رحيل الدكتور فتحي هاشم.. صديق نجيب محفوظ الذي أنقذه من محاولة الاغتيال - شهادات وصور خاصة - بوابة الشروق
الجمعة 13 سبتمبر 2024 1:10 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رحيل الدكتور فتحي هاشم.. صديق نجيب محفوظ الذي أنقذه من محاولة الاغتيال - شهادات وصور خاصة

نجيب محفوظ وفتحي هاشم
نجيب محفوظ وفتحي هاشم
محمد حسين
نشر في: الجمعة 23 أغسطس 2024 - 5:05 م | آخر تحديث: الجمعة 23 أغسطس 2024 - 6:41 م

قبل سنوات وجه فتحي هاشم رسالة إلى أديب نوبل: وحشتني.. العالم بلا أصدقاء في غيابك

تقدم مصر أكثر ما كان يسعده.. واحتياج الإنسان أكثر ما كان يحزنه

* الصور مهداة من الكاتب الصحفي الأستاذ سيد محمود

شُيعت اليوم جنازة فتحي هاشم، أحد الأصدقاء المقربين للأديب الكبير نجيب محفوظ، اليوم، عقب صلاة الجمعة من مسجد فاطمة الشربتلي بالتجمع الخامس.

ونعاه الناقد والكاتب الصحفي الكبير سيد محمود عبر صفحته على فيسبوك، قائلا: انتقل الى رحمة الله تعالى اليوم الدكتور فتحي هاشم والد الزميل العزيز رامي بالأهرام إبدو وهو الرجل الذي تسبب في إنقاذ نجيب محفوظ ساعة محاولة اغتياله فقد كان الى جواره في سيارته وهو من نقله على الفور الى مستشفى الشرطة، وبفضل الله ورعايته ساهم بوعيه الطبي في انقاذه".

وأضاف محمود، عن سيرة الراحل:" كان أحد أشد تلاميذ محفوظ اخلاصا، عرفته في صالون صديقي الأستاذ سعيد عيد،و لم أقصده في شيء من أجل نجيب محفوظ إلا وتحمس له وآخرها في مايو الماضي؛حيث دعوته لتصوير وثائقي حول صحبة نجيب واستجاب رغم تراجع حالته الصحية لكن سيرة محفوظ اضاءت ذاكرته واستدعت فصولا من المحبة الخالصة".

وواصل محمود:"حدثني عن رحلة صحب فيها محفوظ بالسيارة إلى الإسكندرية وكيف اندهش مما اصاب الطريق من تغييرات كما تحدث عن لقاء جمعه بعد سنوات من محاولة الاغتيال في مزرعة للخيول مع والد الشاب الجهادي الذي حاول اغتيال محفوظ وكيف تعاطف مع فقره وأدرك السبب الحقيقي للإرهاب، كما روي لي واقعة نصب عالمية على نجيب محفوظ أخذت جزءا من القيمة المالية لنوبل".
وبعد رحيله، نطل على محطات من سيرة الدكتور هاشم، ونتوقف عند ذكريات جمعته خلال رحلة صحبته للأديب الكبير نجيب محفوظ، وشهادته على لحظاتها العصيبة، ومشاهداته لتفاصيل

هتفضل توحشني لغاية ما أحصلك!

وبذكر الموت، تأثر الدكتور فتحي هاشم برحيل صديقه نجيب محفوظ، وعبر عن شعوره، في حوار للشروق أجراه الزميل إسماعيل الأشول، بقوله:" إني كنت أعلم كطبيب أن حالته ميئوس منها لكن كان عندي أمل.. ذهبت إلى الجنازة وصلينا عليه في جامع الحسين، وانتهت الجنازة في مدافن الأسرة بمدينة 6 أكتوبر".

وعن رسالته لمحفوظ:"قال بصوت مختنق: "أقوله له: وحشتني.. وحشتني جدا.. وهتفضل توحشني لغاية ما أحصلك.. العالم بدون أصدقاء.. وأصدقائي أكثر من أثروا في حياتي.. أكثر من أبويا الله يرحمه.. أبويا مات مريضا.. وقد أخذت على بعد الأعزاء والمحبين بالتدريج.. لكنهم كانوا جزءا مني.. أو أنا كنت جزءا منهم.. وأحبهم حبا لا أول له ولا آخر".

