قصة أهل الكهف.. بين المسرحية والفيلم - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 1:48 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قصة أهل الكهف.. بين المسرحية والفيلم

محمود عماد
نشر في: السبت 22 يونيو 2024 - 11:18 م | آخر تحديث: السبت 22 يونيو 2024 - 11:18 م


عادت مسرحية أهل الكهف للكاتب الكبير توفيق الحكيم في تصدر المشهد الأدبي والثقافي، وذلك مع بدأ عرض فيلم أهل الكهف بدور العرض السينمائية بالتزامن مع موسم أفلام عيد الأضحى المبارك.

الفيلم من بطولة النجم خالد النبوي، وسيناريو وحوار ومعالجة سينمائية للكاتب والسيناريست أيمن بهجت قمر، ومن إخراج عمرو عرفة، وبطولة مجموعة كبيرة من الفنانين من ضمنهم محمد فراج، محمد ممدوح، مصطفى فهمي، غادة عادل، وآخرين.

والفيلم مقتبس من مسرحية أهل الكهف للكاتب الكبير توفيق الحكيم أبو المسرح العربي، والتي كانت أول أعماله المسرحية حين كتبها الكاتب الشاب في وقتها وذلك عام 1929، ونشرت في عام 1933، وكانت بداية لنشأة تيار مسرحي جديد بالنسبة للمسرح المصري والعربي وهو تيار "المسرح الذهني"، المقابل للمسرح التقليدي، حيث كان الغرض منه أن يكون مقروءًا وليس قابلا للأداء من قبل الممثلين.

ويعرف أنه من الصعب أن يتم أداؤه أمام الجمهور، إذ كتب ليخاطب الذهن والفكر، وكانت "أهل الكهف" أول العروض المسرحية التي عرضت في افتتاح المسرح القومي، عام 1935، من إخراج زكي طليمات، إلا أنها فشلت بسبب أن المسرح الذهني فن صعب على الجمهور استيعابه؛ لذا أعيدت طباعة المسرحية عدة مرات مع بعض دور النشر، وكان آخرها دار الشروق.

ويطرق توفيق الحكيم في مسرحية "أهل الكهف"، باب القصص الديني ليأخذ من قصة أهل الكهف الشهيرة نقطة انطلاق لمسرحيته دامجًا القصص القرآني، مع الإنجيلي بمعالجة إنسانية؛ ليصنع قصته هو ورؤيته لقصة أهل الكهف، هنا يكون الإنسان هو البطل هو محور الأحداث، ولكن ليس بالأفراد بل بماهية الإنسان ومعنى وجوده، ويتحقق ذلك عن طريق ثلاث شخصيات "مرنوش، مشلينيا، ويمليخا".

فكان مرنوش ومشلينيا هما ساعدا الملك الرومي الظالم دقيانوس محارب المسيحية الأول، ومقيم المذابح لأهل الدين المسيحي اللذان يعتنقان الدين المسيحي، ويحب مشلينيا ابنة الملك بريسكا التي تعتنق هي الأخرى المسيحية تحت اسم الحب، فيما تقع رسالة من مشلينيا إلى بريسكا في يدي الملك فيهرب ساعداه خوفا من الموت والتنكيل؛ ليلتقيا بالراعي يمليخا وكلبه قطمير فيخفيهما في الكهف، ومنها تنطلق شرارة الحكاية.

ومنذ دخول الكهف لأول مرة وتتفجر بعض الأسئلة حول حقيقة إيمان مرنوش ومشلينيا وقوته، وحول إيمان الراعي البسيط يمليخا، ثم بعد ذلك اكتشافهم من قبل الناس القديسين الذين استيقظوا بعد طول سبات ليجدوا كل شئ تغير الأهل اختفوا، والمدينة تبدلت، والملك الظالم مات، والمسيحية أصبحت دين الدولة مرت ثلاثمائة عام شعروا بها يوم أو بعض يوم.

