريقيا والعالم العربى، بحثا عن لجوء أمن فى دول أوروبا، ومحطة العبور تكون دائما فى جزيرة سامبدوريا الإيطالية، حيث يرسون عليها.

الفيلم الذى يقدمه المخرج جيانفرانكو روسى، يقدم لنا مأساة قصة هؤلاء اللاجئين بلغة سرد غير تقليدى، حيث يسير السيناريو فى عدة خطوط إنسانية تصب كلها فى الهدف الحقيقى، وربما مشاركته فى كتابة السيناريو والحوار، جعلت شخصياته أو أبطاله يعبرون عن أنفسهم بصدق، وهم يجسدون قصصهم.

قدم المخرج الفيلم من خلال صبى يدعى صامويل «١٢ عاما» يعيش بمنزل على جزيرة فى البحر الأبيض المتوسط، مثل كل الأولاد من عمره لا يتمتع دائما بالذهاب إلى المدرسة، ويفضل تسلق الصخور بالشاطئ، واللعب مع صديقه بال بصيد العصافير تلك الجزيرة كانت لسنوات المقصد من الرجال والنساء والأطفال، فى محاولة للعبور من أفريقيا فى القوارب الصغيرة والمكدسة بالبشر.

وقد أطلق على الجزيرة اسم «لامبيدوزا» والتى أصبحت كناية عن هروب مئات الآلاف من اللاجئين والحالمين إلى أوروبا من خلالها مع مصير مجهول ينتظرهم فى رحلة بحثهم عن حياة والسلام والحرية والسعادة، وفى كثير من الأحيان لا يتم سحب جثثهم من الماء، وهكذا، كل يوم تشهد لامبيدوزا أكبر مأساة إنسانية فى عصرنا.

تلك الحياة اليومية تقربنا إلى هذا المكان الذى هو حقيقى بقدر ما هو رمزى، وللعالم العاطفى لبعض سكانها الذين يتعرضون لحالة طوارئ دائمة، عبر إعلان الإذاعة عن العثور على مركب غارق يحتاج للإنقاذ.

قضى روسى عدة أشهر مع الذين يعيشون فى الجزيرة المتوسطية، يترقب معهم وصول مئات المهاجرين أسبوعيا، ثم تناول وضع المهاجرين الخطير من وجهة نظر سكان الجزيرة، بما فى ذلك الصبى صامويل، وأبيه الصياد، وبيترو بارتولو، الطبيب الوحيد فى لامبيدوزا.

وقال روسى، خلال المؤتمر الصحفى، إن الفيلم يمكن أن تقرأه سياسيا، باعتباره شاهدا على مأساة ما يحدث أمام أعيننا، وأعتقد أننا جميعا مسئولين عن هذه المأساة الكبرى ربما بعد المحرقة، وهى واحدة من أكبر المآسى التى شهدها العالم على الإطلاق.

وروى أحد الشهود الحقيقيين وهو بارتولو كيف أن المأساة تقشعر لها الأبدان، حيث كان مقيما فى الجزيرة على مدى ٢٥ عاما الماضية، وقال: «رأيت الكثير منذ عام 1991 عندما سقطت القوارب الأولى، ورأيت بعض الأشياء الجميلة ولكن قبل كل شىء رأيت أشياء مروعة حقا، الكثير من الأطفال القتلى، الكثير من النساء ميتة، العديد من النساء تعرضت للاغتصاب، إنه أمر فظيع حقا أن ننظر إلى هذا، هذه هى الكوابيس التى تطاردنى فى كثير من الأحيان».

وأضاف «تحدثت عن الأمر مع معظم وسائل الاعلام التى تأتى إلى الجزيرة، وفى الفيلم أوصلنا الرسالة من أجل توعية الجميع الذين يمكن أن يفعلوا شيئا أكثر منا».

وقال: «لا أعتقد أن جدارا أو أسلاكا شائكة كافية لوقف هؤلاء الناس النازحين، علينا أن نتصرف بشكل مختلف.. فنحن بحاجة إلى خلق أوضاع إيجابية فى بلدانهم.. لا يوجد شخص واحد فى العالم كله يريد أن يترك وطنه إلا أنهم أجبروا على القيام بذلك».

وقال روسى كانت الفكرة الأولية هى تقديم فيلم قصير عن أزمة المهاجرين فى لامبيدوزا، ولكن بعد وصوله إلى الجزيرة، أدرك أن الفيلم القصير لن يكون كافيا، وكان من المستحيل تقريبا سرد مثل هذا الواقع المعقد فى فيلم قصير».

كان طقس الصورة طوال الفيلم ملىء بالغيوم والضوء الخافت للغاية، وهو العالم الذى لجأ إليه المخرج وهو يقدم لوحته السينمائية، لتبدو أكثر مواءمة للحدث، مستخدما كاميرا صغيرة وخفيفة للقبض على اللحظة الدرامية فى رصده لكيف تهتز الحياة على جزيرة لامبيدوسا الإيطالية من خلال موجات من المهاجرين، واضعا الوحدة والقيم الأوروبية بشدة على المحك، أمام كتلة النار البشرية فى البحر، وجاءت مشاهد رجال البحرية والساحل على الشاطئ، لإنقاذ ما يستطيعون من الناجين عظيمة فى ألمها للمتلقى، وعمليات الإنقاذ فى كثير من الأحيان تأتى مثيرة مع الحياة الهادئة للصيادين وأسرهم الذين يقطنون الجزيرة، وكشف الفيلم الأفضل فى المهرجان حتى الآن من وجهة نظرى، أن معظم الضحايا من الأفارقة والسوريين والليبيين، وقد ترك أسئلة كثيرة بلا إجابة، حيث مات الكثيرون من العطش والإرهاق والبرد.

روسى يلتقط بسلاسة وهو مدير التصوير أيضا جو العالم القديم لامبيدوسا ليس فقط فى صورة الوعرة وشواطئها الصخرية، ولكن من خلال مقتطفات سخية من الإيقاعات الموسيقية لأغنيات مثل «ليتل حمار» و«الحب وسائق العربة»، كنوع من الدراما الإنسانية.
اسرة الفيلم الايطالى نار فى البحر


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك