مع تصاعد التوترات الحادة في قطاع غزة، تتزايد التساؤلات حول مستقبل القضية الفلسطينية، وما إذا كانت الأحداث الجارية تمهدا لمرحلة جديدة قد تعيد رسم معادلة الصراع، ومع تعقيدات الواقع الراهن، يبقى السؤال الجوهري: إلى أين تتجه بوصلة هذا النزاع التاريخي؟
هذه الأسئلة وغيرها كانت محور نقاش صالون "إضاءات" الثقافي، الذي يرعاه المفكر السياسي الكبير د. مصطفى الفقي، وينظمه المهندس الإعلامي أحمد العصار مقدم برنامج «حوار عن قرب» على قناة TeN، حيث اجتمع نخبة من المفكرين والمثقفين البارزين لمناقشة ما يحدث الآن في غزة وتأثيره على القضية الفلسطينية.
وقدم عزت إبراهيم، رئيس تحرير الأهرام ويكلي، قراءة تحليلية معمقة حول المشهد الراهن، مستعرضًا الدلالات السياسية والاستراتيجية لما يحدث في غزة وتأثيره على مستقبل القضية الفلسطينية، كما سلط الضوء على أبرز التحديات والفرص التي قد تشكل المسار القادم للصراع في المنطقة.
وشهد صالون إضاءات الثقافي، حضور كل من: الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان السابقة، واللواء محمد أحمد مرسي وزير الدولة للإنتاج الحربي السابق، واللواء أحمد عبدالله محافظ البحر الأحمر السابق، والدكتور هشام بدر نائب رئيس هيئة الشراء الموحد بوزارة الصحة، وعمر مهنا رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، والأستاذ عماد حسين عضو مجلس الشيوخ ورئيس تحرير جريدة الشروق، والدكتور محمد الحمامي عضو مجلس النواب، وثروت الخرباوي المحامي والسياسي المعروف.
كما شارك في صالون إضاءات الثقافي، الأستاذ دكتور عمرو الأتربي نائب رئيس جامعة بدر، ومحمد الدسوقي رئيس تحرير بوابة الأهرام، والدكتور يسري نوار رئيس شركة "فايزر مصر" الأسبق، ومحمد هيبة رئيس تحرير مجلة صباح الخير الأسبق، وحسام صادق الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل السابق، وخالد قنديل رئيس مجلس إدارة شركة "إكسون موبيل" مصر الأسبق، ومصطفى عبده رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم والأخبار المسائي، والأستاذ الدكتور محمد حمزة بمكتب رئاسة الشؤون الأكاديمية بالجامعة الأمريكية، والدكتور مهندس عمرو هاشم مستشار وزير الاتصالات الأسبق ورئيس جمعية إنترنت مصر، وإسراء ممدوح الصحفية ببوابة أخبار اليوم.
المتغيرات الدولية وتأثيرها على غزة
في صالون إضاءات الثقافي، استعرض عزت إبراهيم، التحولات الجيوسياسية التي تؤثر على المشهد الفلسطيني، وأوضح أن المنافسة بين القوى الكبرى تحكم السلوك الأمريكي، حيث تسعى واشنطن لمواجهة الصين عبر توافق مع روسيا، مع إضعاف الحلفاء التقليديين في أوروبا لصالح تيارات يمينية متحالفة مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
وكشف إبراهيم في صالون إضاءات، أن القرار الأمريكي بشأن غزة ليس محكومًا فقط بالمصالح الاستراتيجية، بل يتأثر بقوى داخلية متباينة، من الليبراليين اليهود الداعمين لحل الدولتين، إلى المسيحية الصهيونية التي ترى في الضفة الغربية جزءًا من مشروعها العقائدي، ما يجعل السياسة الأمريكية متأرجحة بين هذه التوجهات.
وأشار إلى أن واشنطن تبنت رؤية اليمين الإسرائيلي بإنكار حل الدولتين، وأظهرت خطط لتهجير الفلسطينيين، ورغم التنديد الدولي، اصطف الداخل الأمريكي لدعم إسرائيل.
الدور المصري في القضية الفلسطينية
وأكد إبراهيم أن مصر تصدّت بحزم منذ اللحظة الأولى لأي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية، حيث لعبت دورًا محوريًا في رفض تهجير الفلسطينيين، وسارعت بتقديم مساعدات إنسانية ضخمة، كما قادت جهودًا دبلوماسية مكثفة لحماية الحقوق الفلسطينية ومنع فرض واقع جديد يخدم أجندات الاحتلال.
ولخص العقبات الكبرى التي تعرقل الحلول السياسية في غزة، والتي تكمن في ثلاث نقاط محورية: أولًا، رفض اليمين الإسرائيلي الانسحاب من غزة، ما يعزز سيطرة إسرائيل على المنطقة، ثانيًا، استمرار الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل تحت إدارة ترامب، ثالثًا، غياب التوافق الفلسطيني، ما يصعب تنسيق الجهود لمواجهة هذه التحديات بشكل فعال.
الأبعاد الدولية للصراع في غزة
وجاء تعقيب الدكتور أسامة السعيد رئيس تحرير صحيفة الأخبار، ليقدم رؤية واسعة حول الأبعاد الدولية للأحداث الحالية.
وأكد الدكتور أسامة السعيد، أن الولايات المتحدة ركزت اهتمامها بشكل خاص على بحر الصين الجنوبي والصراع في تايوان، معتبرةً أن هذا هو التحدي الأكبر لها، فيما اعتبرت المنطقة العربية جزءًا من هذه الرؤية الاستراتيجية، حيث بدأوا في محاولة تفكيك المنطقة على أسس طائفية لتقوية مصالحهم، وبرزت إسرائيل في هذا السياق كدولة مركزية تسعى للهيمنة على شبكة المصالح الإقليمية.
وأشار الدكتور أسامة خلال صالون إضاءات، إلى أن العدوان الأخير لم يكن مجرد رد فعل على هجمات 7 أكتوبر التي قامت بها الفصائل الفلسطينية، بل كان جزءًا من خطة مستمرة تهدف إلى إبادة الفلسطينيين في غزة، وأن ما يجري ليس مجرد فوضى سياسية عابرة، بل هو جزء من محاولة أمريكية وإسرائيلية لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفقًا لمصالحهما الاستراتيجية.