ترتيب القدر بين الإسكندرية وكازينو قصر النيل ..كيف كان اللقاء الأول مع نجيب محفوظ؟

وروى الدكتور هاشم، في حواره مع الشروق، قصة لقاءه الأول مع الكاتب الكبير، وقال بأن صدق تعبير محفوظ عن الطبقة الوسطى في مصر، دفعه دفعًا، وهو ما يزال طالبًا بالجامعة، إلى السعي من أجل لقاءه، وهو ما كان لأول مرة في حديقة المنتزه ذات يوم من إجازة منتصف العام بالإسكندرية، حيث التقى محفوظ مع أسرته.

وتابع هاشم: "سألته في رواياته، فكان رده: أنصحك بمزيد من القراءة.. دع الأسئلة لوقت لاحق"، هذا ما حدث في أول لقاء. وواصل بحديثه عن اللقاء الثاني، في حواره الذي نشرته الشروق في ديسمبر 2018،والذي كان مصادفة في وسط القاهرة، بشارع قصر النيل، وهناك أخبر محفوظ الرجل الذي سيمنحه القدر دورًا مهمًا في إنقاذ حياته، أنه يذهب كل جمعة إلى كازينو قصر النيل، في لقاء يمتد من الساعة الخامسة وحتى الثامنة والنصف من مساء اليوم، ومنذ ذلك الحين، توطدت العلاقة، ولم يفترق الاثنان إلا برحيل أديب نوبل.

تكليف قدري بإنقاذ حياة نجيب محفوظ

فصل آخر من القدر جمع بين الدكتور هاشم والأستاذ نجيب محفوظ، وإن كان في تلك المرة شهادة على لحظة عصيبة فارقة، بمحاولة اغتيال لأديب نوبل على يد أحد العناصر المتطرفة، تمثلت رحمة الأقدار حينها في وجود الدكتور هاشم رفقة نجيب محفوظ، ليكون سببا رئيسا في إنقاذ حياته.

وعن تفاصيل تلك الحادثة، يقول الكاتب رجاء النقاش في كتابه "صفحات ن مذكرات نجيب محفوظ" الصادر عن دار الشروق،" كان الكاتب الكبير يستعد للذهاب كعادته كل يوم جمعة إلى ندوته الأسبوعية التي يلتقى فيها أصدقاءه وتلاميذه ومريديه في كازينو «قصر النيل». أمام المنزل كان صديقه الدكتور البيطرى فتحى هاشم يقف في انتظاره لينقله إلى الكازينو بسيارته «الفيات . ريجاتا» الحمراء والتي تحمل رقم ٣٢٨٧٩٦ ملاکی القاهرة".

ويكمل النقاش:" وبمجرد أن جلس نجيب محفوظ في المقعد الأمامي للسيارة، واستدار الطبيب فتحى هاشم ناحية الباب الآخر للسيارة وهم بفتحه اقترب أحد الأشخاص من نجيب محفوظ. في البداية ظن الكاتب الكبير أنه واحد من القراء يتوجه لمصافحته كما اعتاد منذ سنوات طويلة خاصة في فترة ما بعد حصوله على جائزة نوبل ولكن الشخص الغريب باغته واستل «مطواة» وطعنه بها في رقبته محدثا جرحا. غائرا ولاذ بالفرار. وحدث ارتباك شديد في المكان مما أدى إلى تضارب في سرد واقعة هروب المجرم حيث قال البعض إنه هرب في سيارة مرسيدس صفراء كانت بانتظاره، وهو ما ثبت عدم صحته فيما بعد. فقد استغل المجرم حالة الفوضى والارتباك التي أحدثها وفر على قدميه ليلتقى بباقى المجموعة الإرهابية في مكان قريب من بيت نجيب محفوظ. ولم يتمكن الطبيب فتحى هاشم من ملاحقة المجرم لأنه انشغل في إسعاف نجيب محفوظ، وكان تصرفه سليما. فقد أسرع بتوصيل الكاتب الكبير إلى مستشفي الشرطة بالعجوزة والذي يقع على بعد أقل من دقيقة واحدة من مكان الحادث، وأدخل محفوظ على الفور إلى غرفة العمليات وهو ينزف، وتم استدعاء عدد كبير من أهم الأطباء المصريين لمتابعة حالة نجيب محفوظ.