ويستيقظوا لتبدأ الأسئلة الوجودية في التجلي بقوة يعاملون معاملة القديسين الذين هبطوا من السماء إلى الأرض، يكرمهم الملك ولكنهم يشعروا بغربة عن هذا الزمان، ومع اقتناعهم بالحقيقة وأنهم خلدوا إلى النوم بالفعل ثلاثمائة عام يكتشفون ضياع كل شيء، فمرنوش ضاع ابنه وزوجته توفيت، وما زال هو حيا.

لكن مشلينيا أضاع حبيبته بريسكا، التي انتظرته حتى الموت حتى ظن الجميع أنها قديسة، أما يمليخا فوجد غنمه الذي ربطه بالعالم قد رحل هو الآخر.

وجد الثلاثة أن الزمان قد تغير، والملابس تغيرت، وشكل الطرق والبيوت تغير كل شيء لم يعد يربطهم بعالمهم سؤال عن هويتهم ومعنى وجودهم في هذه الحياة صراع الإنسان مع الوقت والزمن، بل ومع التاريخ ماذا سيقول التاريخ؟ وماذا سيسجل؟، وصراع ماهية الحياة معنى وجود الإنسان في هذه الحياة، وهل حياته حقيقة أم مجرد حلم؟.

ويتجلى أيضا سؤال الإله والدين، وعدم استيعاب العقل البشري لفهم القدرة الإلهية والحكمة السماوية مما حدث، والتأكيد على أن هنالك أسئلة أصعب من أن يتحملها العقل البشري أو أن يستطيع الإجابة عليها.

ويتجلى أيضا سؤال الحب والتضحية بقوة في أحداث المسرحية عن طريق الخط الدرامي لشخصية مشلينيا الذي يحب بنت الملك دقيانوس، ويقنعها بالدخول في المسيحية من أجل الحب وتنتظره بعد غيابه لسنوات؛ لتحفظ عهده حتى يعتقد الجميع أنها قديسة، ثم نرى بعد الثلاثمائة سنة يرى مشلينيا بريسكا الحفيدة التي تشبه جدتها في الشكل، وتملك صليبها العهد الخاص به، ولكنها شخصية مختلفة أكثر نضجا وأكثر ثقافة من بريسكا حبيبته الأولى.

ونرى في البداية عندما يظن أنها بريسكا حبيبته كيف يكون محبا للحياة قلبه متفجرا بالحب فلا يرى عقله ما يحدث يعميه الحب عن كل شيء مثله مثل صديقه مرنوش، الذي كان يعميه حب ابنه وزوجته وعندما يكتشف الحقيقة وتنقشع الغمامة يرحل عائدا إلى الكهف مع يمليخا الذي انقطع اتصاله بالعالم وعاد إلى الكهف.

وبعدما يرى مشلينيا الحقيقة هو الآخر يكتشف الهوة السحيقة التي وقعوا فيها، يكتشف ابتعادهم عن هذا الزمان ثلاثمائة عام يكتشف أن كل شيء قد ضاع في هذه السنوات التي مرت كاليوم، وأن كل شيء قد انتهى بعد انطفاء نار الحب فلم يعد له هدف للحياة بل ثلاثتهم لم يعد لهم هدف للحياة، فاختاروا العودة لكل ما يربطهم بعالمهم القديم الكهف تلك البوابة السحرية.

ولكن يقع مشلينيا في حب بريسكا الحفيدة، ونكتشف وقوعها هي أيضا في حبه فيتجدد لديه الأمل في الحياة، ولكن بعد فوات الأوان فقوة الحب لم تستطع أن تقف أمام قوة التاريخ والزمن، ولكننا نرى تضحية بريسكا بالاتحاد مع مشلينيا، والموت مع أهل الكهف باسم الحب ومن أجل العشق على أمل أن يلتقيا في عالم آخر أفضل لا يكون فيه أهل الكهف قديسين هابطين من السماء، لا يصلحوا للعيش مع البشر العاديين فالقديسين مكانهم السماء لا الأرض.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك