حقق مسلسل لعبة الحبار "Squid Game"، نجاحا ضخما على منصة "نتفلكس"، سواء الجزء الأول أو الثاني الذي قفز إلى قمة أفضل 10 برامج على مستوى العالم على منصة البث، وحصد 68 مليون مشاهدة في أسبوعه الأول، واحتل المرتبة الأولى في 92 دولة؛ مما يدفع إلى استمرار الظاهرة الثقافية "الموجة الكورية" أو هاليو.
وبعيدًا عن مسلسل "Squid Game"، تشمل النجاحات الأخيرة الأخرى لكوريا الجنوبية فيلم "Parasite" للمخرج بونج جون هو عام 2019، والذي أصبح أول فيلم بلغة أجنبية يفوز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم، ويعتبر البعض فرقة البوب الكورية "BTS" أكبر فرقة في العالم، حيث تساهم بنحو 3.7 مليار دولار أمريكي سنويًا في الاقتصاد الكوري الجنوبي في الصادرات والاستهلاك والسياحة الوافدة، وفقًا لمنصة "ذا كونفيرزيشن".
فكيف يؤثر كل هذا النمو الثقافي والانتشار الفني على انتشار الثقافة الكورية الجنوبية والمساهمة في الاقتصاد؟
حلل سمير حسني أستاذ التسويق في جامعة رويال هولواي بلندن، هذه الظاهرة الثقافية، قائلا: "هذا النوع من التأثير الاقتصادي ليس مصادفة، بل يرجع جزئيًا إلى سياسة حكومية تبنتها كوريا الجنوبية في عام 1993، وصممت خصيصًا لتعزيز مكانة كوريا الجنوبية العالمية من خلال تصدير المنتجات الثقافية، وكانت الفكرة تتلخص في زيادة القوة الناعمة للبلاد من خلال التحول إلى مصدر دولي رئيسي للترفيه".
وقال حسني: "بدأ ارتفاع الصادرات الثقافية في أواخر تسعينيات القرن العشرين، عندما كانت الدراما الكورية تحظى بالاهتمام في البداية في الصين ثم في بلدان مجاورة أخرى وبعد ثلاثين عاما امتد الشغف بالثقافة الشعبية الكورية إلى الأفلام والرسوم المتحركة والموسيقى الشعبية".
ولا تظهر أي علامة على التباطؤ في هذا المسار، فوفقًا لأحد المسئولين التنفيذيين في شركة ديزني، فإن الاستوديوهات الغربية حريصة على الاستفادة من الاهتمام الموجه للمحتوى الكوري الجنوبي، وتستثمر شركة نتفليكس وحدها 2.5 مليار دولار أمريكي في قطاع الترفيه في كوريا الجنوبية، بحسب "ذا كونفيرزيشن".
وبفضل الثقافة الكورية، يتزايد النفوذ الكوري في مجالات مثل التجميل والمطبخ، حيث يسافر السياح الدوليون إلى ميونج دونج منطقة التسوق الرئيسية في سيول؛ لشراء مستحضرات التجميل بكميات كبيرة من منافذ مثل أوليف يونج وفيس شوب، حيث من المتوقع أن تصل سوق التجميل العالمية في كوريا إلى 18 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.
ويقال إن الطعام الكوري مثل الكيمتشي وهو طبق من الخضار المخمرة، أصبح "المفضل الجديد" لمحبي الطهي، وفقا لموقع "ذا جروسر يو كي" حيث تفتح المطاعم الكورية في المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم، بحسب "South China Morning Post".
وبشكل عام، كان لارتفاع الحضور الثقافي العالمي لكوريا الجنوبية تأثيرا اقتصاديا كبيرا، ففي عام 2023 بلغت الصادرات المتعلقة بمحتوى ومنتجات الهاليو نحو 14 مليار دولار أمريكي.
ووفقًا لبحث نشر في مجلة "تورزم مانجمينت"، فإن الأشخاص الذين يستهلكون الثقافة الشعبية الكورية هم أكثر عرضة لتكوين صورة إيجابية عن البلاد وأكثر عرضة لزيارتها.
وأوضح حسني: "تُظهر أبحاثي مع زملائي في الجامعة أن الاستهلاك عبر الإنترنت للمنتجات الثقافية الكورية الشعبية، من خلال سلوك القطيع - الظاهرة الاجتماعية المتمثلة في تقليد الآخرين - له تأثير إيجابي على السياحة في كوريا الجنوبية".