قصة الأختين هنا وشفا.. نصوص شيقة للأطفال عن التعاون والتشارك - بوابة الشروق
الخميس 3 أكتوبر 2024 2:28 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قصة الأختين هنا وشفا.. نصوص شيقة للأطفال عن التعاون والتشارك

أسماء سعد
نشر في: الجمعة 25 فبراير 2022 - 8:09 م | آخر تحديث: الجمعة 25 فبراير 2022 - 8:09 م
رسومات رقمية تثرى التفاصيل الواردة في أحدث أعمال هديل غنيم وعلى الزيني

«مجموعة من القيم الإيجابية، والأحداث الرشيقة السريعة، تمتزج مع رسومات مشبعة وبديعة» هى الانطباعات الأولى التى تتكون بمجرد مطالعة قصة الأختين هنا وشفا أحدث إصدارات الكاتبة هديل غنيم. يبدأ الكتاب، الصادر عن دار الشروق، بالتعريف بمهارات وقدرات وإمكانات كل من الأختين «هنا وشفا»، وكونهما مسئولين عن مطعم ناجح فى قرية «أبو الريش»، فكل من «الدجاجتين» هنا وشفا تمتلكان مهارات خاصة تميز كلا من الأختين عن الأخرى، لنكون أمام رسائل حميدة يتم تقديمها للقارئ الطفل بفضيلة «التعاون والتشارك»؛ حيث تحرص الأختان على تقوية جهود التعاون فيما بينهما لكى يصبح مطعمهما فى أقصى حالات نجاحه.
«هنا فنانة فى عمل أكل شهى ولذيذ الطعم، تعرف الكثير عن النكهات والتوابل، وتفهم فى الحلو والحار والمنعش، وما يذوب وما يقرمش! شفا خبيرة فى عمل أكل صحى ومفيد للجسم، تعرف الكثير عن فوائد المكونات الطبيعية، وتفهم فى الألياف والبروتين، والمعادن والفيتامين!».
مع المضى فى الأحداث بشكل سلس وممتع بفضل تمكن الكاتبة هديل غنيم من أدواتها فى السرد والحكى الشيق، ومع أصداء النجاح وإعجاب أهل القرية بما تقدمه الأختين «هنا وشفا»، تبدأ الخلافات تدب بين الشريكتين؛ حيث اهتمام كبير من هنا بالمذاق على حساب القيمة الغذائية فى الطعام، واهتمام شفا بالمكونات الصحية على حساب الطعم الشهى، فتقرر كل منهما الانفصال.
التوزيع المريح للكلمات وسط الرسومات، وتراوحها بين الصفحة تلو الأخرى، دون مط أو تطويل، يساعد القارئ على التهام صفحات القصة دون لحظة ملل واحدة؛ حيث تمضى بنا الأحداث لتكتشف الأختان قدرة كل منهما حينما أرادت كل منهما الاستقلال بمشروعها فقط.
ويظل كل من الكاتبة هديل غنيم والفنان صاحب الرسومات على الزينى على قدر كبير من الاحترافية فى إحداث مزيج «النص والصورة« منذ اللحظات الأولى لبداية العمل وحتى نهايته، إلى أن يصل القارئ للمحطة الختامية التى يكتشف فيها ماذا سيحدث للأختين، ويتعمد الكتاب إبراز أهمية «التعاون»، وإعلاء القيم الإيجابية على الرغبات الأنانية والتفكير المطلق فى الذات، حيث يخرج الأطفال من تلك القصة بمجموعة من الدروس المبطنة والرسائل العذبة التى تعود عليهم بالنفع حال تطبيقها فى حياتهم العملية دون شك.
أسلوب رشيق
حافظت الكاتبة هديل غنيم على أسلوب رشيق، يناسب الكبار والأطفال فى مطالعة العمل الذى امتاز الأسلوب فيه بالخفة والانطلاق، وقد جاء فى شكل «سرد» بشكله المعتاد لسطور متراصة تحكى تفاصيل القصة، ممزوج مع تعليقات جانبية تتوسط الصفحات للأشكال المكتوبة؛ حيث يعلق زبائن المطعم على أكل هنا وشفا، أو يبدى أحد المارة رأيه فى مسألة ما، مما أضفى حيوية كبيرة على النص، وأدى لتسرب إحساس لدى القارئ بحالة تفاعل محببة بين كل مكونات العمل.
«السُّكانُ فى قريةِ أبو الرِّيش يُحبُّونَ الأكلَ فى «مَطْعمِ الأُختَيْن» هَنا فنَّانةٌ، أكلُها لَذيذٌ.. لَذِيذ.. شِفا خَبِيرةٌ، أكلُها مُفيدٌ.. مُفيد. ماذا يَحدثُ حِينَ تَنفصِلُ هَنا عنْ شِفا؟.. قِصةُ الأُختَيْن «هَنا وشِفا» كُوميديا ظَريفةٌ ونقار، وأكْلٌ مُفيدٌ وَبهَار!».