مطواة صدئة في رقبة أديب نوبل

وبصورة أكثر قربًا، نقل الدكتور تحي هاشم تفاصيل الواقعة التي كان بطلها، في حواره مع الشروق، بقوله:" اعتاد الأستاذ نجيب الوقوف قليلًا أمام باب منزله قبل أن أحضر بالسيارة لأقله إلى تلك اللقاءات، وفي الغالب كان يفضل الانتظار إلى أن أطرق الباب. كنت أترجل من سيارتي وأسير معه عدة خطوات قبل أن أفتح له باب السيارة الأيمن ليجلس، ثم أعود لأجلس في كرسي القيادة".

ويكمل هاشم "مددت يدي لأفتح الباب لنفسي بعدما أجلست الأستاذ نجيب، وفجأة، شعرت بأن السيارة تهتز، والأستاذ يتأوه متألمًا، فنظرت فإذا بالجاني يختبىء خلف قائم السيارة فلم أر سوى عينيه، صرخت في ذلك الشاب: بتعمل إيه يا مجنون.. مش عارف ده مين؟ ده الأستاذ نجيب.. فنظر لي الجاني نظرة سريعة وانطلق هاربًا".
وفي طريق إنقاذه ، يروي هاشم:"وجدت مطواة صدئة لها يد من خشب فوق كتف الأستاذ نجيب، فسحبتها ورميتها على الأرض، وكانت هذه غلطة مني لأن وجودها في مكان الإصابة يقلل النزيف، لكن لم أكن أعرف أنها داخل رقبته".

وانطلق هاشم لبوابة المستشفى بالسيارة، واضعًا يده باستمرار فوق زر آلة التنبيه حتى احترق جهاز التنبيه بالسيارة، و أتاه طبيب يرتدي البالطو الأبيض فوق بنطلون يدل على كونه ضابط طبيب، ليسأله: إيه الدوشة اللي انت عاملها دي؟ فيرد هاشم: وأعمل دوشة كمان وكمان.. اللي معايا الأستاذ نجيب محفوظ وتعرض للطعن ولازم ننقذه".

مشاهد من ندوات نجيب محفوظ

ويرسم هاشم صورة مقربة لأجواء ندوات ولقاءات الأستاذ نجيب محفوظ، في حواره مع الزميل إسماعيل الأشول ،فيقول: "ذات مرة اشتبك أديب وناقد يساري مع مهندس مدني، في مشادة لفظية، وكانا يجلسان على طرف المائدة التي تجمعنا، والأستاذ نجيب وأنا جوار الحائط، ولم يتمالك أحدهما نفسه وألقى بكوب ماء نحو الآخر، وكادا يشتبكان بالأيدي، فانتبه الأستاذ نجيب إلى وجود حركة غير عادية، وسألني: في إيه بالظبط؟ فقلت له: حاجة بسيطة.. تراشق وانتهى، فطرق الأستاذ نجيب محفوظ على المائدة بصوت مسموع، وقال بصوته الجهوري: احنا قاعدين هنا بنتكلم، ونتناقش، وإما نصل أو لا نصل إلى اتفاق.. وسيلة التفاهم والتخاطب هنا هي الكلام، ومن لديه وسيلة أخرى للتفاهم فمن فضله ألا يأتي هنا مرة أخرى، ثم طرق على المائدة بضعة طرقات، فوقف الاثنان في نفس اللحظة وتبادلا الاعتذار، وانتهى الموضوع".

النكت الحراقة.. الحس الساخر في شخصية نجيب محفوظ

ويستدرك هاشم، لكن هذه الجدية، لم تحل دون استمتاع الأستاذ نجيب بالنكات، والاستماع إليها مبتسمًا في لقاءاته، بل وحتى التي يصنفها البعض بأنها "نكات خارجة"، كما يقول هاشم. "الأستاذ نجيب كان بيموت في النكت وحتى الخارجة منها.. ساعات النكتة تبقى حراقة فلازم تضحك عليها، وقد كان يتمتع الأستاذ بحس ساخر لا يخفى على أحد"

لقراة الحوار كاملا أضغط هنا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك