مبادرة إنسانية مليئة بالمحبة والعطاء، أطلقتها راهبات وطالبات مدرسة نوتردام بالإسكندرية على مدار سنوات طويلة، احتفالًا بشهر رمضان المبارك.
وفي هذه الفعالية التي تنبض بالرحمة والتكافل، اجتمع الجميع بروح من الأخوة والمودة، لتنظيم سوق خيري للملابس، لدعم الأسر الأكثر احتياجاً، في مشهد يعكس أسمى معاني التعاون والعطاء، ويُظهر قوة الروابط الإنسانية في هذا الشهر الكريم.
كشفت الراهبة محبة واصف، مديرة المدرسة، خلال لقائها مع جريدة "الشروق"، تفاصيل المبادرة التي تُنظم مرتين سنوياً: الأولى في رأس السنة والثانية خلال شهر رمضان، بمشاركة الأسر المسلمة والمسيحية؛ لتعزيز مبدأ التعايش وروح التعاون والمحبة.
-استبدال الإفطار الجماعي بتوزيع السلع الغذائية
وفي السنوات الماضية كانت المدرسة تنظم إفطارًا جماعيًا مع السوق، لكن هذا العام قررت توزيع شنط رمضانية على الأسر بدلاً منه، لتمكينهم من الإفطار مع أطفالهم وباقي أفراد العائلة في منازلهم، وتلبيةً لرغبة الكثير من الأمهات، حيث كان الإفطار يسع بعض أفراد الأسر وليس كلها.
لا تقتصر المبادرة على السوق الخيري للملابس، وتوزيع الشنط الرمضانية على الأسر المحتاجة فقط، بل تقدم أيضاً ندوات تثقيفية للأمهات، وحفلة ترفيهية للأطفال، حسبما قالت "واصف".
-30 أسرة مسلمة ومسيحية
في كل عام، تحتضن مبادرة المدرسة 50 أسرة بسيطة ترشحها الإدارة التعليمية للمشاركة -حسب الراهبة محبة- لكن هذا العام، تضمنت 30 أسرة فقط من المسلمين والمسيحيين بالتساوي، لعجز الموارد المالية عن السنوات السابقة.
-مستمرون رغم التحديات الاقتصادية
وعن التحديات، أكدت "محبة" أن المبادرة تواجه تحديات أحيانًا بسبب الظروف الاقتصادية الحالية، وتقلص التبرعات، إذ لم يعد بإمكان بعض الطالبات تقديم ما كانوا يقدمونه سابقًا، ما أثر على الكميات المتوفرة في معرض الملابس، لكن ما زالت المدرسة والمدرسين وأولياء الأمور يدعمون المبادرة لاستمرارها، مشيرةً إلى ترحيب وسعادة الطالبات بالمبادرة التي ترسخ روح التعاون والعطاء بينهن، وحرصهن على الترحيب بأطفال الأسر المشاركة، وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة منهم.
-كلنا واحد مسلم ومسيحي
"مفيش حاجة اسمها احتفالية خاصة بالمسلمين أو المسيحيين، كلنا واحد"، بهذه الكلمات بدأت أنجيل فهمي، ولية أمر، حديثها عن مشاركتها في المبادرة التي تشارك فيها منذ أكثر من 12 عامًا بالتعاون مع مسئولة اللجنة الاجتماعية بالمدرسة نيفين حسني، موضحة أنها تبدأ مع فريق المبادرة التحضير للمعرض من بداية العام الجديد، لإعداد قائمة بالمواد التموينية، والتنسيق مع الطالبات لجمع الملابس والألعاب.
وأشارت إلى استبدالهم فكرة الإفطار هذا العام بتوزيع شنط غذائية على الأسر، بسبب تزامن شهر رمضان مع الامتحانات والتقييمات، ولتسهيل الأمور على الطالبات والأسر، قائلة: "البنات متحمسين جدًا للمشاركة المجتمعية والإحساس بالآخرين، خصوصًا بعد تعبهم في تحضير شنط المواد التموينية، ومعرض الملابس والألعاب".
واختتمت حديثها قائلة: "أنا كولية أمر ولادي تخرجوا من المدرسة، لكن دائمًا حريصة على المشاركة في الأنشطة المجتمعية، لأنني أشعر بفرحة كبيرة حينما أرى الأطفال والأسر مستفيدة من كل شيء نقدمه".
-ندوات تثقيفية لتعزيز التربية الإيجابية
في إطار تعزيز دور التربية الإيجابية وتطوير سلوك الطلاب، تحرص نانسي علي، أخصائية تعديل السلوك، وولية أمر، على المشاركة الفعالة في المبادرة على مدار أكثر من 12 عامًا، رغم تخرج ابنتيها من المدرسة، إذ تساهم في تحفيز الأمهات المشاركات على تبني سلوكيات إيجابية وتوجيههن نحو تحسين أدائهن في التربية الإيجابية، من خلال تناول موضوعات تتعلق بالتربية وتقدير الذات للأطفال والمراهقين، وتوضيح بعض الأخطاء الشائعة التي يجب تجنبها في التربية.
-فرحة الطالبات وروح التضامن
وعبرت يسرا مصطفى، طالبة في الصف الثاني الثانوي، ومسئولة في المبادرة، عن سعادتها بالمشاركة في تقديم الأنشطة لأطفال هؤلاء الأسر مثل ألعاب مسرح العرائس، ورسم الوجه، وصنع الخرز، إضافةً إلى توزيع الحلويات مع زميلاتها مايا معتز، الطالبة في الصف الثاني الثانوي، والتي تتولى تنظيم فعاليات السيدات والإشراف على احتياجاتهن خلال المعرض.
أما نيجار أحمد، فقد تحدثت عن مشاركتها في مساعدة الأسر لاختيار الملابس المناسبة في المعرض، حيث تتولى هي وفريقها المكون من 8 أفراد جمع الملابس من جميع الفصول، وترتيبها وفرزها، إلى جانب ملابس الأطفال والألعاب.