الأسلوب الشيق لهديل غنيم، يعود بالأساس إلى حالة التمكن وتوظيف رصيد الخبرات والنجاحات السابقة فى الأعمال التى تتصدى لها، فغنيم كاتبة مصرية، تعيش فى الولايات المتحدة الأمريكية، درست العلوم السياسية فى جامعة القاهرة، كما حصلت على ماجستير فى الثقافة والمجتمع من جامعة لندن، وكتبت رسالتها عن تمصير مجلة ميكى.
طاقة الخيال والإبداع الكامنة فى قصة الأختين هنا وشفا، يبررها تنوع كتابات غنيم السابقة ما بين الكتابة القصصية الخيالية والنصوص النثرية غير التخيلية، من مؤلفاتها للأطفال «ليالى شهر زيزى: حكاية داخل حكاية داخل حكاية» الذى فاز بجائزة اتصالات لكتاب الطفل عام ۲۰۲۰ (فئة كتاب العام)، و«سنة فى قنا»، الذى ترشح لجائزة كتاب العام لليافعين، و«هذه عدساتك يا عبلة» الذى رشح لجائزة أفضل نص من قبل الملتقى العربى لناشرى كتب الأطفال عام ۲۰۲۱، وتكتب هديل باللغتين العربية والإنجليزية.
حالة النجاح والاحتفاء التى أحاطت بأحدث مؤلفات غنيم، تأتى لتكون بمثابة حلقة جديدة فى سلسلة نجاح الكاتبة التى سبق لها وأن نشرت كتاباتها فى مجلات ومواقع أدبية عربية وأجنبية ومؤخرا كتبت أغنيات للأطفال صدرت ضمن ألبوم «عفرتة» فى عام ۲۰۲۲.
رسومات بديعة
كما جاء النص على قدر كبير من الجاذبية والرشاقة والاتساق الكامل مع عالم الأطفال وتصوراتهم الحالمة، برزت أيضا الرسوم التى أبدعها الرسام على الزينى لتضفى لمسة إبداعية على كتاب «قصة الأختين هنا وشفا»، وتتأكد منذ الوهلة الأولى أن ثمة سر وراء تلك الرسوم المشبعة بالألوان الغنية، التى تحتل كامل مساحات الصفحات وتتداخل معها فى مزيج مريح للعين، ساهم بشكل حقيقى فى إثراء العمل.
ومع مطالعة الصفحات الأخيرة من الكتاب، تكتشف أن على الزينى قام برسم كتاب «قصة الأختين هنا وشفا» بتقنية الرسم الرقمى عن طريق موبایل استوديو برو ببرنامج فوتوشوب باستخدام فرش خصيصة للقصة لإضافة تأثير جميل خاص بها، وهو ما يضعنا أمام إدراك إيجابى لضرورة مجاراة تطلعات الجيل الجديد من الأطفال واليافعين المطلعين على الرسومات الرقمية غير التقليدية، ليصبح الكتاب بنصوصه ورسوماته مادة قادرة على جذبهم وتعويدهم على القراءة غير المنفصلة عن الواقع.
وللمفارقة فإن الرسومات البديعة لعلى الزينى؛ وهو رسام مصرى من مواليد ۱۹۸۹، يعيش فى الإسكندرية، تعود لفنان بدأ حياته العملية بعيدا عن مجال الرسم، ولكن نظرا لحبه للفن وعشقه للرسم منذ طفولته، عاد ليدرس الفنون الجميلة وينطلق فى إبداع رسوم الكثير والكثير من كتب الأطفال، وقد فازت كتبه بالعديد من الجوائز: منها جائزة الشارقة لكتاب الطفل عام ۲۰۱۸، وجائزة اتصالات الكتاب الطفل عن فئة أفضل رسوم عام ۲۰۱۹، وجائزة الملتقى العربى لناشرى كتب الأطفال عام ۲۰۲۰ عن فئة أفضل رسوم، وجائزة اتصالات عام ۲۰۲۱ عن فئة الكوميكس.
ولا تقتصر عناصر الجذب على طبيعة الرسومات المختلفة، ولا الألوان شديدة التطابق مع المحتوى المرسوم المتنوع المتعلق بالطعام والإناءات التى تحتوى على مكونات عمل الأختين هنا وشفا، وإنما يضاف إلى ذلك عناية واضحة واهتمام شديد بالتفاصيل، فى الرسومات، فمشهد واحد يدور داخل أحداث القصة، تجد معه كما مهولا من التفاصيل المرسومة ببراعة واقتدار، مع ألوان مشبعة للغاية، مكونات مبهرة متعلقة بالطعام، وذلك إلى جانب طباعة فاخرة للصفحات فى «قصة الأختين هنا وشفا» تناسب الرغبة فى جذب انتباه الأطفال وخلق علاقة انجذاب مع المضمون المكتوب والرسومات.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك