أبو باشا: لا تخفيض إلا بعد التأكد من حدوث هبوط كبير في مستويات التضخم
الدماطي: البنوك بدأت الخفض على حسابات والودائع استباقا لخطوة مرتقبة من «المركزي»
دعمت التوترات الجيوسياسية، واستمرار التخوفات من الضغوط التضخمية عددا من الخبراء لتوقع اتجاه البنك المركزي لتثبيت أسعار الفائدة في اجتماعه القادم نهاية الأسبوع الحالي، فيما مالت آراء آخرين إلى أن الفرصة لا تزال سانحة لخفض الفائدة في الاجتماع القادم، ولكن لن تكون بنسب كبيرة كما كان مأمولا.
وقرر البنك المركزي في آخر اجتماعته العام الماضي الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض عند 27.25% و28.25% على التوالي.
توقع محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في المجموعة المالية هيرميس، أن يثبت البنك المركزي أسعار الفائدة في الاجتماع القادم، ودعم توقعاته بالتثبيت مع ما أشارت إليه لجنة السياسات النقدية في اجتماعاتها السابقة، بعدم تحريك أسعار الفائدة إلا بعد التأكد من حدوث انخفاض كبير ومستدام في مستويات التضخم.
وتابع أبو باشا، أن التضخم كان على المسار النزولي بالفعل خلال الشهرين الماضيين، "لكن لم نصل بعد للمرحلة التي كان يطلق المركزي رسائله من أجلها في بياناته".
وفي ديسمبر الماضي، ذكر البنك المركزي في بيان لجنة السياسات النقدية، أنه أبقي على أسعار الفائدة دون تغيير في آخر اجتماعات 2024، حتي يتحقق انخفاض ملحوظ ومستدام في التضخم يتماشى مع توقعاته المستقبلية، متوقعا أن يحقق التضخم أرقاما أحادية بحلول النصف الثاني من 2026.
وأضاف أبو باشا، "حتى لو رأى البعض أن المناخ مهيئا لخفض الفائدة فإن الانخفاض المتوقع سيكون بمقدار 1 إلى 2% على أقصى تقدير.. ولا نشعر أن هذا التوجه في الاجتماع القادم بناًء على بيانات لجنة السياسات النقدية السابقة".
وشهد مؤشر أسعار المستهلكين تراجعات محدودة خلال يناير الماضي، حيث بلغ مؤشر التضخم لإجمالي الجمهورية 23.2% مقابل 23.4% في ديسمبر 2024، في حين تباطأ بالمدن إلى 24% مقارنة بـ24.1%.
واتفقت مع أبو باشا، هبة منير محلل الاقتصاد الكلي في "بحوث إتش سي"، مرجحة تثبيت البنك المركزي أسعار الفائدة في الاجتماع القادم، مضيفة أن البنك المركزي قد يتجه إلى تأجيل قرار خفض الفائدة هذا الاجتماع بسبب التوترات الجيوسياسية، على الرغم من تقليل أبو باشا من آثر تلك التوترات على قرار اللجنة الاجتماع القادم.
وقالت منير، إن التوترات لجيوسياسية ستؤثر على نسب تعافي قناة السويس وتضغط على موارد النقد الأجنبي، بالإضافة إلى ارتفاع حجم أقساط الديون الخارجية وزيادة تكلفة استيراد المواد البترولية، ما يدفع البنك المركزي إلى الإبقاء على الفائدة في الاجتماع القادم من أجل الحفاظ على جاذبية الاستثمار في أدوات الدين المحلية، حتى لا تضغط المستجدات الاقتصادية على تدفقات النقد الأجنبي.
كذلك توقعت دينا الوقاد محللة الاقتصاد الكلي، أن يثبت البنك المركزي أسعار الفائدة خلال الاجتماع القادم، كإجراء احترازي بعد ارتفاع سعر الدولار في العقود الآجلة، وفي ضوء التضخم المتوقع مع دخول شهر رمضان، بالإضافة إلى التوترات التجارية التي سببها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وخلال تعاملات الأسبوع الماضي تجاوز سعر صرف الدولار مقابل الجنيه مستويات 59 جنيها في العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، فيما سجلت أسعار صرف الدولار بالبنك المركزي تذبذبات لتصل إلى 50.69 جنيه.
وتابعت دينا، "فيما بعد من الممكن أن يتجه البنك المركزي لخفض الفائدة، بقدار يتراوح بين 100 و150 نقطة أساس، لكن هذا الاجتماع سيثبت".
وقال محمد عبدالحكيم رئيس قسم البحوث بأسطول، إن توقف الفيدرالي الأمريكي عن الاستمرار في خفض الفائدة، والتوترات الجيوسياسية سيدفعان البنك المركزي لتثبيت الفائدة هذا الاجتماع، على أن يبدأ الاجتماع التالي في الخفض بنسبة تتراوح بين 200 و300 نقطة أساس.
لكن منى بدير، محلل اقتصادي بأحد البنوك الاستثمارية الخاصة خالفت توقعات المحللين السابقين، وقالت إن البنك المركزي سيتجه إلى خفض أسعار الفائدة بنسبة تتراوح بين 100 و200 نقطة أساس، بعد أن بدأت مستويات التضخم في الاتجاه للمسار الهبوطى.
وتابعت بدير، "بالفعل التضخم العام لم ينخفض بالوتيرة التي نتوقعها بسبب أسعار السلع المتقلبة، لكن التضخم الأساسي الذي يستثني تلك السلع تراجع بشكل أسرع للشهر الخامس ما يعكس تقلص الضغوط الهيكلية على التضخم، بالإضافة إلى النظرة المستقبلية للتضخم، وهي ما يهم البنك المركزي حيث تشير إلى تراجع كبير في مستويات التضخم، وكل هذا يعزز من فرص تخفيض الفائدة الاجتماع القادم".
وترى أن التوترات الجيوسياسية الحالية لن تؤثر على قرار البنك المركزي في الاجتماع القادم، إلا إذا واصلت التصاعد فستقلل من فرصه مستقبلا لخفض الفائدة، متوقعة استقرار متوسط مستويات التضخم عند 15% و16% خلال العام الحالي، ما سيسمح للبنك المركزي بخفض أسعار الفائدة بين 8 و10%، لكن إذا زادت التوترات الجيوسياسية وضغطت على التضخم ستكون نسب الخفض أقل من تلك التوقعات.
وقالت سهر الدماطي الخبيرة المصرفية، إن البنوك بدأت بتخفيض أسعار الفائدة على حسابات والودائع، استباقا لخفض مرتقب للبنك المركزي في أسعار الفائدة.
وأعلن عدد من البنوك من بينهم بنك مصر والتجاري الدولي وقطر الوطني خفض الفائدة على حسابات التوفير والعائد اليومي وبعض شهادات الاستثمار، ولكن لا يزال بنكا الأهلي ومصر يطرحان شهادات 30% وهي أعلى شهادات عائدا ولمدة 3 سنوات.
وتابعت الدماطي، أن ما يدعم توجه المركزي لخفض الفائدة هو تراجع معدلات التضخم خلال يناير الماضي، بجانب التخوفات حول تأثير استمرار معدلات الفائدة عند مستوياتها الحالي على قطاعات الاقتصادية الإنتاجية، ونمو الاقتصاد الكلي.
وطالب عدد من رجال الأعمال خلال اجتماع مع رئيس الوزراء مصطفي مدبولي في 25 ديسمبر، بخفض أسعار الفائدة، خاصة في ضوء عدم قدرة الهياكل التمويلية للشركات على تحمل أسعار الفائدة حاليا.
ونما الناتج المحلي للاقتصاد المصري 3.5% خلال الربع الأول من العام المالي 2024-2025 مقارنة بنمو 2.7% عن نفس الفترة من العام المالي الماضي، بحسب وزيرة التخطيط الدكتورة رانيا المشاط.
وأضافت الدماطي، "بالرغم من هذا إلا أن البنك المركزي سيكون حذرا في خفض معدلات الفائدة، حيث ستتراوح بين مستويات 1% و2%، بسبب المخاوف من تجدد الضغوط التضخمية خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية والحروب التجارية".